احتضنت قاعة زايد في مقر المجلس الوطني الاتحادي في أبوظبي اليوم ، أعمال الجلسة التاسعة للبرلمان الدولي للتسامح والسلام، بحضور معالي صقر غباش رئيس المجلس، وبمشاركة ممثلي “60” برلمانا حول العالم، وذلك ترجمة لمذكرة التفاهم التي وقعها الجانبان عام 2019م، والتي تجسد الأهداف المشتركة الرامية إلى تعزيز دور البرلمانات في نشر قيم الوسطية والاعتدال باعتبارها مرتكزاً للتسامح والوسطية والتعددية الدينية ومكافحة التطرف والإرهاب.
وأكد معالي صقر غباش في كلمة له في افتتاح أعمال الجلسة أن التزامَ المجلسِ الوطنيِ الاتحادي بالمشاركةِ الفاعلة والبنّاءةِ مع البرلمان الدولي للتسامح والسلام يأتي استناداً إلى قناعِة راسخِة بقيمةِ التسامحِ، ومبدأ السلامِ باعتبارهما سبيلاً لا غنى عنه لصناعةِ المستقبلِ، وتحقيقِ الاستقرارِ والتنميةِ لشعوبِ العالمِ.
وقال : “من هذا المنطلقِ شهدتْ أرضُ الإماراتِ توقيعَ وثيقة الأخوةِ الإنسانيةِ في الرابعِ من فبراير عامَ 2019 بهدفِ تفعيلِ الحوارِ حولَ التعايشِ والتآخي والتسامحِ والسلامِ بين البشرِ، وتعزيزهِ عالمياً، مما جعلَ الأممَ المتحدةَ تعتمدُ قراراً بالإجماعِ باعتبارِ الرابعَ من فبراير في كلِّ عامٍ “يوماً دولياً للأخوةِ الإنسانيةِ” .
وأضاف ” أودُ أنْ أعبرَ لكم عن سعادتِنا باستضافةِ الجلسةِ التاسعةِ للبرلمانِ الدولي للتسامحِ والسلامِ، والذي يُمثلُ بحقٍ صوتَ البرلمانيين لالتقاءِ ثقافاتِ العالمِ وحضاراتِه، بما يرسخُ من الدورِ الحيوي للبرلمانيين على مواجهةِ التحدياتِ الإقليميةِ والدوليةِ المتزايدةِ”.
وقال معالي رئيس المجلس الوطني الاتحادي “نحنُ نُدركُ تماماً أنَّ العلاقةَ بينَ دولِ العالمِ – شمالُه وجنوبُه، وشرقُه وغربُه – ضرورةٌ قُصوى لإثراءِ وغناءِ كلِّ دولةٍ بقيّمِ وثقافاتِ وحضاراتِ الآخرين عِبرَ التبادلِ المعرفي، وحوارِ الثقافاتِ، واستثمارِ المساحاتِ الهائلةِ للقيّمِ الإنسانيةِ الاجتماعيةِ المشتركةِ ..، مؤكدا أنَّ نشرَ ثقافةِ التسامحِ وقبولِ الآخرِ من شأنه أنْ يُسهمَ في احتواءِ الكثيرِ من التحدياتِ والأزماتِ السياسيةِ، والاقتصاديةِ، والاجتماعيةِ، والبيئيةِ التي تُحاصرُ بَني الإنسانِ في الكثيرِ من أقطارِ العالمِ “.
وأوضح أن دولة الإمارات قد التزمتْ منذ تأسيسِها بإرثِ القائدِ المؤسِسِ المغفور له الشيخِ زايد بن سلطان آل نهيان ، طيَّبِ اللهُ ثراه، وتواصل بقيادةِصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيانرئيس الدولة “حفظه الله”، وإخوانِه حكامِ الإماراتِ بتحويلِ قيّمِ ومبادئِ التسامحِ والسلامِ فكان الاتفاقُ الإبراهيمي في سبتمبر 2020 الذي فتحَ فرصةً حقيقيةً لدولِ الشرقِ الأوسطِ بأنْ تبحثَ عن مسارٍ بديلٍ لمسارِ الصراعاتِ والتوتراتِ، حتى ينعمَ هذا الإقليمُ بالسلامِ والاستقرارِ، مؤكدا على ضرورةِ السعي جدياً لإعادةِ إحياءِ عمليةِ السلامِ بحيث تؤدي إلى حلِ الدولتين.
وقال معالي صقر غباش : ” في هذه القاعةِ، قاعةُ زايد، وافقَ مُشرِعو شعبِ دولةِ الإماراتِ على القوانين التي تكفلُ للجميعِ العدلَ، والاحترامَ، والمساواةَ، وتجريمَ الكراهيةِ، والعصبيةِ، وأسبابِ الفُرقةِ والاختلافِ.. ولذلك أرى من الضروري أنْ يعملَ برلمانُكم على إصدارِ تشريعٍ نموذجي استرشادي لبرلماناتِ العالمِ في التسامحِ والتعدديةِ الثقافيةِ، وقبولِ الآخر، حتى يُمكنَ أنْ يكونَ للبرلمانيين دورُهم المؤثرُ في مكافحةِ التطرفِ، والتطرفِ العنيفِ .. كما أتمنى أنْ يكونَ لبرلمانِكم شراكاتٌ ممتدةٌ ومتعاونةٌ مع المؤسساتِ الثقافيةِ المعنيةِ في العالمِ بنشرِ قيّمِ التسامحِ، وتعزيزِ التعايشِ المُشتركِ “.
وأكد معاليه أهميةِ التمسكِ بالحوارِ، وتبادلِ الرأي، والانفتاحِ على آراءِ الآخرين، ونبذِ التطرفِ والحروبِ، وجميعُها أدواتٌ لسياساتِ التسامحِ.. وستعملُ دبلوماسيتُنا البرلمانيةُ مع برلمانِكم وبرلماناتِ العالمِ والمؤسساتِ الدوليةِ البرلمانيةِ الأخرى، على بذلِ أقصى طاقاتِها لنشرِ قيّمِ التسامحِ والحوارِ بينَ شعوبِ العالمِ لمُجابهةِ النزاعاتِ التي تُهددُ السلمَ والأمنَ الدوليين.
واختتم معاليه كلمته قائلا ” نأملُ أنْ يخرجَ اجتماعُكم هذا بنتائجَ إيجابيةٍ تخدمُ الأهدافَ الإنسانيةَ الساميةَ وقيّمَ التعدديةِ والتسامحِ والسلامِ، حتى تَنعمَ شعوبُ العالمِ بالاستقرارِ، والازدهارِ، والرخاءِ، والأمنِ والطمأنينةِ”.
حضر أعمال الجلسة سعادة حمد أحمد الرحومي النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسعادة ناعمة عبدالله الشرهان النائب الثاني لرئيس المجلس، ومعالي علي راشد النعيمي عضو المجلس الوطني الاتحادي، وعدد من أعضاء المجلس.
بعد ذلك ألقى معالي دوارتي باتشيكو رئيس الاتحاد البرلماني الدولي، كلمة قال فيها.. ” يشرفنا ان نكون هنا في المجلس الوطني الاتحادي، وأن اختيار دولة الإمارات لاستضافة أعمال الجلسة التاسعة للبرلمان الدولي للتسامح هو في غاية الأهمية، فدولة الإمارات أرض السلام والتسامح والأخوة، وهذا أساس عملنا واجتماعنا في الاتحاد البرلماني الدولي”.
وأكد أن نهج دولة الإمارات في هذا الخصوص ينسجم مع القيم التي يتطلع ويعمل عليها الاتحاد البرلماني الدولي والمجلس العالمي للتسامح والمنظمات المعنية من خلال تعزيز قيم الحوار للتوصل إلى السلام للجميع، فالتسامح قيمة مهمة لحل أية خلاقات واحترام الأخرين، وهو ما يؤمن به الاتحاد البرلماني الدولي منذ تأسيسه قبل 138 عاما وحصل من خلال هذه الأهداف على جائزة نوبل للسلام مرتين.
وقال معاليه ” إنه على الرغم من النزاعات فإن البرلمانيين في العالم هدفهم تعزيز السلام عبر الأنشطة المختلفة، وإننا كممثلين للشعوب يجب أن نعمل على تفادي ونبذ خطاب الكراهية وندعو إلى احترام الآخر والتعايش السلمي وعدم التدخل في شؤون الآخرين للوصول إلى عالم أفضل يسوده السلام “.
من جانبه ألقى معالي أحمد محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح، كلمة قال فيها.. ” إن العالم يواجه تهديدات خطيرة كالإرهاب والتطرف والتعصب والعنصرية والعنف مما يهدد مجتمعات العالم أجمع وينشر الحقد والكراهية، ومن واجبنا كمحبين للسلام وممثلي الشعوب العمل على مواجهة تلك المخاطر والتهديدات بشتى السبل والإمكانيات ومواجهة الفكر المغذي لهذه الظواهر”.
وأضاف أن المجلس العالمي للتسامح يعمل على بناء شراكات جديدة بين الدول والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والبرلمانية والقيادات والمرجعيات الدينية من أجل مواجهة التطرف والتعصب والتمييز والكراهية ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، عبر نشر المفاهيم السليمة للديانات وغرس مبادئ التسامح والسلام في مجتمعاتنا.
وقال ” إننا في المجلس العالمي للتسامح والسلام نؤمن بضورة حل كافة النزاعات من خلال الطرق السلمية وعبر طاولة المفوضات وإعطاء أقصى فرصة للحلول السلمية وندعو من خلال جلستنا هذه الى وقف كافة اشكال العنف واستخدام القوة والتهديد”.
وقال ” إننا اذ ندين وأدان معاليه بأشد العبارات الهجمات الإرهابية لجماعة الحوثي الارهابية على كل من الإمارات والسعودية واليمن.. مثمنا بقرار الأمم المتحدة بتصنيف مليشيا الحوثي جماعة ارهابية وندعو الى قرارات من أجل حماية الدول التي تعمل على تعزيز التسامح ونشر السلام ليس فقط داخلها بل في محيطها الإقليمي والدولي مثل دولة الامارات العربية المتحدة.
وأضاف معالي الجروان.. ” نتطلع لدعوة برلماناتكم الوطنية لتفعيل دور لجان برلمانية شبابية تعنى بالتسامح والسلام كما اننا على استعداد لتسهيل عمل تلك اللجان وتوفير المنصات اللازمة لها لتقوم بدورها في تعزيز دور الشباب في مجالات نشر ورفع قيم التسامح والمحبة ومواجهة التطرف والإرهاب”.
كما تم إلقاء كلمات خلال الجلسة الافتتاحية لمعالي مصطفى نياس رئيس الجمعية الوطنية السنغالية، ومعالي إسبيرانكا بياس رئيسة الجمعية الوطنية بموزمبيق، ومعالي مستردوين عبده رئيس الجمعية الوطنية في الاتحاد القمري، ومعالي مارجيريتا ريستريبو رئيسة البرلمان الدولي للتسامح والسلام.
المصدر-وكالة أنباء الإمارات