مرئيات

رجال صدقوا العهد وتواصلوا مع القريب والبعيد

بقلم : إبراهيم المحجوب - العراق -الموصل

مازال الزمن يراهن على رجال المهمات الصعبة ومازال يكتب كلماته بحذر شديد خوفاً من أن لا يوفيهم استحقاقاتهم.. ومازال هؤلاء الرجال يؤكدون بعزيمتهم وإصرارهم التواصل اليومي مع أبناء مجتمعهم من أجل خلق فرصة التقارب وتماسك صلة الأرحام…

اليوم أتكلم عن شخصية اجتماعية تعلمت منها أشياء كثيرة من خلال معرفتي ومرافقتي له في بعض المناسبات الاجتماعية… وربما سائل يسأل مَن هذا الجبل الأشم الذي تتكلم عنه أيها الكاتب القروي بكلماتك المشوقة للقراءة وأنت في مراحل متقدمة من العمر وقد علمك الزمان الكثير والكثير من الأشياء…

ألم تدرس وتتعلم أن الوفاء واجب وأن الأوفياء هم السر في نجاح الحياة لأنهم لا يعرفون الخيانة والمراوغة ولاتوجد في قلوبهم أي نوع من البغضاء ويكرهون حب الأنا لأن الله خلقهم ومعهم صفات الصدق والوفاء…

عن ماذا أتحدث اليوم يا صديقي وأنت قد سبقتنا جميعا بمهامك الإنسانية لأداء واجباتك الاجتماعية وتواصلك مع الجميع أين ماحلوا وأين ما ذهبوا..

لا تستغرب أيها القارئ الكريم إذا تحدثت لك اليوم عن صديقي الشيخ الدكتور جاسم الگصمي لانني سبق وأن كتبت مؤلف كامل بكل صفحاته عن مآثره وبشهادة كل أصدقائه ومعارفه ولكنها لا تكفي لتلك المسيرة المعطاء… لأن اللواء الركن المهندس جاسم الگصمي رجل من طراز خاص ومن لا يعرفه ربما لا يعرف عن الوفاء والصداقة الحقيقيّة أي شيء… لأنه تعلم الحياة الصحيحة وبناء العلاقات الاجتماعية الناجحة منذ نشأته الأولى في منزل والده المرحوم الحاج محمد الگصمي في ناحية القيارة…

عرفته في السنوات الأخيرة بعد أن كنت أسمع عنه الكثير من المواقف الرجولية والبطولية من خلال مواقفه الإنسانية المشرفة مع جميع زملائه وأصدقائه الذين شاركوه الخدمة في الوحدات العسكرية وعن مساعدته للناس وتحليه بالبساطة والتواضع عندما كان أحد القادة والضباط البارزين في تشكيلات وحدات القوة الجوية العراقية ضمن صنوف الجيش العراقي الباسل…

نعم أنه الگصمي أبو أيمان الذي مازال يتمسك بمواصلته مع كل معارفه ومشاركتهم أفراحهم واتراحهم مهما كانت المسافات بينهم ولا تعنيه تلك المسافات بشيء فتجده يتنقل بين المحافظات العراقية لأداء جميع الواجبات الاجتماعية مع أصدقائه دون كلل أو ملل…

بعثت له قبل يومين رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسأل عن صحته وأوضاعه العامة وأين مكان تواجده ولكنه فاجأني بأنه في زيارة لأحد أصدقائه خارج العراق لأداء واجب التعزية بوفاة أحد أفراد عائلة هذا الصديق والمسافة تتطلب السفر بالسيارة يوم كامل وبدون توقف .. فأي وفاء هذا يا أبا إيمان سوف أتحدث عنه في هذه السطور القليلة وأنت تقدم لنا التضحيات بوقتك وأموالك من أجل مواصلة صلة الأرحام والحفاظ على أصدقائك القدامى…
وأين هم اليوم أبناء هذا المجتمع من هكذا شخصيات لا تعنيها المسافات بشيء…

عن ماذا نكتب ياصديقي العزيز وأنا عرفت فيك النخوة والشجاعة والطيب والصبر عند الشدائد والإنسانية قبل كل شيء… وعن ماذا يكتب قلمي وقد كتب منذ ثلاث سنوات سيرتك العطرة بكتاب كامل وجاهز للنشر ومتوقف على موافقتكم فقط لان الكتاب يتكلم عن الشيخ جاسم الگصمي ورحلة الألف ميل وأنا أعرف خشيتك أن تنتهي هذه الرحلة عند هذه الحدود لأنك مازالت تملك بروحك الطيبة الكثير والكثير من العطاء…

نعم أننا اليوم أمام جبلٌّ أشم عرفته عن قرب ورافقته بسفر ورأيته يحمل إصراراً لامثيل له من أجل إدامة التواصل مع الناس وإدامة صلة الأرحام…
إنه صديقي العزيز الأخ الشيخ الدكتور جاسم محمد الگصمي الذي سوف يخلده التاريخ بأحرف من ذهب ضمن صفحات الأوفياء المخلصين…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى