عطاء المرأة الإماراتية: تاريخ وقيم

بقلم/ دكتورة فاطمة محمد خميس

تم الإعلان عن 28 أغسطس “يوم المرأة الإماراتية” لأول مرة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية “أم الإمارات”. وجاء الإعلان تزامناً مع ذكرى تأسيس الاتحاد النسائي العام في اليوم نفسه من عام 1975 ليصبح يوما سنويا للاحتفال بإنجازات المرأة الإماراتية في خدمة وطنها. وهي إنجازات لا تزال تضيف رصيداً مميزاً في نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التمكين والتوازن بين الجنسين. ولعل من الشهادات الدولية الأحدث على هذا النجاح تقرير “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022″ عن البنك الدولي الذي احتلت فيه دولة الإمارات المركز الأول على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولعل أبرز إنجازات المرأة الإماراتية تتمثل في مجال التمثيل الحكومي، ومجال الأعمال، وتجربتها البرلمانية من خلال المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات. ولا يلغي ذلك إنجازاتها الأخرى في مجالات العلوم والتعليم والصحة وغيرها مما أهّل لإنجاز إماراتي آخر وهو المساواة بين أجور الرجل والمرأة عند تساوي قيمة العمل والجهد فيه. وهذه خطوة تحسب لدولة الإمارات العربية المتحدة في حين أن دول متقدمة كثيرة لاتزال المرأة تعاني فيها على صعيد تساوي الأجور بين الجنسين.
وللمرأة الإماراتية صفات قيادية متصلة بقيم مجتمع عربي أصيل ودين لم يفرّق بين المرأة والرجل، ولعلّ أحد أقوى الشواهد التاريخية على تلك القيم ما التقطته عدسات المؤرخين الغربيين لمجتمع الإمارات قبل النفط. فمشاهد المرأة الإماراتية وهي تساعد في حلّ الرحال مثلا أو جلب الماء أو إعداد الطعام تعكس شظف العيش حينها ومشقة تلك المهام اليومية، مما يعكس قوة المرأة وجلدها والتزامها بدورها في المجتمع. والشاهد هنا أن قدرات المرأة الإماراتية وكفاءتها لا تُختصر في خمسة عقود وحسب من العمر المديد – بإذن الله – لدولة الإمارات العربية المتحدة. فلولا الجذور الأصيلة للمجتمع الإماراتي وقيمه الراسخة لما كان لكل تلك الإنجازات أن تتحقق، فالمال وحده لا يصنع الحضارات وإنّما القيم التي تصقل أفرادها رجالاً ونساء. وهذه حقيقة مهمة لا بد من استحضارها في كل الأوقات لا سيّما وأن الحضارات الأخرى في عصرنا الحالي باتت تنادي بأهمية تلك القيم بعد تجارب كثيرة وقاسية.
وها هي مقولة تؤيد تلك الحقيقة وهي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها الحديثة ” الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط، ولا فائدة في المال إذا لم يسخّر لخدمة الشعب”. وفي ذلك ما يثبت الرؤية الاستشرافية الثاقبة للمغفور له والتي حرص على التعهد باستمرارها خلفه الصالح بدءاً بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله ووصولاً إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة أبو ظبي. وفي كل تلك الرؤى تساوت المرأة مع شقيقها الرجل وتعهدت القيادة الإماراتية بتعليمها وإتاحة فرص العمل لها في كافة المجالات ليمتد بذلك عطاؤها التاريخي لمجتمعها بصورة تتكامل وعطاء شقيقها الرجل.