القمة الثقافية أبوظبي تواصل فعالياتها في منارة السعديات
واصلت القمة الثقافية أبوظبي فعالياتها، لليوم الثاني على التوالي، في منارة السعديات، بمشاركة قادة الفكر وصناع السياسات والفنانين والمتخصصين في الثقافة من كافة أنحاء العالم، لمناقشة التحديات التي تواجه عالم الثقافة اليوم، واستكشاف تأثير التقدم التكنولوجي على كيفية إنتاج الثقافة، وتلقيها واستهلاكها تحت شعار “مسألة وقت”.
وكان من أبرز فعاليات القمة هذا العام افتتاح “الحوار الوزاري”، الذي انطلق بالتعاون مع اليونسكو.
وتجمع هذه المبادرة، التي تعد الأولى من نوعها في القمة، وزراء الثقافة معالي إرنست أورتاسون، وزير الثقافة في مملكة إسبانيا؛ ومعالي محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية؛ ومعالي أدريانا أورتيز، وزيرة الثقافة في جمهورية باراجواي؛ ومعالي أبراو فيسنتي، وزير الثقافة والصناعات الإبداعية ووزير البحر في جمهورية الرأس الأخضر؛ ومعالي نينا أوبولجين كورزينك، وزيرة الثقافة والإعلام في جمهورية كرواتيا؛ ومعالي ألبيديو ألونسو، وزير الثقافة في جمهورية كوبا؛ وسعادة أبكر روزي تقيل وزير الشؤون الثقافية والإرث التاريخي والسياحة والحرف اليدوية في جمهورية تشاد؛ بما يتيح لهم الفرصة للتواصل مع المنظومة الثقافية والإبداعية العالمية.
وشارك معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة–أبوظبي، وإرنستو أتون راميريز، مساعد المدير العام للثقافة في منظمة اليونسكو، في الجلسة الحوارية الأولى التي أدارتها بيكي أندرسون من شبكة سي إن إن الشرق الأوسط، والتي ناقشت مفهوم الثقافة “منفعة عامة عالمية”، الذي تم تسليط الضوء عليه في إعلان الثقافة، الذي تم اعتماده بالإجماع في مؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة (موندياكولت) لعام 2022 في المكسيك.
ويعكس حوار هذا العام نتائج ومخرجات هذا الإعلان ويساهم في التحضير لمؤتمر اليونسكو (موندياكولت) 2025، مع التركيز على دمج الثقافة ضمن أهداف الأمم المتحدة المقبلة للتنمية المستدامة.
وألقى معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة كلمة رئيسية في القمة، دعا خلالها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية مختلف أشكال وألوان التعبير الثقافي وصونها والحفاظ عليها، من تأثيرات الأحداث والصراعات العالمية وتداعياتها.
وقال معاليه “لقد حققت دولة الإمارات مستويات غير مسبوقة من التميز في مختلف القطاعات، وكانت الثقافة في طليعة هذا التطور. لكننا في الوقت نفسه، لا يمكن أن نعيش بمعزل عما يجري حولنا، بل يتعين علينا أن ندرك كيف تساهم الأحداث العالمية في إعادة تشكيل العالم من حولنا. وأكرر ما قاله أخي معالي محمد خليفة المبارك في كلمته الترحيبية أمس، إنه علينا أن نغتنم فرصة اجتماعنا هنا في هذه القمة لإيجاد حلول ملموسة من شأنها المساهمة في حل مشكلاتنا وتلبية احتياجاتنا والمجتمعات العالمية”.
من جانبه ركز معالي محمد خليفة المبارك، وخلال مشاركته على أهمية ربط الشباب بالثقافة وقال “يمكننا تحقيق تغيير إيجابي عبر توطيد ارتباط الشباب بموروثنا الثقافي، ومع وجود التعليم كعامل محفز، توفر ثقافتنا أساسا قويا لازدهار العقول الخلاقة، وإلهام الشباب وتعزيز إبداعهم، وليكون التغيير راسخاً، علينا أن نعمل معاً لتعميق فهمنا للثقافة والحفاظ عليها للأجيال القادمة، ليس من منظور فردي بل من منظور عالمي. وفي هذه اللحظة، لدينا الفرصة لتحقيق ذلك”.
وعن الاستثمار في الثقافة أوضح معاليه أن حجم الاستثمار في الثقافة سواء في الإمارات العربية المتحدة أو على امتداد دول مجلس التعاون الخليجي ضخم، وأن هناك تركيزا على الحفاظ على الثقافة، وفي الوقت نفسه مشاركتها مع العالم، وقال معاليه “نركز على هذا الجانب في أبوظبي، بينما تشهد المنطقة نقلة نوعية في فهم وإدراك أهمية الثقافة، وفي حين أن العديد من مناطق العالم تشهد انخفاضا في الإنفاق على الثقافة والفنون، فإن هذه المنطقة، لا سيما دولة الإمارات، تعزز استثماراتها الثقافية بشكل ملحوظ”.
وحول أهمية المنطقة الثقافية في السعديات قال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة–أبوظبي “نحن على قناعة أن الثقافة تشكل إحدى اللبنات الأساسية لبناء أي مجتمع يستشرف ويتطلع إلى المستقبل، وتعد المنطقة الثقافية في السعديات (إحدى هذه اللبنات) والمكان الذي يتم فيه الاحتفاء بالفعل بالثقافة والفن والتاريخ العالمي”
وأضاف “لقد أتيحت لنا الفرصة الآن وللمرة الأولى، لسرد القصص التي لم تكن تحظى بالتمثيل الكافي من قبل أو عدم التمثيل على الإطلاق، ومشاركة هذه المعلومات من خلال مجموعة متنوعة من الآراء ووجهات النظر المختلفة، من تاريخ أفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، إلى شبه الجزيرة العربية والقائمة تطول، ولا شك أنه في عالم تزداد فيه صعوبة الحصول على المعلومات بالطريقة الصحيحة، فإننا نسعى إلى القضاء على جميع التحيزات والتأكد من أن الجميع يحظى بنفس القدر من التمثيل”.
وفي إحدى جلسات القمة، التي ضمت عددا من كبار مديري المتاحف، ناقش كايوين فيلدمان، مدير المتحف الوطني للفنون في واشنطن، ومانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي، ومارييت ويسترمان، نائب رئيس جامعة نيويورك أبوظبي والمدير والرئيس التنفيذي المنتخب لمتحف ومؤسسة سولومون آر. جوجنهايم، بدائل النموذج التقليدي للمجموعات الدائمة في المتاحف اليوم، وكيف تؤثر على نموها.
وقال راباتيه “تعد أبوظبي مكانا للتواصل ويمكننا أن نروي قصة العالم من خلال متحف اللوفر أبوظبي، نحن ممتنون للعلاقة القوية التي تجمع بين فرنسا وأبوظبي، بما يمكننا من إتاحة أشهر القطع الفنية لهذه المنطقة، ونطمح أن نكون على تواصل دائم بالعالم من خلال الفن والثقافة”.
وعلق ويسترمان قائلا “إنني على قناعة قوية من أنه يجب جمع الأعمال والمقتنيات الفنية لهذا العصر والحفاظ عليها، ويجري بناء متحف جوجنهايم أبوظبي مع الأخذ في الاعتبار التنوع والجمال الذي تتميز به دولة الإمارات، حيث ترحب على أرضها بالناس من جميع الأعراق والأديان والثقافات، وقد قرروا الاستقرار وبناء حياتهم في منطقة الخليج، ومن حيث الفن والإبداع، فإننا نشهد بالفعل الانتقال من عصر البناء والملكية والاتجاه نحو عصر المشاركة”.
بدوره، قال فيلدمان “كان القرن العشرون حقبة عظيمة لازدهار المتاحف، ونحن الآن في حقبة انتقالية للفن والإبداع، لأنه باعتقادنا أن النموذج الجديد يجب أن يتمثل في قيام المتاحف بمشاركة مجموعات المقتنيات الفنية مع بعضها البعض”.
وفي جلسة بعنوان “إعادة تعريف دبلوماسية الترفيه” نظمتها أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، استعرض مايكل أولسان، المبتكر والمنتج التنفيذي لسلسلة أفلام باتمان والأفلام ذات الصلة بباتمان، قوة الترفيه في تجاوز الحدود والجمع بين الناس، وقال “لقد تحدثت ثلاث مرات في الأمم المتحدة أمام أشخاص من ديانات وثقافات مختلفة، وفي مرحلة ما بدأت المناقشات تتجمع حول الأفلام والرسوم المتحركة والموسيقى والقصص المصورة وقصص المانجا اليابانية، حيث أدركنا أن وسائل الإعلام التقليدية تميل إلى عرض اختلافاتنا، في حين تسلط الثقافة الشعبية الضوء على أوجه التشابه بيننا، بما في ذلك التاريخ والقصص والفولكلور”.
وتنظم دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، القمة الثقافية التي تستمر حتى يوم غد بالتعاون مع عدد من الشركاء العالميين من مختلف الخبرات والمجالات، من الثقافة والفنون إلى الإعلام والتكنولوجيا، من أبرزهم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وإيكونومست إمباكت، ومتحف التصميم في لندن، وشركة جوجل، ومتحف ومؤسسة سولومون آر جوجنهايم، والأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم، وعدد من الشركاء الإضافيين، منهم أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، ومعهد العالم العربي، وبيركلي أبوظبي، ونادي مدريد، والمجمع الثقافي، والاتحاد الدولي لمجالس الفنون ووكالات الثقافة، وإيمج نيشن أبوظبي، واللوفر أبوظبي، وجامعة نيويورك أبوظبي، ومنتدى ثقافة المدن العالمية، وغيرهم.