مرئيات

إكسبو 2020: دبي والمعادلة الصعبة

بقلم / دكتورة فاطمة محمد خميس

في نهاية شهر مارس الماضي أسدلت الإمارات الستار على اكسبو 2020، الحدث العالمي الذي استضافته دبي بعد تحديات كثيرة أبرزها وباء كوفيد 19، لتنتصر في النهاية وتسطر فصول ضيافة عربية متميزة. ولعل أبرز ما في هذه الضيافة هو إضفاء روح الرؤية القيادية لدولة الإمارات وخصوصية رؤى دبي على هذا الحدث، وأهمها احتواء الحضارات الأخرى على أسس من الاحترام والمساواة والاحتفاء بالتنوع الثقافي. فالتنوع الثقافي في إكسبو 2020 دبي لم يكن محصورا فقط في أجنحة الدول المشاركة التي تحولت إلى متاحف مصغرة لثقافات الدول المشاركة والتي تسابقت أيضا إلى عرض أحدث مبادراتها ومشاريعها التي تتفق وسِمة الحدث. فما قد عاشه كل زائر ربما هو ذلك الإحساس بأنه جزء من أطياف بشرية زاخرة بالاختلاف العرقي، والفكري، والحضاري، تتوافد لرؤية حدث واحد. وقد لا نبالغ حين نقول إن هذه الأطياف بدت وكأنها مرويات صغرى لحكاية كبرى هي حكاية البشرية على كوكبنا، حكاية احتوتها إكسبو 2020 على مدى ستة شهور مدهشة.
والأهم في هذه الأطياف الزائرة هو تنوع اهتماماتها، فربما لم يكن جميع الزائرين مدركين للرسالة الأساسية لمعارض إكسبو كحدث عالمي يهدف إلى جمع الدول والمنظمات العالمية تحت سمة يتم الاتفاق عليها بهدف إيجاد حلول لتحديات آنية تواجهها البشرية. فالجمهور الزائر لم يقتصر على المهتمين بسِمة إكسبو2020 والتي تمحورت حول صنع المستقبل عبر الفرص والتنقل والاستدامة، وبالتالي التعرف على جهود ومبادرات الدول المشاركة في هذا المضمار لا سيما في ظل تحديات التغير المناخي الذي نعيشه. فالجمهور شمل محبي الثقافة والتعرف على الحضارات الأخرى وأيضا محبي الترفيه. ونجحت دبي في تلبية تلك الاهتمامات المتنوعة وكسب رضا جميع الفئات، بل واستطاعت أن تجذب الفئات الأخرى لغاية المعرض الأساس وحققت بذلك معادلة صعبة باقتدار.
ولا يملك العربي إلا أن يفخر بتميز العديد من معارض الدول العربية ومنها الإمارات والسعودية في عرض إنجازاتها وفق وجهي الحضارة الحديثة والأصيلة معا، فكان التمازج بين الوجهين توثيقا لرؤى متوازنة تتبناها الدولتان وتتمسك وفقهما بالثوابت وتباري في الوقت ذاته مجريات العصر الحديث ومتطلباته. فمثلا تميز جناح الإمارات بعرض مبادرات علمية وأكاديمية في مجال حماية البيئة والتصدي لتحديات المناخ الحالية، وهي مبادرات تقوم بها جامعات محلية كجامعة خليفة أو أخرى هي فروع لجامعات عالمية عريقة كجامعة نيويورك أبو ظبي. ومن الأجنحة التي نجحت أيضا في إبراز تاريخها العريق وكذلك مشاريعها الحديثة جناح دولة باكستان، ولعل في ذلك دلالة على جو التنافس الذي أضافته خصوصية رؤى الإمارات لإكسبو 2020 مما جعل الدول المشاركة تتسابق للوصول إلى دائرة الضوء والبقاء فيها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى