“القمة العالمية للصناعة” بالتعاون مع المملكة المتحدة تستعرض الفرص الاستثمارية وجهود تحقيق الحياد المناخي
وام / أكد معالي أحمد بن علي محمد الصايغ، وزير دولة، رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، عمق العلاقات التاريخية والشراكة التجارية والاستثمارية بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، وذلك في كلمته خلال “يوم المملكة المتحدة” ضمن فعاليات اليوم الرابع من أسبوع القمة العالمية للصناعة والتصنيع 2021.
وافتتح معالي أحمد بن علي محمد الصايغ فعاليات اليوم بكلمة استعرض فيها القضايا المشتركة ذات الصلة بالشؤون الصناعية، مشددا على أهمية عقد هذه الفعالية بالتعاون مع المملكة المتحدة وفتح قنوات الحوار في وقت يحشد فيه البلدين جهودهما لإعادة صياغة القطاع الصناعي وتطوير البنية التحتية بما يساهم في تحقيق أهداف الحياد المناخي.
وأعرب معاليه عن أمله في أن تتمكن فعالية اليوم من معالجة العديد من هذه القضايا بحكم الدور الريادي للبلدين، مضيفا أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات تسير على خطى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان /طيب الله ثراه/، في تحقيق رؤية الاستدامة والحفاظ على بيئة الدولة ومواردها.
وتطرق لمناقشة القطاعات التي يمكن للبلدين التعاون فيهما لتحقيق أثر ملموس في جهود التصدي لتحديات التغيّر المناخي، وقال: “يساهم قطاع الإنشاءات بما يقرب من 40% من انبعاثات الكربون الضارة، ولذلك، فمن من الضروري تبني أنظمة بناء خضراء وصديقة للبيئة. كما أن الإمارات دولة مركزية في قطاع الطيران، وقد أظهرت التزامًا مشتركًا مع المملكة المتحدة بخفض انبعاثات الكربون في قطاع الطيران التجاري، ويمثل التعاون بين رولز رويس البريطانية وسند الإماراتية نموذجا مثاليا لفوائد هذا التعاون المشترك.” ونوه معالي الصايغ إلى البرامج العديدة التي اعتمدتها دولة الإمارات مؤخرا للنهوض بقطاعاتها الاقتصادية كافة، وفي مقدمتها استراتيجية الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة التي تتطلع لمضاعفة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بحلول 2031، والتي تدعم جهود الدولة بخفض الانبعاثات الكربونية وضمان الاستدامة وتوفير الحلول الذكية التي سيقدم لها مصرف الإمارات للتنمية تمويلات كبيرة لدعمها وتنميتها.
وقال معاليه : “يضطلع مجلس الأعمال البريطاني الإماراتي بدور هام في تعريف الشركات في البلدين بالاتفاقيات القائمة وبفرص الاستثمار في البلدين، وستقوم دولة الإمارات بتطوير أطر قانونية على غرار تلك المعمول بها في بيئة الأعمال البريطانية بما يسهل التجارة على الشركات البريطانية.” من جانبه أكد اللورد إدوارد ليستر، رئيس مجلس الأعمال البريطاني الإماراتي عن الجانب البريطاني، إن بلاده كانت قاعدة الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر، وهي تقود اليوم – إلى جانب شركائها العالميين – الثورة الصناعية الرابعة.
وتحدث عن القطاع الصناعي في المملكة المتحدة، مشيرًا إلى أنه يوفر أكثر من 2.7 مليون وظيفة ويساهم بما يزيد عن 200 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد الوطني، وأوضح أن التحول الصناعي العالمي يدفعنا لتحقيق أهداف الحياد المناخي لعام 2050، ما يتطلب جهدا كبيرا من القطاع للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري رغم التقدم الحاصل على مدار العقود الماضية.
وأشار إلى وجود العديد من القوانين لدعم عملية التحول من خلال خفض انبعاثات الغازات الضارة في قطاع الطيران وتشجيع الأبنية الخضراء للوصول إلى الحياد الكربوني الكامل في القطاع الصناعي دون أن يؤثر ذلك على نمو الأعمال.
و أشاد اللورد ليستر بمستوى الشراكات القائمة والفرص التجارية بين الشركات في البلدين، وفي مقدمتها اتفاقية التعاون الاستراتيجي في مجال الاستدامة الموقعة مؤخرا بين شركة بترول أبوظبي الوطنية /أدنوك/ وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” وشركة “BP” لتطوير مركزين للهيدروجين النظيف في كل من دولة الإمارات والمملكة المتحدة بطاقة إنتاجية تبلغ 2 غيغا واط، مضيفا أن البلدين مقبلان على الكثير من الشراكات الجديدة في مجال الاستدامة في قطاع صناعة الطيران والتعاون في مجال مراكز الابتكار.
وختم اللورد ليستر بتوجيه التحية لدولة الإمارات بذكرى مرور خمسين عاماً على قيام الاتحاد قائلا: “الإنجازات المتحققة حتى الآن رائعة وملهمة للغاية، وأنا وأثق أن الخمسين عاما المقبلة ستكون مميزة للغاية وحافلة بالإنجازات الاستثنائية.” من جانبه، ألقى سعادة سايمون بيني، القنصل العام للمملكة المتحدة في دبي والإمارات الشمالية والمفوضً التجاري للمملكة المتحدة في منطقة الشرق الأوسط كلمة شدد فيها على ضرورة تعاون الحكومات والقطاع الخاص من أجل تحقيق أهداف الحياد المناخي التي التزم بها البلدان مضيفا: “من خلال استضافتها للدورة المقبلة من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ “COP.28″، أظهرت دولة الإمارات ريادة وقيادة عالمية على صعيد مواجهة التغيّر المناخي على مستوى الدول المنتجة للنفط وكذلك على الصعيد العالمي.” ولفت إلى دور المملكة المتحدة المحوري في تعميم الحلول الذكية على المستوى الدولي من خلال ما تطوره من تطبيقات متقدمة للثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي والتصنيع المتخصص والروبوتات، وكذلك على صعيد تعزيز التحول في طرق ممارسة الأعمال من خلال زيادة الاعتماد على البيانات وانترنت الأشياء والحوسبة السحابية لخفض التكاليف والحد من المخلفات وتحقيق أكبر أثر بيئي إيجابي عبر كافة القطاعات الاقتصادية.
وتطرق إلى استراتيجية بريطانيا لتشجيع صادراتها، والتي تحدد أهدافا طموحة بالوصول إلى صادرات بقيمة ترليون جنيه إسترليني بحلول 2030، داعيا إلى مواءمة الأهداف المشتركة للبلدين، خاصة مع وجود استراتيجيات مماثلة لدولة الإمارات من أجل تعميق العلاقات التجارية مع مجموعة مختارة من الدول.
وأشار بيني إلى الاستثمارات والشراكات الكبيرة التي تجمع البلدين حاليا، وفي مقدمها استثمارات “مبادلة” التي تبلغ 10 مليارات جنيه إسترليني في الصناعات الذكية في المملكة المتحدة، داعيا الشركات في البلدين إلى اغتنام الفرص التي توفرها برامج تمويل الصادرات، متمنيا أن تساهم النقاشات حول اتفاقيات التجارة الحرة بين البلدين في تحقيق المزيد من التقدم.
وشهدت فعاليات “يوم المملكة المتحدة” احتفاءً تكريمياً بمناسبة مرور 10 سنوات على الشراكة بين رولز رويس البريطانية ومجموعة “سند” المملوكة لشركة مبادلة للاستثمار والمتخصصة في مجال هندسة الطيران وحلول تمويل وتأجير مكونات محركات الطائرات. وركزت الكلمات على أهمية الشراكة بين الجانبين، خاصة على صعيد تطوير وتبني الحلول الصديقة للبيئة في قطاع صناعة الطيران.
وتحدث بهذه المناسبة منصور جناحي نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة “سند” قائلا: “على مدار العقد الماضي، تعاونت سند ورولز رويس على تطوير قطاع النقل الجوي ومثلت الشراكة بينهما نموذجا للتعاون بين البلدين فحققنا 4.4 مليار درهم عوائد وخدمنا أكثر من 50 شركة طيران واستحدثنا أكثر من 100 وظيفة.” وتوجه بالشكر لشركة رولز رويس وفريقها في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط عموما على التزامهم العميق بالشراكة، معربا عن تطلعه للمزيد من التعاون في السنوات المقبلة.
من جانبه، قال جون كيلي، نائب الرئيس الأول في رولز رويس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: “تظهر الشراكة مع ’سند‘ التزامنا تجاه الإمارات وتجاه تحقيق أهداف الحياد المناخي ، لقد نجحت شراكتنا في أوقات الرخاء وكذلك في الأوقات التي شهدت تحديات اقتصادية عالمية، ونتطلع إلى عقد جديد من التعاون.” وشهد “يوم المملكة المتحدة” في أسبوع القمة العالمية للصناعة والتصنيع 2021 عدة جلسات ركزت على قضايا الحياد الكربوني في القطاع الصناعي وفي قطاع صناعة الطيران، ففي جلسة حملت عنوان “التصنيع في ظل الحياد الكربوني” تطرق المتحدثون إلى أهمية تطوير بيئة الأعمال المتكاملة التي تسمح بإحداث خفض كبير في نسب الانبعاثات بالقطاع الصناعي.
وقال أندرو كوكبيرن، مدير وحدة تطوير الأعمال في “كونكت بليسيس كاتابولت” البريطانية الحكومية المتخصصة بالابتكار في مجال النقل: “يتطلب الابتكار الاهتمام ببيئة الأعمال المتكاملة وتعاون جميع الشركاء، فخلال جائحة كورونا تم انتاج كمية كبيرة من أجهزة التنفس الصناعي يكفي لمدة 20 عاما خلال 12 أسبوعا، وذلك بتعاون جميع الأطراف.” مضيفا أن نموذج العمل في بريطانيا يتيح ربط المستهلكين بالمبتكرين مباشرة، مما يعزز قدرة المبتكرين على الاستجابة لضرورات السوق.
من جانبه، قال سعادة حسين المحمودي الرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، إن المجمع يعمل على تعزيز فهم الشركات وتوعيتها بالإمكانيات المتوفرة من خلال التحول نحو الحياد المناخي وتعريفها بالتكنولوجيا الموجودة وأنواع الحلول القائمة، مشيرا إلى الحاجة الملحّة لنشر الوعي لدى القطاع الصناعي على مختلف المستويات.
وفي جلسة حملت عنوان “معالجة النقص في الكفاءات المطلوبة للقطاع الصناعي”، ركز المشاركون على ضرورة الاستثمار في نوعين من الكفاءات البشرية، الأول يشمل خبراء التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويصم الثاني خبراء أدارة التحول الذين يمكنهم فهم متطلبات التحول الصناعي ومعرفة الآثار الاقتصادية والإنتاجية والاجتماعية المترتبة على هذه التحولات.
وتحدث خلال الجلسة جان ورد، الرئيس التنفيذي لشركة كوروثيرم، قائلا إنه لا يمكن الوصول إلى أهداف الحياد المناخي دون تطوير الكفاءات البشرية المطلوبة، وهو أمر تتفق على ضرورته الشركات الصناعية، ولكنه قد يغيب عن ذهن الكثيرين أثناء التفكير في متطلبات تطوير الصناعة. ولفت إلى وجود عدة برامج في المملكة المتحدة لجمع أصحاب الخبرات من عدة قطاعات لوضع أسس لحوكمة الكفاءات المطلوبة والحرص على تطويرها بشكل مستمر.
من جانبه، استعرض علي محمد المرزوقي نائب مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني بالإنابة، رئيس مهارات الإمارات، تجربة المركز على صعيد تعليم وتدريب الكفاءات الوطنية، قائلا إن المركز يعتمد طريقة تفاعلية عبر بناء مدارس وأنظمة تدريبية تستجيب لاهتمامات الطلاب، مشيرا في هذا السياق إلى إقبال المزيد من المواطنين الإماراتيين على تعلّم البرمجيات الذكية وتقنيات الروبوتات والتكنولوجيات المتقدمة.
أما فاطمة المرزوقي، رئيس قسم التوطين وعلاقات الموظفين لدى “مبادلة”، فقد لفتت إلى التجربة المميزة التي خاضتها “مبادلة” للتعرف على المواهب ونشر الوعي في مرحلة مبكرة من خلال رعاية برامج مخصصة للأطفال لتشجيعهم على الاهتمام بالقطاع الصناعي من خلال اللعب وتثقيفهم حول مبادئ تأسيس الأعمال وإطلاق المشاريع والشركات. مضيفة أن الاهتمام الذي تظهره نساء الإمارات في القطاع الصناعي، وخاصة في الهندسة والتكنولوجيا المتقدمة، كبير جدا ويوازي أعلى المستويات العالمية.
وقدّم البروفسير مأمون عبد الحافظ، أستاذ ورئيس قسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية في الشارقة، تجربة الجامعة في بناء البرامج التعليمية على أساس تشجيع الطلاب على الاستكشاف والتعلم والاختبار. كما نوه إلى ما تقوم به الجامعة من التركيز على التواصل مع الطلاب حتى في مراحل تعليمهم المبكرة قبل وصولهم إلى المرحلة الجامعية من خلال رعاية المسابقات وتنظيم ورش العمل.
وفي جلسة “الحياد الكربوني في مجال الطيران”، تناول المتحدثون أهمية إيجاد التوازن بين تكاليف السفر من جهة وضرورات الحفاظ على البيئة والوصول إلى الحياد الكربوني من جهة أخرى. وفي هذا السياق، تحدثت مريم القبيسي، رئيسة قسم الاستدامة وتميز الأعمال في مجموعة الاتحاد للطيران، عن التجربة المميزة للاتحاد للطيران قبل أيام قليلة، حيث استطاعت تنفيذ رحلة من لندن هيثرو إلى أبوظبي مع انبعاثات ثاني أوكسيد كربون أقل من الحد العادي بنسبة 72 بالمائة، مؤكدة التزام الشركة بمواصلة العمل على تحقيق أهداف الحياد المناخي.
من جانبه، استعرض جون كيلي، نائب الرئيس الأول في رولز رويس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عملية تطوير الشركة لمحركاتها من أجل خفض الانبعاثات وتحسين التعامل مع أنواع خضراء من الوقود. ولفت كيلي إلى أنه ما من حل سحري وسريع للتحديات، ولكن العمل مع جميع الأطراف سيسهل تحقيق الحياد الكربوني.
أما منصور جناحي نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة “سند”، فلفت إلى أن قطاع الطيران العالمي يساهم بما نسبته 2% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، داعيا إلى موازنة جهود الحفاظ على البيئة في القطاع مع جهود خفض كلفة مصادر الطاقة البديلة لتناسب المسافرين.
وتحدث إسماعيل علي عبدالله، الرئيس التنفيذي لشركة “ستراتا للتصنيع” ونائب رئيس قطاع صناعة الطيران والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في شركة “مبادلة للاستثمار” قائلا: “تساهم صناعة الطيران بأكثر من 3.5% من الاقتصاد العالمي، وهذا أمر يجب أن نبقيه في الذهن عند التفكير في أهمية القطاع. وعلينا أن نعمل على اتاحة الرحلات الجوية للجميع.” مضيفا أن الهدف الحالي هو خفض الانبعاثات مع الحرص على عدم التأثير على كلفة السفر، في حين أن هدف الحياد المناخي قد يكون طويل الأمد.
أما آنا هوري، المؤسسة الشريكة والرئيسة التنفيذية لشركة ريسبرا، فقد لفتت إلى أن إزالة الغابات تساهم بما بين 10 و12 في المائة من انبعاثات الغازات الضارة وتحرم العالم من موارد ضرورية، داعية إلى تقديم حلول للدول النامية لمساعدتها على الحفاظ على الغابات من خلال سوق الائتمان الكربوني.
واختتمت فعاليات “يوم المملكة المتحدة” بجلسة تحت عنوان “الحياد الكربوني في قطاعي الإنشاءات والبنية التحتية” تحدث خلالها روب جاكسون، مدير تطوير الأعمال لدى شركة “أسايت”، داعيا إلى ضرورة استخدام التكنولوجيا المتقدمة من أجل خفض الانبعاثات في كافة مراحل الإنشاء، وهي التخطيط والتصميم والبناء والإدارة، من أجل تسريع تحقيق أهداف الحياد المناخي.
من جانبه، قال أنس باتاو، مدير مركز التمييز في الأبنية الذكية لدى جامعة هيريوت وات دبي، إن قطاع البناء مساهم رئيسي في الانبعاثات الغازات الضارة ليس بسبب طريقة البناء فحسب بل بسبب طريقة إدارة الأبنية. مضيفا أن هناك حاجة إلى تضافر الجهود على كل المستويات بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية للوصول إلى حلول لخفض الأثر السلبي لقطاع الإنشاءات على البيئة.
أما جوناثان هولياك، مدير برنامج الحياد الكربوني لدى شركة أتكنز، فلفت إلى أن القضية لا ترتبط بالأبنية الجديدة فحسب، بل بالأبنية القائمة حاليا، لأنها المسؤولة عن النسبة الأكبر من الاستهلاك الضار بالحياد الكربوني، داعيا إلى وجوب التفكير في التغييرات الممكن إجراؤها على الأبنية القائمة لتصبح أكثر صداقة للبيئة.