مرئيات

حماد…. يا حماد.. لا تكبر مع السنين

بقلم : إبراهيم المحجوب / العراق - الموصل

حتى وإن كبرت يا ولدي الصغير ستبقى في عيوننا ذلك الطفل الهادئ بأطباعه والمحبوب لدى الجميع..
حتى وإن سارت بك السنين ستبقى ذلك الطفل المدلل… نعم إن عجلات الزمن تسير بدون توقف ولكن محبتكم تبقى ثابته لا تستطيع الأيام أن تمحيها أو تغيرها لأنها غير مصنعة ونباتها يروي عطشه من محبة القلوب..

يا حماد يا فلذة القلوب والأكباد..
لقد منحتك الأقدار أن تكون صغير إخوانك فربحت جائزتك الكبرى وهو اهتمام الجميع بك ومحبتهم فوق الطبيعي لك… فهنيئاً لك بمشاعر عائلة كاملة وهنيئاً لنا وأنت بيننا..

اليوم وأنا أرى درجاتك في ورقة النتيجة ومستواك الأول على زملائك في الصف الثاني من المرحلة المتوسطة ومع فرحتي أسوة بأي اب يتمنى الخير لأبنائه الا أن الذكريات عادت بي الى حنين الماضي وظروفنا القاسية التي كنا نعيشها. فأنا أتذكر يا ولدي عندما كنت أحمل شهادة المدرسة فرحاً بنجاحي وأركض لأبلغ أهلي بالنتيجة تنتهي فرحتي بوصولي المنزل لأن الجميع مشغولون بأمور أهم من فرحتهم بنتيجتي فلقمة العيش والحصول عليها كانت هي الفرحة الكبيرة لتلك العوائل…

لم يكن لدينا من يتابع دراستنا لأن المدارس كانت هي وحدها المسؤولة عن متابعة تعليمنا وكان خوفنا من عصا المعلم وحصولنا على التكريم البسيط من الإدارة هو من يحفزنا على المثابرة والنجاح…

لم نكن نعرف العطل الرسمية الا يوم الجمعة من كل أسبوع والعطل المتعارف عليها العطلتان الربيعية والصيفية.. وحتى أيام العطلة لم نحصل فيها على أيام ترفيهية لأن الأوضاع الصعبة للمعيشة لأغلب العوائل تحولنا من طلاب مدارس الى رعاة أغنام ومساعدة الأهل في أمور الزراعة وكان الحماس بيننا نحن الطلاب في العطل الرسمية هو حماس أخلاقي والغاية منه تقديم العون لمن حولك وكذلك إظهار مدى اهتمامك بمواشي العائلة والتي تعتبر مصدر الدخل الأول لهم…

كانت كل العابنا مصنوعة من عالم بسيط وبدون أي تكلفة مادية ولم نعرف الآيباد أو الحاسبة أو جهاز الموبايل في حينها لأن هذه الأجهزة لا تدخل حتى في عالمنا الخيالي..
كان جهاز الراديو موجود لدى البعض من العوائل وممنون التقرب منه بالنسبة لنا…

فاين اليوم من الأمس يا حماد وأين أنتم من هؤلاء الذين أكلوا خبزتهم من عرق جبينهم ومن مجهودهم الخاص..
أيام وليالي ذهبت مع أهلها ورغم قساوتها الا أننا اليوم نبحث لكم عن كل ماهو مريح ومسلي لنبعد عنكم مأساة حياتنا في مهد طفولتنا..

لقد اختلفت القرية اليوم عن ماضيها وعاداتها وتقاليدها وأصبح الحضارة العمرانية موجوده فيها أسوة بالمدن… وهكذا هي أحوال الدنيا وتقلباتها ياصديقي العزيز…
أتمنى لك ولكل أبناء جيلك حياة هانئة سعيدة خالية من كل الشوائب الدنيوية…

مبروك لك هذا النجاح والفضل أولاً وأخيراً يعود لمدرستك ولوالدتك التي تتابع دراستك والتي تخرج من تحت يدها إخوانك الكبار وأصبحوا يحملون بفضل الله وفضلها أعلى الشهادات الجامعية…فهي السند الحقيقي لجميع أفراد العائلة وهي المرأة المعطاء للجمبع…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى