دبي-سمير السعدي:
الحروف هي رسول الحضارة الأمين والكتابة عن القرية العالمية هي لحن الخلود.. فلله در القرية العالمية ما أجملها والتي جمالها من موسم لآخر في ازدياد.. والقرية العالمية المتفردة التي لا يوجد مثلها في كل البلاد.. يحن اليها ضيوفها ويقبلون عليها ودائما في ازدياد.. مصطحبين أسرهم وكل البنات والأولاد.. وما تفتح أبوابها حتى يهرع الجميع لها للارتياد.. آملين بأوقات بهيجة ومتعة بلا حدود وإسعاد.. الى جانب ما يشترونه منها من لوازم وعتاد.. وما تقدمه القرية العالمية لهم يدل على قدرتها على صنع معجزات تقهر المعجزات للعباد.. كم هي ساحرة بسهولة تستدعي ذكرياتهم, تلك الساحرة تصف حاضرتهم وترصد مكامنهم, وبمنهى الأريحية تكشف ما يبهجهم.
وفي القرية العالمية يصفق الفؤاد ويهفو وهو نشوان.. ويتغنى ويترنم من شوق لها وسحر جعل القلب بالحب لها ملآن.. الذي يكاد يسمع في خفقاته شوق وشوق وشوق وحنان.. وإذا ما بدء موسمها فإذا بالطير يشدو وهو ثملان.. والبقعة الصامتة قد أصبحت كقطعة من الجنان.. وتمتلئ حيوية ونشاط وتدب فيها الحياة بدون استئذان.. وتعمر بالآتيين والقادمين من كل حدب وصوب وكل مكان.. وتمتلئ ببشر فرحين مسرورين يأتون بكل شوق وحنين لهذا المكان.. بشوق ولهفة من يخطو نحو من يصبو بعد حرمان.. ويستمتعوا بما فيها وبسحر المكان.. الذي كان جنينا في رحم الغيب فترة من الزمان.. ثم ولد ونشر البهجة والسرور والفرح والحنان.
ولا أنسى منظراً رأيته بأم عيني وهزني.. فقد أتيت مرة للقرية العالمية مبكراً عن وقت الدخول بدقائق تبلغ العشرون.. ورأيت كما كبيرا من الزوار يفوق المئات ينتظرون.. وكأنهم في شوق ولهفه لمن يحبون.. ويتأهبون ويستعدون ويتزاحمون.. وما أن حان الوقت وفتحت الأبواب للدخول.. حتى هبوا في هرج وطنين كأنهم خلية نحول.. وتكأكأ الزوار على الباب يتسابقون للدخول.. وكأنما ينتظرهم كنز أو وليمة.. فلا يكادون ينفذون من الأبواب حتى تفرقوا شيعاً وأفواجاً.. فالبعض ذهب إلى هذا الجناح والبعض ألأخر إلى ذينك الجناح والبعض الى الألعاب.. وتفرق الباقون هنا وهناك والى ما يبتغون .
هذا ما أستطيع أن أصفها به علماً بأنها أكبر من أن يكتب عنها أو توصف.. وبالنسبة لي فان بيني وبين القرية العالمية حب جامح جارف وجبار.. جامح من الهوى وجارف من إعجابي بها وجبار من فرط حبي لها.. وللقلب منطق هيهات للعقل أن يفهمه فأنا أرى العالم من خلالها.. وهي لي ملهمة استلهم منها كل ما أكتب عنها أو عن غيرها.. أنانية العاشق الذي يستحوذ على تلالبيب الحبيب, ذكريات معها عشتها وأحداث صنعتها معي, ومواقف لا أستطيع تجنبها, وتجارب فيها أحمد الله أنني عشتها وخبرتها, حكايات وحكايات معي كلها بدايات فأنا أضعف من وضع النهايات معها.. تفيض علي بالحياة وتمنحني من وحيها ما يملأ كتابتي حرارة وحساً ويجعلني أتنزه بين السطور وأتنسم عبير الكلمات.. وفيها أتمنى ألا يتحرك الوقت وأتمنى لو أصابه الجمود والركود حتى تظل أمام عيني إلى مالا نهاية .
واني لأعترف أنني كثيراً ما أصاب بتبلد ذهني أشعر معه بإعراض عن الكتابة.. وأحس بالقلم في يدي ثقيلاً مكسالاً بطئ الحركة كأنه السلحفاة واقفاً في مكانه وقفة شتربة.. وتمر بي الأيام وأنا مضرب عن الكتابة وقلمي معرض عني.. ويضيق بي الحال حتى يقترب موعد الزيارة.. وأي زيارة.. زيارة القرية العالمية فوقتها تصبح المسألة مسألة كيف بل ومسألة واجب لابد من تأديته.. وفي داخلها وتحت جناحيها كل ما بي يتغير.. لأنني ألجأ إليها والى ما فيها ومحتواها أستشيرها في نفسي لتوقظها من هجعتها.. وأناشدها كي تستحث القلم المضرب المعرض.. فإذا بها تفعل بي وبه فعل السحر وأجد القلم المتخاذل قد اندفع على الورق يجري مسابقا الحروف وكأنه فرس رهان.. والصفحات تمتلئ بسرعة لا أدركها والإلهام يراودني بكل إلحاح وإلحاح.. والذهن قد صفا واتقد والنفس راقت وسعدت.
والقرية العالمية بدبي والتي اتخذت شعارها في هذا الموسم السادس والعشرون – احتفلوا معنا في قلب الروائع – قد حققت وأعدت لضيوفها ما يطبق هذا الشعار من فعاليات كثيرة ولكل الأعمار والشرائح.. وهي حكايتها ليست حكاية حب موسمي بل حكاية حب ابدي مستمر.. حكاية حب من طرفين.. فالناس والضيوف والجماهير من كل مكان ومن كل حدب وصوب يحبون القرية العالمية بدليل أنهم ينتظرون بفارغ صبر أن تفتح أبوابها لهم وتضمهم داخلها.. ومن يزورها مرة لابد وأن يعود إليها مرات ومرات ومرات لأنهم أحبوها وأدمنوها.. ومن طرف آخر فان القرية العالمية تحب ضيوفها بدليل أنها تقدم لهم المتعة والبهجة والمسرة والتسوق والفن والثقافة.. وكل ما يحتاجونه من كافة أنحاء العالم بل وتنقلهم إلى مختلف أنحاء العالم وهم داخلها دون أن يجتازوا حدودها وهذا قمة الحب والعطاء.. وما سألت أحداً من الزوار كم مرة زارها إلا وقال مرات عديدة سواء من أهل الإمارات أو المقيمين وحتى الزوار القادمين من الخارج سواء من الدول الخليجية أو الدول العربية الأخرى والدول الأوروبية أو الأسيوية أو غيرها.. ويقولون كلهم أنهم دائماً ينتظرونها بكل حب وشوق فما أن تفتح أبوابها يتهافتون عليها.. أليس هذا دليل حب ؟.. وهل يوجد هناك حب أقوى من ذلك ؟.
وفي القرية العالمية التي تأتي في فصل الخريف بنسائمه الناعمة أو فصل الشتاء ببرودته المنعشة.. فيبعث فيها البهجة والحياة وينشر شذاه على أجوائها.. وينشر عبير باقات الزهور سابحاً فوق الرؤوس وموسيقى حماسية تهز الوجدان.. القرية الرابضة في كنف دبي لاند على فتنة وجمال هي عروس دبي وعروس فعالياتها.. وملتقى الأسر وملتقى الشباب والبهجة والجمال.. وساحاتها ومطاعمها وألعابها وأجنحتها دائماً مشرعة أبوابها أمام الضيوف الذين يمرحون ويفرحون ويستمتعون كأنهم في عيد من أعياد الحب والجمال.. يتوافدون وينزلون في أرض القرية العالمية العطرة على الرحب والسعة والسلام.. يستمتعون بكل الفعاليات التي تأتيهم على صينية من ذهب.. ويلعقون حلاوة البهجة والمتعة.. وفيها دائماً يسقط المكان والزمان في براثن المتعة والبهجة.. وفيها يبتسم الزمن تزيده بهجة ومحلقاً وسط سحابات باسمة.. وتذوب الملامح وتختلط الأشياء لتظهر صورة واحدة هي صورتها.. صورة القرية العالمية بدبي.