رحلات الظماء في صحراء الخليج
بقلم: الشاعر والكاتب:
أنوربن حمدان الزعابي
عندما أوكل لي في أحدى محطاتي العملية في أحد القطاعات الهامة في البلاد توثيق السير الذاتية للشخصيات الهامة والعامة في الدولة أحترت في بناء قاعدة الثبات الأولى أو نقطة الانطلاق رغم توفر كافة الإمكانيات المادية والمعنوية والاجتماعية وتوفير وسائل النقل بصورة مفتوحة برا وجوا وبحرا وكذلك السكن والإقامات والإعاشات في أي مكان في العالم مع الكادر الذي سوف يعاونني في هذه
المهمة الوطنية التي تعد أرشيفا موثقا عن حياة من سبقونا ومن هم شكلوا الحواضر الاجتماعية من مدن وبلدات وقرى ومخيمات بدوية في البوادي والصحاري الإماراتية التي هي مجتمعا أخر زاخرا برجاله وعاداته وثقافاته وحله وترحاله طلبا للكلا والمراعي.
لن أطيل في المدخل فقد التقيت في لندن بأحد البحاثة الإنكليز يدعى هيد جنسون وهو زار للإمارات بالثلاثينيات في زمن المستعمر الإنكليزي والتقى مع الرحالة الانكليزي المسمى مبارك بن لندن كما كان يعرفه البدو قديما عندنا ، وحدثني الإنكليزي العجوز عن رحلاته ومغامراته سيرا على المطايا وأحيانا السيارات البدائية ولقائه بالكثيرين من أبناء الساحل المتصالح أو إمارات ساحل عمان وعدد لي مهنهم ومناقبهم وعاداتهم .ومنهم من كانوا أعيانا ووجهاء ومشايخ وتجارا حيث تجارة اللؤلؤ والصيد وتبادل البضائع مع الهند والعراق والكويت والدمام بالسعودية.
وفي تلك السنين الغابرة كانت تجارة الرقيق منتشرة إنتشارا واسعا ومزدهرة في العالم ومن ضمنها إمارات الساحل والخليج عامة.وكانت القوة الحامية هي قوات ساحل عمان المتحركة والتي كانت هي الجيش النظامي لإمارات الساحل المتصالح وكل أفرادها من أبناء القبائل الإماراتية.وكانت تتمركز القوة
في قاعدة المرقاب بالشارقه التي تحولت فيما بعد الى معسكرا للواء اليرموك الإماراتي الشهيرالذي قدم أروع الملاحم في بيروت أثناء تواجد قوات الردع العربية هناك. وظهر في الأربعينات الكثير من الرحالة الأجانب لاستكشاف الجزيرة العربية واليمن وأشهرهم هو مبارك بن لندن الذي رافقه أشهر الفرسان الشباب في ذلك الوقت هو سالم بن غبيشه وسالم بن كبينه وهم من قبيلة الرواشد البدوية الشهيرة في الجزيرة العربية والإمارات وعمان. وقطعوا معه صحراء الربع الخالي والظفرة وعمان لمدة خمس سنوات كاملة تعرضوا خلالها للأخطار كالظمأ والجوع وغارات قطاع الطرق في ذاك الزمان الغابر والمرير.
عبر ويلفريد ثيسيجر الربع الخالي مرتين بين عامى 1945 و 1950 للميلاد. وكان من أهم مرافقيه شابان من قبيلة الرواشد الكثيرية،
وهما سالم بن كبينة الراشدي الكثيري، وسالم بن غبيشة الراشدي الكثيري إذ أطلق على نفسه مبارك بن لندن. اقتادته أسفاره إلى العراق وبلاد فارس (إيران حاليا)،
وكردستان، وباكستان، وغرب أفريقيا، وكينيا. وعاد إلى إنجلترا في 1990م، وحصل على لقب فارس في عام 1995.
ثيسيجر التقط صورا كثيرة خلال أسفاره، وتبرع بمجموعة واسعة من “السلبيات” أو الصور، بلغت أكثر من 25000 صورة إلى متحف بيت ريفرز، وأوكسفورد