مال وأعمال

قمة الحكومات: الابتكارات الإلكترونية ركيزة للموجة العالمية الجديدة من التنمية الاقتصادية

أكد تقرير معرفي أصدرته مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن تعميم التكنولوجيا المتقدمة يمثل تحدياً كبيراً لجهود صناعة المستقبل وتعزيز مسيرة التنمية العالمية، نتيجة محدودية الجهات التي تتصدر صناعة الأنظمة المتطورة ومكوناتها الحيوية، خاصة الرقائق وأشباه الموصلات ما يشكل تحدياً لنشر المعرفة والعلوم وسرعة تقدم التكنولوجيا وتأخير المرحلة المقبلة من القفزات التقنية.

وقدم التقرير الذي أصدرته مؤسسة القمة بالشراكة مع معهد الابتكار التكنولوجي TII، المؤسسة البحثية العالمية الرائدة المتخصصة في الأبحاث المتقدمة والابتكار في الحوسبة الكمية والروبوتات المستقلة وعلم التشفير، عرضاً متكاملاً حول التحديات التي تواجه دول العالم في عمليات تطوير بنيتها التحتية التكنولوجية والابتكارية لتعزيز مسيرة النمو العالمي.

ولفت التقرير الذي حمل عنوان “المنهجية المتكافئة اللازمة لإطلاق العنان لابتكار الأجهزة” إلى أن شركات محددة تعمل في الأسواق باتت المصدر شبه الوحيد للرقائق وأشباه الموصلات وتسيطر على قطاعات بأكملها، فعلى سبيل المثال تعتمد معظم أجهزة الكمبيوتر ومراكز البيانات في العالم على شرائح من شركتي “انتل” و”AMD” الأمريكيتين، في حين تتوزع الشرائح المشغلة للهواتف المحمولة حول العالم على شركتي “آبل” و”كوالكوم” الأمريكيتين و”سامسونج الكورية” و”ميديا تيك” التايوانية في حين أن الشرائح المستخدمة في قطاعات الغرافيك والذكاء الاصطناعي خاضعة لسيطرة “نيفيديا” الأمريكية، بينما تتقاسم “سيسكو” الأمريكية و”هواوي” الصينية السيطرة على الشراح المشغلة للشبكات التي تربط أنظمة الكمبيوتر.

وأشار إلى أن بعض الاقتصادات الناشئة بدأت اللحاق بركب التصنيع المتقدم، إذ أحرزت الهند وماليزيا وسنغافورة تقدما كبيرا، بفضل تقدم برامج تعليم العلوم والتكنولوجيا والرياضيات، والعلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة ووجود العمالة المحلية المنخفضة التكلف، كما نفذت “إنتل” و”كوالكوم” استثمارات كبيرة لإنشاء مراكز تصميم للشرائح الذكية، ما ساعد على إطلاق اقتصادات رقمية في تلك الدول وشجّع على نمو الشركات الناشئة الأصغر حجما التي تبتكر تصاميم جديدة للرقائق.

وأكد محمد يوسف الشرهان، نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن مؤسسة القمة تسعى إلى ضمان الاستمرارية في التطوير وتعزيز اعتماد الحكومات على التكنولوجيا الحديثة لتسهيل حياة المجتمعات وتحسين الأنظمة لصالح الإنسان ما يجعلها واحدة من أهم مراكز المعرفة العالمية وتبادل الخبرات إضافة إلى كونها مصدراً مهماً لصياغة استراتيجيات جديدة واستلهام حلول وطرق مبتكرة لتبني التكنولوجيا الحديثة وتشكيل مستقبل أفضل.

وأشار إلى أن التقرير الذي تم إطلاقه بالشراكة مع معهد الابتكار التكنولوجي، يشكّل خطوة جديدة في تعزيز عمل الحكومات في القطاعات التكنولوجية، وتطوير خطط البحث والإنتاج في هذا القطاع الحيوي، بما يسهم في بناء مستقبل مستدام.

من جانبه، قال الدكتور شريكانت /تيكي/ تاكار، كبير الباحثين في مركز بحوث الأنظمة الآمنة التابع لمعهد الابتكار التكنولوجي، أحد المساهمين الرئيسيين في تقرير “نهج المساواة المطلوب لإطلاق العنان لابتكار الأجهزة” : ” شارفت مرحلة احتكار الريادة التكنولوجية على الانتهاء تقريباً. فاليوم، ولضمان استفادة الجميع من التكنولوجيا، نحتاج إلى كسر هذا السقف الزجاجي لصناعة أجهزة السيليكون والأنظمة ووضع التكنولوجيا في متناول الدول الناشئة في جميع أنحاء العالم. فيمكن أن تساعد الأنظمة المفتوحة هذه الدول على مواجهة الصعاب والتغلب على التحديات لتصبح متطورة تكنولوجياً مثل نظيراتها الأكثر تقدماً وتتمكن من قطف ثمار هذا التقدم”.

وأشار التقرير إلى أن عمليات تصميم وإنتاج أشباه الموصلات منذ عام 1995 ساهمت بنحو 4 إلى 5 ترليونات دولار من الناتج الإجمالي للعالم، كما وصلت مساهمتها غير المباشرة إلى 15 ترليون دولار، في حين تجاوزت العوائد السنوية المباشرة لصناعة الرقائق حاجز 600 مليار دولار، مع نسبة نمو تزيد على 29% سنوياً.

– نهج جديد للمساواة التكنولوجية.

وتطرق التقرير إلى الحاجة الملحة لتبني نهج عالمي جديد من المساواة التكنولوجية لإطلاق العنان لعملية ابتكار الأجهزة الإلكترونية، خاصة إن هذا النوع من الابتكار سيكون الدعامة الأساسية والركيزة للموجة العالمية الجديدة من التنمية الاقتصادية، غير أنه يعتمد بشكل رئيسي على رقائق السيليكون المبتكرة وتصميم الأنظمة الرقمية، مشيرا إلى أن سيطرة دول وشركات محددة على هذا القطاع، أدى إلى جعل سائر الدول بما فيها بعض الدول الأكثر تقدما في أوروبا تكافح من أجل اللحاق بركب الابتكار التقني لرقائق السيليكون.

وأكد أن التحديات لا تقتصر على الدول بل تشمل أيضاً الشركات العملاقة، إذ تشير التقديرات مثلا إلى أن مصنعي السيارات في الولايات المتحدة خسروا نحو 300 مليار دولار من المبيعات بسبب نقص الرقائق عام 2021، في حين تمكنت شركات مثل تسلا التي سيطرت على مصادرها التكنولوجيا من تجنب هذا النقص .

واستعرض التقرير التحديات التي يفرضها هذا الواقع على أكثر من صعيد، بينها التي تواجهها الدول لبناء المواهب المحلية المطلوبة للمشاركة في الموجة التالية من الابتكار، إلى جانب تفاقم هجرة الأدمغة، مشيراً إلى أن الإنسانية ستستفيد من نهج المساواة في ابتكار الأجهزة وتمكين الجميع من المشاركة في عملية الابتكار التي ستسمح بتعزيز التنمية وتوفير الاستفادة القصوى من فوائد البرامج والبيانات والأجهزة مفتوحة المصدر وتمكين تحقيق “معجزات تجارية” في العالم النامي وتأمين شفافية أكبر في استخدام الخوارزميات ونزاهة الممارسات في هذا القطاع وتأمين فرص تعليمية أفضل للطلاب حول العالم.

– تجربة إماراتية رائدة.

وتناول التقرير تجربة دولة الإمارات الرائدة في تعزيز الابتكار المحلي من خلال الاستثمار في “جلوبال فاوندريز”، وهي شركة لتصنيع الرقائق، لسد هذه الفجوة، إلى جانب مساهمة “جامعة خليفة” التي كانت واحدة من أوائل المؤسسات التعليمية في المنطقة التي توفر التدريب على تصميم أشباه الموصلات، كما ركز على أهمية توفير أجهزة بتكنولوجيا مفتوحة للجميع من أجل أن تستفيد جميع الدول من عملية التطوير وكذلك تسريع عملية اختبار الأجهزة وتطويرها وتعزيز بنيتها التحتية و”إضفاء الطابع الديمقراطي” الذي يعزز الثقة ويتيح للشركات والبلدان الأصغر حجما فحص العملية الأمنية عبر نظام البرامج والأجهزة بأكمله والارتقاء بمستوى الجودة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى