مسقط : أحمد عناني
توقعت مؤسسة فيتش سولوشنز أن يتواصل الارتفاع في عدد السائحين الزائرين لسلطنة عُمان خلال العام الجاري مع استمرار الانتعاش الذي يشهده قطاع السياحة. وأوضح تقرير خاص حول آفاق قطاع السياحة في سلطنة عمان صادر عن شركة آي بي ام لأبحاث الأسواق التابعة لمؤسسة فيتش سولوشنز أن العام الماضي شهد تعافيا لمعدلات التدفق السياحي إلى سلطنة عمان إلى قرب مستويات ما قبل الجائحة، وهو ما يمثل منطلقا قويا لمزيد من النمو خلال العام الجاري، كما من المتوقع أن يستمر عدد السائحين في الارتفاع على المدى المتوسط خلال الفترة من عام 2024 وحتى عام 2028، وستكون الأسواق في منطقة الشرق الأوسط المصدر الأكبر لتدفق السائحين إلى سلطنة عمان، ويليها الدول الآسيوية والأوروبية. وأوضح التقرير أن نمو قطاع السياحة يجد دعما من خلال التركيز المتزايد لخطط تنمية القطاع على التوسع في مرافق وخدمات السياحة الترفيهية بالإضافة إلى قوة الاستثمارات في البنية الأساسية لقطاعات ذات علاقة بقطاع السياحة مثل النقل والمواصلات.
تأتي هذه النظرة المتفائلة لآفاق قطاع السياحة في سلطنة عمان امتدادا لتوقعات إيجابية أصدرتها فيتش سولوشنز في تقريرها للعام الماضي حول نمو السياحة وأشارت فيه إلى أن توقعات النمو في قطاع السياحة على المدى المتوسط والمدى الطويل يعززها تقدم جهود التنويع الاقتصادي، والمستهدفات الطموحة لرؤية عمان المستقبلية 2040، كما يجد القطاع دعما كبيرا من الاستثمارات والشراكات الجديدة، والتركيز المتزايد على التسويق والترويج الرقمي خاصة في الأسواق المستهدفة في خطط الترويج السياحي.
ومنذ تفشي الجائحة في عام 2020 كان قطاع السفر والسياحة الأشد تضررا من تبعات الجائحة حيث فقد القطاع زخم النمو الذي كان قد حققه قبل الجائحة، وخلال عام 2019، كانت مؤشرات النمو في قطاع السياحة في سلطنة عمان تمضي جيدا وتضمن ذلك حركة التدفق السياحي للزائرين وعدد الرحلات الدولية من وإلى سلطنة عمان ومعدلات الإشغال الفندقي، وسجل عدد زوار سلطنة عمان زيادة إلى نحو 3.5 مليون زائر في عام 2019، كما ارتفعت مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي. وبسبب الجائحة، تراجع عدد المسافرين في مختلف أنحاء العام بشكل حاد، وفي ظل التعافي الواضح الذي تشهده حركة السياحة الدولية حاليا، زاد عدد زوار سلطنة عمان إلى نحو 3 ملايين زائر خلال عام 2023، وفق المؤشرات الإحصائية الصادرة عن وزارة التراث والسياحة، وهو ما يرصد نجاح خطة التعافي التي أطلقتها وزارة التراث والسياحة، ضمن الخطط الحكومية الشاملة لتعافي وتحفيز مختلف قطاعات الاقتصاد، في إعادة القطاع لمسار النمو، كما يتم حاليا تبنى خطة شاملة للتنمية السياحية، وتركز الخطة على مختلف أنشطة السياحة بما في ذلك السفن السياحية وسياحة الحوافز والمؤتمرات.
ونتيجة ذلك حققت أنشطة الإقامة والخدمات الغذائية زيادة كبيرة في مساهمتها في الناتج المحلي خلال العام الماضي، مسجلة نموا بنسبة 11.5 بالمائة خلال الفترة من يناير 2023 وحتى نهاية الربع الثالث من العام نفسه بمساهمة 557 مليون ريال عماني في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان مقوما بالأسعار الجارية مقارنة مع مساهمة تقترب من 500 مليون ريال عماني لأنشطة الإقامة والخدمات الغذائية خلال الفترة نفسها من عام 2022.
كما ارتفعت معدلات الإشغال في الفنادق من فئة 3-5 نجوم خلال العام الماضي ليتجاوز عدد النزلاء مليوني نزيل مع زيادة في نسب الإشغال من 45 بالمائة خلال عام 2022 إلى 49 بالمائة خلال عام 2023.
وفي قطاع السفر، ومع نهاية العام الماضي، تجاوز عدد الركاب القادمين والمغادرين وركاب الترانزيت عبر مطار مسقط الدولي ومطارات صلالة وصحار والدقم، 14 مليون راكب على متن رحلات الطيران الدولية والداخلية، وارتفع عدد الركاب المغادرين 47 بالمائة مقارنة مع عام 2022، كما زاد عدد الركاب القادمين بنسبة 40 بالمائة، وبلغ عدد الرحلات الدولية في مطارات مسقط وصلالة وصحار 92 ألف رحلة دولية وكان على متن هذه الرحلات الدولية أكثر من 11.5 مليون راكب، بزيادة 50 بالمائة مقارنة مع عام 2022، وفق الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وتنفذ وزارة التراث والسياحة حاليا خطتها للتنمية السياحية والتي تتضمن مستهدفات منها تعزيز الاستثمار السياحي وتسهيل تمويل المشروعات وتطوير المنتج السياحي بما يلبي متطلبات السائحين، والتوسع في البرامج السياحية الثقافية والجيولوجية، وطرح المنتجات السياحية الجديدة خاصة في سياحة الترفيه والمغامرات، وأعلنت الوزارة أن خطتها التنفيذية للتنمية السياحية تستهدف تطوير سياحة المغامرات من خلال 43 مشروعا يتم تنفيذها على المدى القصير والمدى الطويل، ويتولى بعضها القطاع الخاص، وتستهدف هذه المشروعات استغلال أحد أهم المقومات التنافسية لقطاع السياحة في سلطنة عمان وهو التنوع الفريد في التضاريس ما بين البحار والجبال والأودية وغير ذلك من مقومات الطبيعة، مما يؤهل سلطنة عمان لأن تصبح إحدى أهم الوجهات السياحية العالمية الجاذبة لهواة سياحة المغامرات، ومن بين المشروعات المزمعة عربات التلفريك في حديقة النباتات العمانية، والأسلاك الانزلاقية في مواقع مختلفة منها وادي دربات في محافظة ظفار، وجسر معلق في وادي شاب بمحافظة جنوب الشرقية، ومسارات جبلية في عدد من المواقع في المحافظات، وقد شهدت الفترة الماضية افتتاح مشروع السلك الانزلاقي في محافظة مسندم.
كما يحقق الاستثمار في المشروعات السياحية الجديدة نموا وتنوعا جيدا، وقد تم افتتاح عدد من المشروعات التي تمثل قيمة مضافة للقطاع وكان أحدث هذه المشروعات فنادق ومنتجعات فاخرة من قبل كبرى الشركات العالمية مثل مجموعة ترامب، كما دخلت مجموعة عمران في شراكة مع دار الأركان السعودية لتطوير مشروع “عايدة” من خلال عدة مراحل باستثمارات نحو 1.5 مليار دولار أمريكي، ومشروع عايدة هو ضمن المخطط العام لمشروع يتي السياحي المتكامل، والذي يعد أحد أكبر المشروعات السياحية والعقارية متعددة الاستخدامات في سلطنة عمان والذي يستهدف دعم النمو في القطاعين السياحي والعقاري.
ويندرج قطاع السياحة ضمن ركائز النمو الرئيسية التي تعتمد عليها توجهات التنويع الاقتصادي وفقا لمستهدفات الرؤية المستقبلية عمان 2040 والخطة العاشرة، وتستهدف سلطنة عمان رفع معدل النمو في قطاع السياحة إلى 5 بالمائة بحلول عام 2030 وإلى 10 بالمائة بحلول عام 2040.