كليفلاند/أوهايو -الوحدة:
عادة ما يبدأ تجاهل الأفراد للقرارات المتعلقة بالعام الجديد بمجرد اتخاذها، ويوضح الأخصائي النفسي في كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، بأن السبب في ذلك قد يكون متعلقاً بكيفية صياغة الأفراد لهذه القرارات أكثر من كونه افتقارهم إلى قوة الإرادة.
وقال الدكتور ديفيد كريل، الأخصائي النفسي السريري، وأخصائي علم فسيولوجيا الرياضة، وأخصائي التغذية المسجل: “بهدف تحسين فرص الوصول إلى النجاح طويل الأمد يجب على الأفراد تحديد الأسباب وراء رغبتهم بتحقيق أهداف معينة في أسلوب حياتهم، وتوخي الدقة والحرص عند تحديدها. إن التفكير المستمر في سؤال “لماذا” يود الأفراد تحقيق هذه الأهداف، كفيل بمساعدتهم في المحافظة على نفس الزخم وذلك بعد فتور الحماس الأولي الذي غالباً ما يشعرون به لحظة اتخاذهم للقرار. وحتى لو فشل الأفراد في تنفيذ القرارات التي اتخذوها، فإنه يمكنهم إعادة صياغتها بطريقة تدعم نجاحهم في تحقيق أهدافهم”.
وبمجرد وضوح الدافع، يمكن للأفراد تحسين فرص نجاحهم من خلال قيامهم على سبيل المثال بأخذ التوازن بين الحياة والعمل بعين الاعتبار، والالتزام بإعطاء الرعاية الذاتية الأولوية ذاتها التي يعطونها لتحقيق النجاح في العمل.
وأشار الدكتور كريل إلى أن الخطوة التالية تتمثل في وضع الأهداف المتعلقة بالصحة وفق منهجية (SMART) التي تعني: أهداف محددة (Specific)، وقابلة للقياس (Measurable)، وقائمة على خطوات فعلية (Action-oriented)، وواقعية (Realistic)، ومحددة بإطار زمني (Time-bound). وقدم الدكتور كريل المثال التالي لهدف تم وضعه وفقاً لمنهجية (SMART): “أريد النهوض في الساعة السابعة صباحاً لمدة أربعة أيام أسبوعياً لكي أمشي لمدة 30 دقيقة”.
وبيّن الدكتور كريل المنهجية المفيدة الأخرى التي يمكن اتباعها والمتمثلة بإعادة صياغة الأهداف القائمة على النتائج لتصبح أهدافاً قائمة على السلوك، وقال: “أحياناً يبدأ الأفراد بهدف قائم على النتيجة مثل الرغبة في خفض الوزن بمقدار 15 كيلوجراماً، في حين قد يكون من الأجدى تحديد السلوكيات الواجب تغييرها من أجل تحقيق هذا الهدف، كأن يقرروا على سبيل المثال المشي على جهاز المشي عند مشاهدة برنامجهم التلفزيوني المفضل عوضاً عن الجلوس على الأريكة”.
المحافظة على الزخم
أشار الدكتور كريل إلى أن وضع إطار زمني لإجراء إعادة تقييم دوري يعد أمراً مهماً كذلك، خاصة عند تجزئة الأهداف الشاملة إلى أهداف قصيرة المدى وقابلة للقياس. وأوضح أنه يمكن إجراء عملية إعادة التقييم هذه من قبل الأفراد أنفسهم، أو بدعم من المقربين منهم. وأوضح أن الخيارات الأخرى في هذا الإطار تشمل الانضمام إلى مجموعة أو برنامج أو تطبيق افتراضي أو شخصي يزيد من شعورهم بالمسؤولية أو يحفزهم على مواصلة العمل لتحقيق أهدافهم.
وأضاف الدكتور كريل: “يجب التفكير في هذه النقطة بشكل جيد وذلك لتجنب النتائج العكسية لقرار اختيار شريك المسؤولية. على سبيل المثال، إذا كان الفرد مستجداً في مجال ممارسة التمارين الرياضية، وقرر ممارستها مع صديق لا يستمتع بالرياضة، فقد ينتهي الأمر بإقناع كل منهما للآخر بعدم القيام بأي نشاط في هذا السياق”.
وأشار الدكتور كريل إلى أن استخدام الحوافز والمكافآت هو إجراء مفيد آخر يمكن تطبيقه، وتابع قائلاً: “يعد الدافع الذاتي أكثر أهمية من الدافع الخارجي بصورة عامة. وعندما يتعلق الأمر ببدء شيء جديد، فإن استخدام المكافآت بطريقة حكيمة قد يكون مفيداً جداً، إذ أن اختيار أي نوع من المكافآت غير الغذائية كالحصول على جلسة تدليك على سبيل المثال بعد عدة أسابيع، يمكنه أن يسهم في إبقاء الفرد متحمساً للعمل على تحقيق الهدف الكلي”.
وذكر الدكتور كريل أن وضع بعض الأهداف وفقاً لأسلوب “مرة واحدة فقط” مثل التسجيل للمشاركة في سباق ماراثون لمسافة خمسة كيلومترات، يمكن أن يساعد أيضاً في دعم تحقيق الهدف بعيد المدى، مشيراً إلى أن تحقيق عدة أهداف مرحلية بسيطة وواقعية قادر على تعزيز ثقة الأفراد بأنفسهم وتحفيزهم.
الاستعداد للنجاح
أشار الدكتور كريل إلى أنه يجب على الأفراد بهدف زيادة فرصهم في تحقيق النجاح، الاستعداد والتدرب على مواجهة المغريات والتحديات. وقال: “على سبيل المثال، إذا أردتم الالتزام بالانضمام إلى صف للتمارين الرياضية مرة كل يومين، ولكنكم تعلمون من تجربة سابقة أنكم تشعرون بالتعب الكبير في بعض الأيام الأمر الذي يمنعكم من ممارسة التمارين الرياضية، فإنه يمكنكم اتخاذ قرار مسبق بأن تقوموا في مثل هذه الأيام بالتمرن لمدة 10 دقائق على الأقل، وهو أمر يمكن القيام به بسهولة أثناء مشاهدة برنامج تلفزيوني”.
وبيّن الدكتور كريل أنه يمكن للأفراد تحديد العقبات التي تواجههم مثل تقلبات المزاج التي قد تتعارض مع ما ينوون القيام به. ومن ثم يمكنهم التفكير في الأمور التي ساعدت في السابق على تخطي هذه العقبات مثل التواصل مع الآخرين والذي يعد عاملاً مساعداً لتنشيط الأفراد خاصة عند شعورهم بالإحباط. وأشار الدكتور كريل إلى أنه في حال كان الأفراد ممن يكثرون من تناول الطعام عند الشعور بالضغط والتوتر، فإنه يمكنهم التعامل مع هذا الأمر من خلال تحضير وجبة ذات سعرات حرارية محددة في خزانتهم لكي يتناولوها، وهو ما سيساعدهم في التخلص من شعور “إما كل شيء أو لا شيء” الذي قد يساورهم ويدفعهم إلى الأكل بصورة زائدة عن الحاجة.
واختتم الدكتور كريل بالقول: “في حال كانت هناك اضطرابات مزاجية تعترض نجاح الأفراد، أو إذا كانوا في صراع مع مشكلة مثل التحكم بوزنهم، فإنه يمكنهم دراسة خيار الحصول على الدعم من أخصائي نفسي في هذا المجال، لمساعدتهم في التعرف أكثر على مشكلتهم ومعالجتها”.