مؤتمر: القرآن الكريم وآفاق العلوم الكونية يدعو لتعزيز مناهج الاعتبار والتفكر في التفسير

- المؤتمر تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان

أبوظبي-الوحدة:
تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة وبحضور سعادة عمر الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وسعادة محمد سعيد النيادي، مدير عام الهيئة والمسؤولين فيها، وعدد من المسؤولين في الجهات الحكومية، انعقدت فعاليات مؤتمر: القرآن الكريم وآفاق العلوم الكونية الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في إطار برنامجها الرمضاني بمشاركة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة – حفظه الله – وعدد من العلماء المختصين وسط حضور لافت من الجمهور وطلاب العلم الذين أشادوا بهذا المؤتمر الذي يواكب نفحات هذا الشهر المبارك.
وكان محور الجلسة الأولى لهذا اليوم “الآيات المتلوة والمرئية؛ نحو تعزيز مناهج الاعتبار والتفكر في التفسير ” افتتحت بكلمة لمعالي الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، رئيس اللجنة الشرعية بالهيئة العامة للأوقاف في المملكة العربية السعودية، قائلا لقد عظَّم الله سبحانه شأن الأخْذِ بالأسباب في البحثَ عن الحقيقة، فحاط البحث العلميَّ بما يحفظه من الخطأ والزلل، فواجب الوقت أنْ يكون كلُّ فردٍ منّا قائماً مع عالَم الأسباب الذي أقامه الحقُّ فيه بسلوك السُّبل التي تترقًّى بالعلوم إلى درج الكمال، إننا إنْ استغْرَقْنا أوقات جلسات هذا المؤتمر في عملٍ مُتْقن، ولم نُضيِّعْها، فقد صَدَقْنا في بذل الأسباب، وتحقَّقْنا بمعاني العبودية لله، وحُقَّ لنا أن نرجوَ الوصول لما نريد، لأنَّ الرجاء ما قارنه عملٌ.
تلتها المداخلة الأولى “التفكر في آيات الله الكونية من المقاصد القرآنية والإيمانية” قدمتها الدكتورة مريم راشد الشحي من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أكدت فيها إنه لا طريق لمعرفة المقاصد الشرعية إلا بالنظر في كتابه عز وجل، والوقوف على آياته، وتدبر معانيها، وتحدثت عن مقاصد الآيات الكونية، وعن العلاقة بين الآيات الكونية والمقاصد القرآنية، وما الذي ترمي إلى تحقيقه من ثمرات في حياة الفرد والمجتمع مقدمة محورين لمداخلتها تضمنت أهمية التفكر في آيات الله الكونية. ومقاصد التفكر في الآيات الكونية في القرآن الكريم.
وقدم فضيلة الشيخ توفيق بن مولاي العبقري من العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة- حفظه الله _ المداخلة الثانية ” القرآن الكريم والعلوم الكونية والمعارف المعاصرة أية علاقة؟” متحدثا عن طبيعة العلاقة الواصلة بين القرآن الكريم، وبين علوم الكون ومعارف العصر المستجدة، متناولا عددا من المحاور شملت مقصد إنزال الكتاب، ورصد آفاق الدلالة القرآنية، والنظر المتبحث في سبل التوفيق بين معهود اللسان القرآني وجريانه على أمية الخطاب، والتفريق الدقيق بين الآيات الداعية لتطلب آفاق الكون والسعي في امتلاك معرفة خباياها وأسرارها، وغيرها من العناوين المعززة لجوانب هذه المداخلة.
وجاءت المداخلة الثالثة تحت عنوان “مدرسة الإعجاز العلمي وثمرة التفكر في آيات الله” تحدث فيها الدكتور إبراهيم إمونن، أستاذ التعليم العالي بكلية أصول الدين بجامعة عبد الملك السعدي بالمغرب، ومن العلماء الضيوف قائلا إن الغاية المنشودة من التفكر في آيات الله وثمرتها، هو معرفة الإنسان لخالقه، وإدراك بديع صنعه وعظمته، وتنزيل روح هذه المعرفة الخاصة على مستوى بناء جسور التواصل الإنساني من جهة، ومن جهة ثانية للمحافظة على بيئة الكون وكيانه، والإسهام في إعماره وبنائه. حيث إن الخطاب القرآني بكل مكنوناته سيظل منهلاً ثرّاً للتفكر في آيات الله وغيرها من الآيات، معطاءً فوق كل المظان، وأرضيةً صلبةً لبناء التقدم الإنساني والعمراني بكل أمان.
وقدم الأستاذ الدكتور أحمد حسين محمد إبراهيم، عميد كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة المداخلة الرابعة ” الحقائق العلمية المعاصرة ومعايير اعتبارها في تفسير القرآن” قائلا إن هدايات القرآن الكريم ليست مقتصرة على جيل من الناس دون جيل، ولا زمان دون زمان، فإننا مأمورون مع تلاوة القرآن الكريم؛ بتدبره والتفكر في معانيه، فالعقل في أفقه الواسع رهين بعالمه الذي ينطلق منه ولا ينخلع عنه، وواقعنا الآن مليئ ومزدحم بما أنتجته الحضارة الحديثة، وبما أفرزه العقل البشري من وسائل وأدوات تخللت إلى تفاصيل وجزئيات حياته، وإن استصحاب ما وصلت إليه البشرية من شأو بعيد في العلم التجريبي والتقني والمعلوماتي، عند النظر إلى كتاب الله عز وجل باعتبار ثقافة الناظر فيه المتفكر في آياته، ليس بدعًا ولا منكرًا من القول وزورا، لكن مع الضوابط العلمية، والقواعد المرعية.
أما الجلسة الثالثة كانت حول “جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في خدمة القرآن وعلومه” – تحدثت في بدايتها الدكتورة نوف أحمد الشحي من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإسلامية والأوقاف تطرقت في كلمتها لجهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- في خدمة القرآن الكريم، وعنايته الذاتية بالقرآن الكريم وأثرها عليه، وعنايته بالتعاليم القرآنية وتسخيرها في مسيرة التقدم، وعنايته بنشر العلم القرآني حفظًا وتدبُّرًا، قائلة كان مفهوم الشيخ زايد -طيب الله ثراه- للتقدم والتنمية مبنيًّا على اعتقاده الراسخ بأن الدين يحض على التقدم وينادي به، ولا يوجد شيء في القرآن الكريم أو التراث الإسلامي يتعارض مع التقدم والتحضر والازدهار، مع تأكيده الدائم على أهمية اتباع الطريقة الوسطية التي تجمع بعقلانية بين الإرث الإسلامي والعالم الحديث لتكوين نهضة وطنية مستمرة، فبرزت عنده تلك التعاليم على صورة مجموعة من القيم الإنسانية والمثل العليا ابتداءً من قيم الاتحاد والتعاون، ثم أبوة القائد لشعبه، مرورًا بقيم التسامح والتعايش، والاعتدال الفكري والديني، وقيم المحبة والإخاء والإغاثة والمعونة والنجدة، وسلسلة طويلة من قيم زايد التي لا نزال نتعلمها حتى اليوم.
وحول عنوان “مستقبل التقنيات الحديثة والتطبيقات في خدمة القرآن الكريم وأثرها على الأجيال” تحدث الدكتور حميد الأصلي الشامسي، خبير الذكاء الاصطناعي بشرطة أبوظبي، عن بعض النماذج في كيفية تسخير التقنية الرقمية الحديثة في خدمة القرآن الكريم ذاكرا في أولها الذكاء الاصطناعي قائلا يمكن استخدامه في تلخيص التفسيرات القرآنية، توفير ملخصات للآيات القرآنية بأسلوب سهل الفهم. التعرف على الصوت مساعدة غير الناطقين بالعربية على نطق القرآن الكريم بشكل صحيح. توفير أدوات تصحيح النطق للمتعلّمين وفي البحث والترجمة وغيرها من علوم القرآن التي يمكن ايصالها للمتعلمين عبر هذه التقنية.
أعقبته موزة علي الظاهري، من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، متناولة عنوان ” التعريف بالمنصة الذكية لتعليم القرآن الكريم عن بعد، وجهود الهيئة العامة للشؤون الإسلامية في خدمة القرآن الكريم” عرفت فيها بالمنصة الذكية التي أنشأتها الهيئة، والتي يتم من خلالها تحفيظ القرآن الكريم وتعليم تجويده في فصول دراسية افتراضية بالصوت والصورة على أيدي محفظين متقنين أكفاء، حرصا منها على تحقيق رؤية القيادة الرشيدة وتمكين كل من يرغب حفظ القرآن الكريم وتعلم علومه ولم يتمكن من الالتحاق بمركز أو حلقة تحفيظ، مؤكدة أنه بجانب خدمة تحفيظ القرآن الكريم وتعليم علومه كعلم التجويد تقدم المنصة تعليم مناهج في الأخلاق والعبادات، وبرامج تأهيلية وتعليمية من أبرزها برنامج الاجازة بالسند وبرنامج تأهيل للكوادر الإدارية مع وجود الانشطة التعليمية والترفيهية كما وتشارك الدارسين الفعاليات الوطنية والدينية المعتمدة في الهيئة .
وقدم سعيد عايد الكتبي، من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مداخلة عن ” المبادرات المجتمعية والإعلامية في خدمة القرآن الكريم في دولة الإمارات” أكد فيها على تمسك حكام دولة الإمارات وشعبها بموروثهم الثقافي والديني يعطي للدولة مكانة قوية بين الدول، حيث تبوأت دولتنا الصدارة في المشاريع التي تعنى بخدمة القرآن الكريم، ومن أبرزها المراكز الدائمة لتحفيظ القرآن الكريم، وبرامج التأهيل، ومنصة القرآن الكريم للتعليم عند بعد، مبينا أن من أبرز المبادرات المجتمعية والإعلامية في خدمة القرآن الكريم في دولة الإمارات تتمثل في إذاعة زايد للقرآن الكريم، وإنشاء منصة دبي لأفضل الممارسات في خدمة القرآن الكريم، والمسابقات والجوائز القرآنية في الدولة .وكذلك مشاريع تحفيظ القرآن الكريم المتعددة والممتدة على جميع إمارات الدولة، والكليات والمجامع والمؤسسات القرآنية.
وقد أصدر المؤتمر بيانا ختاميا عن فعالياته تضمن العديد من التوصيات التي أكدت على:
_ تعميق الوعي العالمي بالدور الحضاري للقرآن الكريم في إيجاد الحلول للقضايا المعاصرة وتحقيق التنمية المستدامة. _الاستعانة بعلماء متخصصين في العلوم الطبيعية، في إطار من التكامل المعرفي والتواشج الحضاري.
_حث الأكاديميين والباحثين على إجراء الدراسات التي تربط بين القرآن الكريم وباقي فروع المعرفة الكونية والفلسفية، بغية فتح آفاق جديدة تسهم في الارتقاء بالمجتمعات وتحقيق رفاهيتها.
_ رسم ملامح خارطة طريق واضحة للعمل المستقبلي على المستوى المحلي والعالمي، بهدف الارتقاء بالوعي الإنساني، وتعزيز التناغم بين العلوم الإنسانية والطبيعية.
_ إعداد موسوعة تفسير حضاري يعنى بإظهار العنصر القيمي في القرآن الكريم، وفق ثوابت علمية، وضوابط منهجية، ورؤى استشرافية.
_ التفكير في إدراج مناهج دراسية تعنى بموضوعات العلوم الكونية في علاقتها مع القرآن الكريم، وتوسيع آفاقها ضمن البحث العلمي في الدراسات الجامعية الأكاديمية.
_تشجيع الأقلام الرصينة لإغناء مفرداتها البحثية، وفروعها المعرفية.
_العمل على نشر التجربة الإماراتية الرائدة في استثمار التقنية الحديثة في خدمة القرآن وعلومه، وتعميم فائدتها لنفع الإنسانية
_تبني الدراسات العلمية الجادة الساعية لتصحيح المفاهيم القرآنية المختطفة.
_ تشجيع الدراسات الكاشفة عن منهجية القرآن الكريم في بناء الإنسان؛ استنادا إلى ترتيب نزول سور وآيات القرآن الكريم.
هذا وقد تم الإعلان عن إطلاق مبادرة عالمية، بإضافة فرع علمي بحثي متخصص في القرآن الكريم وعلاقته بالعلوم الكونية، إلى جائزة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف للقرآن الكريم، ابتداء من الدورة الرابعة عشرة التي ستقام صيف هذه السنة.
وفي ختام المؤتمر رفعت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والعلماء المشاركون في ختام المؤتمر بالغ الشكر والتقدير والامتنان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة مشيدين بالدور الريادي المتميز الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة في صناعة التفوق العلمي، والتقدم الحضاري.