القاهرة-(د ب أ):
قالت الفنانة التشكيلية الكويتية، ثريا البقصمي، إن حال الحركة التشكيلية العربية “ليس مبهرا”، وإن التشكيليين العرب يعانون من التجاهل الإعلامي وغياب النقد وعدم القدرة على تسويق أعمالهم الفنية.
وأشارت البقصمي، في مقابلة جرت عبر الانترنت مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إلى أن الفنانين العرب بحاجة لاكتساب خبرات في مجال التسويق، خاصة مع غياب الدور المؤسسي في هذا المجال، لافتة إلى أن المتاحف الفنية التي أقيمت بالمنطقة العربية “ترصد مبالغ خيالية لاقتناء أعمال الفنانين الذي ينتمون للغرب، وتتجاهل بشكل تام اقتناء أعمال الفنانين العرب”.
وشددت على ضرورة وجود مؤسسات ذات خبرة في تسويق الأعمال الفنية، إلى جانب أهمية الدور الإعلامي في متابعة أنشطة التشكيليين بالعالم العربي.
وحول رؤيتها لحاضر ومستقبل الحركة التشكيلية العربية، قالت البقصمي إن الحركة التشكيلية العربية تعاني من غياب النقد الكافي، مؤكدة أن “النقد الفني موجود، ولكنه ليس بالشكل الكافي الذي يمكنه من متابعة ما يجري على الساحة التشكيلية ببلدان العالم العربي”.
وقالت إنه رغم كل المشكلات التي تواجه الفنانين العرب ، فإن الحركة التشكيلية في البلدان العربية “لا بأس بها، وذلك بفضل جهود كل فنان من أجل إثبات وجوده من خلال المشاركة بالمعارض والملتقيات التشكيلية، وسعي الفنانين الشباب لشق طريقهم واكتساب الخبرات التي تؤهلهم لشق طريقهم نحو العالمية”.
وحول رؤيتها للعلاقة بين الحركة التشكيلية العربية والعالمية، أشارت البقصمي إلى فنانين عرب وصلوا للعالمية، وتنتشر أعمالهم في الكثير من المعارف والمتاحف الفنية بالعالم.
وأوضحت أن الفنان في بلاد الغرب يجد خلفه مؤسسة تدفع به للتقدم واللحاق بصفوف الفنانين العالميين، مقابل حصولها على نسبة من مبيعاته، مشيرة إلى أن بعض من وصلوا للعالمية من الفنانين لا يستحقونها.
وقالت” “أحدهم أصبح فنانا عالميا ليس بفنه ولا بقدراته وإبداعه، وإنما من باب /حسن الحظ/ حيث وجد خلفه مؤسسة كبيرة تمتلك خبرات في التسويق والدعاية وتوظف كل خبراتها من أجل الدفع به للمعارض والملتقيات الدولية وتصنيفه ضمن قائمة الفنانين العالميين سعيا لتحقيق مكاسب مادية لتلك المؤسسة من شهرة ذلك الفنان المحظوظ وارتفاع مبيعات أعماله”.
وحول دور الرواد العرب في مجال الفنون التشكيلية، رأت البقصمي أنه “من المهم الاستفادة من جيل الستينيات والسبعينيات( الذي تنتمي هي له) وتوظيف ما اكتسبوه من خبرات وما عايشوه من تجارب، وما حققوه من نجاحات في خدمة جيل الشباب من الفنانين بالوطن العربي”.
وطالبت البقصمي بـضرورة الاهتمام بهذا الجيل، قائلة: “نحن نحتاج لمن يهتم بوجودنا”.
وحول قدرة التشكيليين العرب على العيش من عائد ممارستهم للفنون، أكدت البقصمي أن ذلك أمر صعب، خاصة وأن الفنانين العرب لا يمتلكون أي خبرات في تسويق أعمالهم التشكيلية.
وأضافت أنه “لابد لكل فنان من عمل إضافي يضمن له مصدر رزق دائم بجانب ممارسته للفن”، مشيرة إلى أن قدرة الفنان على جعل الفن مصدرا لرزقه هو “أمر يعتمد على الصدفة”.
وحول رؤيتها لمكانة المرأة في الحركة التشكيلية العربية، ومدى اقتناعها بوجود فن ذكوري وآخر نسوي، قالت التشكيلية الكويتية، إن المرأة تحتل موقعا جيدا في المشهد التشكيلي ببلدان العالم العربي، مؤكدة أنها لا تعتقد بوجود إبداع نسوي سواء في الفنون التشكيلية، أو حتى في المجالات الأدبية.
ورأت أن المرأة لديها اهتمامات خاصة في موضوعات أعمالها الفنية، وهي تختلف عن الرجل، حيث تركز الفنانة على موضوعات الأمومة والحب والعاطفة، على عكس الرجل الذي قد يعرض في أعماله الفنية مشاهد عنف من النادر أن تتناولها المرأة التي يغلب على أعمالها الجمال والمشاعر الإنسانية، مشيرة إلى أنها تستطيع معرفة إذا ما كان العمل الفني من إبداع رجل أو امرأة بمجرد النظر إليه.
وحول موضوعات أعمالها الفنية، قالت البقصمي إنها تتناول الكثير من القضايا والموضوعات التي يأتي معظمها من مخزون كبير بذاكرتها، وأنها تطرقت للسياسة أيضا، وتناولت الحقوق السياسية للمرأة في وطنها الكويت.
وكشفت عن أن المرأة تسيطر على أعمالها وأنها تعشق رسم “المرأة الأسطورة، والمرأة الملاك، والمرأة التي تحلم بالحرية، والمرأة في حالات تألقها وإحباطها”، مؤكدة أن الرجل ليس له مكان في لوحاتها.
وأشارت إلى أنه خلال دراستها للفنون في روسيا تسبب مدربها ” المنحاز للرجل ” في أن يكون لديها عقدة من رسم الرجل الذي ظلت ترسمه طوال سنوات الدراسة، لافتة إلى أنها اتجهت بعد الدراسة إلى رسم المرأة باعتبارها رمزا للكثير من الأشياء في الحياة، وموضوعا يحمل الكثير من الرموز والجماليات.
وحول مشاركتها الفنية خارج وطنها الكويت، قالت البقصمي، إنه بالإضافة إلى حضورها في العديد من البلدان الأفريقية خلال مرافقتها لزوجها، الذي كان يعمل بالحقل الدبلوماسي، فان حضورها الأهم كان في ألمانيا حيث ارتبطت بصداقات فنية كثيرة مع الألمان.
وأشارت إلى أنه في عام 1973 شاركت في مهرجان الشبيبة الألماني، وفي عام 1994 أقامت معرضا بمقر وزارة الخارجية الألمانية بمناسبة يوم المرأة العربية، وفي عام 2001 أقامت معرضا فنيا شخصيا في برلين، وخلال الفترة من عام 2003 وحتى عام 2014 ظلت تشارك سنويا في معرض الفنانين الأوروبيين الذي كانت تستضيفه مدينة ” إسن “، إلى جانب ترجمة مجموعتها القصصية ” شموع السراب ” للغة الألمانية.
يذكر أن الفنانة ثريا البقصمي، من رواد الفن التشكيلي بوطنها الكويت، وقد امتدت مسيرتها الفنية على مدار أكثر من خمسة عقود، شاركت خلالها في عشرات المعارض والملتقيات الفنية بالوطن العربي والعالم، وأقامت 62 معرضا شخصيا توزعت على العديد من البلدان والقارات.