10 معارك إسلامية كبرى وقعت في رمضان

كان شهر رمضان محفزاً للجهاد والقتال عند المسلمين، مع أنّه شهر صيام عن الطعام والشراب، إلّا أنّ ذلك لم يكن مدعاة لتكاسل المسلمين عن الحرب؛ بل كان دافعاً لشنّ الغزوات، إيماناً منهم بأنّ الموت فيه في سبيل الله يثاب عليه المجاهد أضعافاً عند الله، ولذا فقد وقعت في هذا الشهر كبرى الغزوات التي انتصر فيها المسلمون على أعدائهم، ومنها المعارك الآتية:
أولاً: غزوة بدر الكبرى: وكانت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، ووقعت بين مشركي مكة ورسول الله محمد، صلى الله عليه وسلّم، وقد سمَّى القرآن الكريم ذلك اليوم “يوم الفرقان”؛ أي الذي فرق الله تعالى فيه بين الحقّ الذي تمثله جماعة المسلمين، وبين الكفار الذين أنكروا دعوة الإسلام.
في رمضان، سنة 1973م، تمكّنت القوات العربية من الانتصار على القوات الصهيونية وحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر
قدّرت كتب السيرة عدد المسلمين بــ 313 رجلاً، والكفار بــ 1000 رجل، وفيها دعا النبي، صلّى الله عليه وسلم، ربّه وناشَده نصره الذي وعده، فأنزل الله تعالى نصره على المؤمنين وأمدهم بالملائكة المسومين، نزلت الآية الكريمة: ?وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ? [آل عمران: 123 – 125.
انتصر المسلمون في هذه المعركة، وقُتل سبعون من المشركين وأُسر سبعون، وكان ممّن قتلوا عمرو بن هشام المعروف بــ “أبي جهل”.
وقعت غزوة بدر بين مشركي مكة ورسول الله محمد، صلى الله عليه وسلّم
وقعت غزوة بدر بين مشركي مكة ورسول الله محمد، صلى الله عليه وسلّم
ثانياً: غزوة فتح مكة: كانت في السنة الثامنة لهجرة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وقد خرج النبي في رمضان ومعه عشرة آلاف من الصحابة فافتتح مكة، ودخلها فطاف بالبيت الحرام، ثم حطم 360 صنماً حول الكعبة، ثم دخل الكعبة، فصلّى فيها ركعتين، وكبّر في نواحي البيت، وخطب في الناس خطبة عرفت بخطبة فتح مكة، وبايعه أهل مكة، رجالاً ونساء، على الإسلام، وأطلق سراح أسرى كفارها، وقال قولته الشهيرة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، وأصبحت مكة جزءاً من دولة المسلمين، وأقام بها النبي، صلى الله عليه وسلّم، 19 يوماً، يرشد الناس إلى الإسلام، ويبثّ سراياه حول مكة للدعوة إلى الإسلام وتحطيم الأوثان.
فتح بلاد الأندلس كان أيضاً في رمضان سنة 92 هـ، بقيادة طارق بن زياد ومعه اثنا عشر ألف جندي
روي عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: أنّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غزا غزوة الفتح في رمضان، رواه البخاري.
وفي رواية للشيخين: أنّ “النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثماني سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد، وهو ماء بين عسفان وقديد، أفطر وأفطروا، حتى دخل مكة”.
وقال أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه: “سافرْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى مكة ونحن صيام، فنزلنا منزلاً فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنكم قد دنَوتم من عدوِّكم، والفِطر أقوى لكم)، فكانت رخصةً، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخَر فقال: (إنكم مُصبحو عدوكم، والفِطر أقوى لكم فأفطروا)، وكانت عزمةً، فأفطرنا”، رواه مسلم.
ثالثاً: معركة القادسية: كانت في رمضان، سنة خمس عشرة للهجرة، بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص.
وهي من المعارك الفاصلة بين المسلمين والفرس، وقد عانى المسلمون في هذه المعركة من الأفيال، ونفرت منها الخيل، ولكن القبائل العربية التي كانت حليفة لكسرى قبل إسلامها، انضمت لجيش المسلمين، ومنها قبيلة تميم، التي كان لها دور كبير في وضع خطة لهزيمة الفيلة، بحكم خبرات أفرادها السابقة في القتال بجوار الفرس في السابق، فنجحت هذه الخطة في هزيمة الفرس، بعد أن استشهد الآلاف من جيش ابن أبي وقاص.
معركة القادسية هي من المعارك الفاصلة بين المسلمين والفرس
معركة القادسية هي من المعارك الفاصلة بين المسلمين والفرس
رابعاً: فتح بلاد الأندلس: كان أيضاً في رمضان، سنة 92 هـ، بقيادة طارق بن زياد، ومعه اثنا عشر ألف جندي، عامّتهم من المسلمين البربر، فهزموا الجيش القوطي، وكان زهاء أربعين ألف جندي، وقتلوا ملكهم، وكانت بداية الفتح الإسلامي للأندلس.
خامساً: معركة الزلاقة: وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً، كانت في سنة 479هـ، جرت المعركة المشهورة في رمضان بين جيش المرابطين، بقيادة يوسف بن تاشفين، الذي دخل الأندلس من المغرب، وجيش الفرنجة، وكان قائد الفرنجة قد كتب كتاباً يتهدّد فيه المسلمين، فكتب له ابن تاشفين على ظهر كتابه: “الذي يكون ستراه”، وقاد المعركة بنفسِه، وكان في الرابعة والثمانين من عمره، وكتب الله فيها النصر له ولجيشه، وكانت هذه المعركة سبباً في بداية عصر المرابطين في الأندلس، وهو العصر الذي تلا عصر الطوائف الذي كادت فيه الأندلس أن تسقط، لولا انتقال المرابطين من المغرب إلى الأندلس، بعد استنجاد آخر ملوك الطوائف، المعتمد بن عباد، بابن تاشفين، مع أنّ هذا الأخير أطاح بحكمه فيما بعد وتولى هو إمارة الأندلس.
سادساً: معركة عين جالوت: كانت في رمضان، سنة 685هـ، بقيادة السلطان سيف الدين قطز، وقائده العسكري ركن الدين بيبرس، ضد التتار الذين كانوا قد اجتاحوا بغداد، وعين جالوت قرية تقع بالقرب من نابلس، فلما التقوا ألقى الملك المظفر خوذته عن رأسه إلى الأرض، وصرخ بأعلى صوته: “وا إسلاماه”، ثم بدأت المعركة فانهزم التتار في البداية، ثم عاودوا الكرّة، فكاد جيش المسلمين أن ينهزم، لولا أن صرخ قطز صرخة وصفتها بعض كتب التاريخ بالعظيمة، فسمعه معظم العسكر، فحفزهم على القتال، ونزل السلطان عن فرسه، ومرَّغ وجهه في الأرض وقبَّلها، وصلّى ركعتين، فكانت الغلبة لجيشه.
سابعاً: موقعة حطين: كانت في رمضان، سنة 584هـ، بقيادة صلاح الدين، وكانت معركة فاصلة بين الصليبيين والمسلمين، وحطين قرية تقع بالقرب من قرية المجاورة، بين الناصرة وطبريا، انتصر فيها المسلمون، ووضع فيها الصليبيون أنفسهم في وضع غير مريح إستراتيجياً، داخل طوق من قوات صلاح الدين، أسفرت عن تحرير مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون في الشام.

ثامناً: معركة بلاط الشهداء: وهو سهل قريب من مدينة بُواتييه الفرنسية، قرب باريس، وقعت فيه المعركة الشهيرة بين المسلمين والفرنجة، بقيادة عبد الرحمن الغافقي، سنة 114 للهجرة، في أواخر شعبان وأول رمضان، وقد قتل فيها الغافقي، وانهزم المسلمون، وكان ذلك سبباً في وقف الفتح الإسلامي في أوروبا.
تاسعاً: فتح عمورية: وهي بلدة كبيرة قرب أنقرة التركية، وكانت من أفضل البلاد الأوروبية، وأكثر مكانة من القسطنطينية، وكان الروم قد هاجموا المسلمين، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، كما أوردت كتب التاريخ، وأسروا الرجال وسبوا النساء، فصاحت منهم امرأة هاشمية: “وا معتصماه”، فبلغ الخبر المعتصم، فأجابها وهو جالس على عرشه: “لبيكِ، لبيكِ”، وجهّز جيشاً عظيماً، وخرج إلى الروم، فافتتح عمورية في رمضان، سنة 223هـ.
عاشراً: حرب أكتوبر: كانت في رمضان، سنة 1973م، وفيها تمكّنت القوات العربية من الانتصار على القوات الصهيونية الغاصبة، فعبرت الجيوش العربية قناة السويس، وحطمت أسطورة “الجيش الإسرائيلي” الذي لا يقهر، بعد أن حطّموا خطّ بارليف الحصين.