مرئيات

صباح بغدادي جميل بين الربيع وبين دجلة

بقلم : إبراهيم المحجوب - العراق - الموصل

عندما ترى الماء والخضراء والاستقبال الحسن والقلوب الطيبة جميعها أمام عينك فانك تشعر بأن الدنيا ما زالت مفتوحة أبوابها أمامك بكل جوانب السعادة فيها وينفتح القلب لهذه الأجواء الجميله التي ربما لا تتكرر في كل لحظات الزمن…

من داخل إحدى المزارع التابعة لأحد الإخوان في منطقة الدورة في العاصمة بغداد حيث الأرض الخضراء والأشجار الزاهية بنخيلها وحمضياتها وزهورها وأمامي نهر دجله وهو يسير بكل هدوء وتواضع عبر جداوله وامتداداته ليصل بعد ذلك الى شط العرب…

قبل ساعات كان المساء وكان يتخلل جلساته الأدب والثقافة وتمتعنا بالحديث عن القامات الثقافية العربية وكان للحاضرين آراء ثقافية جميلة ومهمة ولم تخلوا الجلسة من ذكر كاتبتنا العربية الأديبة الكبيرة أحلام مستغانمي والتطرق إلى بعض رواياتها وطريقة معالجتها للواقع العربي من المحيط الى الخليج وكيفية التفكير في استخراج النص الروائي وكلماته المعبرة من هذا الواقع وما أجمل العبارات التي نكتبها ونقولها دوما بأن الأدباء يكتبون رواياتهم وخواطرهم بعيداً عن الأفكار الخاصة لبعض الناس الذين يعيشون بواقع ضيق جداً لأنهم يرون مالم نرى ويقرأون الواقع بعيداً عن قرائتنا له…

صباح جميل من بغداد عاصمة الرشيد والمنصور صباح جميل من كرم وضيافة العراقيون بكل طوائفهم وقبائلهم ومذاهبهم… صباح جميل تقوله لي نخلة التمر التي أجلس الآن تحت ظلالها وتحكي لي قصتها شجره البرتقال وهي تنظر لي بنظرة جميلة وكأنها تحاكيني عن الواقع والربيع الأخضر…

صباح جميل تتكلم به معي الأشجار وأزهارها الملونة وربما لا أعرف ما هي نوع ثمارها لأنني لم أراها من قبل….
ما أجملها الطبيعة وهي تقدم لنا نحن بني البشر ألوانها الجذابة لتصنع لنا البهجة والسرور وتعالج قلوبنا المتعبة هذه القلوب التي اختارت لها الأيام الصعبة المشقة ونسيان جمالية الطبيعة بكل مواجهاتها ومقابلاتها للظروف التي مررنا بها في بلدنا العراق…

وأنا أقف الآن أمام أحد الأزهار الجميلة وأجد اختلاف الألوان لاستذكر حياتنا نحن بني البشر بكل أجناسنا وألواننا وصفاتنا وقد خلقنا الله بجمالية هذه الأزهار فتجد فينا من يميل بشبهه الى الألوان الجذابة وتجد فينا من يريد أن يعيش لحظاته مع عطور هذه الأزهار وتجد فينا من يريد أن يقطعها والعبث بأغصانها…

هكذا هي فطرة الإنسان وقد زرعها الله في بني البشر وهكذا هي بديهية الحياة التي تربينا ونشأنا فيها فمنا من يعشق الزهور لجمالية منظرها لأنه يحب الحياة لأنه يعتبر إن الحياة جميلة جداً حتى وإن كانت أحياناً تمر بزوايا مظلمه…

ما أجمله من منظر تتمناه في قلبك لكل من تعرفه نعم إنها جنان الله على أرضه جنان الله التي وصفها الله سبحانه وتعالى لترغيب عباده بالخير الكثير…

الآن أرى أمامي هذا الشيء المشترك في عالم النباتات بين المثمر والذي يعطيه ثماره حتى تدوم الحياة البشرية وبين الأزهار التي تعطينا من رحيقها الشهد وتعطينا في مناظرها الخلابة العزيمة والقوه والثبات والاستمرار في الحياه وتعطينا من عطورها الجاذبية الى الأشياء الجميله لأننا نعشق كل شيء جميل في حياتنا ونتذكره دائماً لأنه جميل ونعشق حتى ذكرياته…

وأنا أتجول بين هذه المزرعة الجميلة والتي اهتم بها صاحبها كثيراً كونه من ذوي الاختصاص الزراعي ويحمل شهادة أكاديمية بهذا المجال وأمامي دجلة الخير تسير مياهه السلسبيلة بهدوء على الأرض وأشاهد فوقه في الجو طائرة نفاثة وقد رسمت خلفها خط أبيض وتراه العين وكأنه قريب علينا رغم بعد المسافات بيننا وبينه…

أعبر في هذه الكلمات عن كل الخلجات في قلبي وما يدور في ذاكرتي وما تبتهج به نفسي من جمالية للمنظر.. كل يوم يتمنى الإنسان أمنيات كثيره إلا في اللحظات التي يشاهد أمام عينه الماء والخضراء فانه لا يتمنى سوى الاستمرارية في الحياة والصحة والعافية لنفسه ومحبة الناس الآخرين بعيداً عن الحقد والحسد وبعيداً عن الغرور الذي أصاب الكثيرين منا نحن أبناء البشرية جمعاء…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى