الأرشيف والمكتبة الوطنية يستضيف الفنون الشعبية الإماراتية في أمسيته الرمضانية الرابعة

- مؤكداً استدامة هذه الفنون التراثية ومكانتها في نفوس أبناء الإمارات

أبوظبي-الوحدة:
استضاف الأرشيف والمكتبة الوطنية في أمسيته الرابعة والأخيرة في شهر رمضان المبارك محاضرة بعنوان: “الفنون الشعبية الإماراتية.. أصالة مستدامة” وكانت بالتعاون مع جمعية أبوظبي للفنون الشعبية والمسرح، وجمعية الشحوح للثقافة والتراث، وجمعت الأمسية بين الدلالات الرمزية في الفنون الإماراتية التراثية وتطبيقاتها العملية التي نشرت البهجة في نفوس الحاضرين، وأفسح للأجيال المجال لكي يستعيدوا تقاليد وأعراف تداولتها الفنون الشعبية منذ القدم وتطرق إلى أهميتها في تأصيل تراث الإماراتي العريق وتعزيز هويته الوطنية وتنوعه الحضاري الممتد من الصحراء إلى الساحل والواحات والجبال.
تابع الأمسية جمهور غفير من الحاضرين في مقدمتهم عدد من أصحاب السعادة السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي لدى الدولة، ومن كبار الشخصيات ونخبة من المثقفين والمهتمين.
وعن هذه الأمسية قال سعادة عبد الله ماجد آل علي المدير العام: لقد فتح الأرشيف والمكتبة الوطنية أبواب مجلسه الرمضاني على عادات وتقاليد وفنون من تراثنا العريق، لما لتراثنا من أهمية في إثراء مجتمعات المعرفة، وذلك إيماناً منا بما قاله المؤسس والباني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه: “من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله”.
وأضاف: إن التعريف بتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وتراثها وحضارتها جزء من مهامنا، ولذلك فعلينا أن نسلط الضوء على موروثنا الذي يجب أن نحافظ عليه، وهذه الفنون التي استضافها الأرشيف والمكتبة الوطنية في أمسيته الرمضانية الأخيرة تمثل جزءاً من التراث الشعبي في الإمارات، وتنوعها يعكس ثراء ثقافة مجتمعنا.
هذا وقد جاءت المحاضرة على شكل حوار أدارته الدكتورة عائشة بالخير مستشارة البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية، ورئيسة فريق التاريخ الشفاهي مع كل من الأستاذ سعيد محمد الحربي الشحي رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية بجمعية الشحوح للثقافة والتراث براس الخيمة، والأستاذ راشد بن جمعة العزاني مستشار فني في مجال الفنون الشعبية بجمعية العين للفنون الشعبية.
الجدير بالذكر أن الأستاذ سعيد محمد الحربي الشحي قدم تعريفاً بفن “الندبة” وهو من أشهر فنون الشحوح القديمة، والندبة نداء خاص للعزوة والتفاخر تؤديه جماعة تسمى /الكبكوب/ وتردد فيه كلمات معينة عند قدوم الضيوف ترحيباً بهم، وهي من عادات سكان الجبل ويكونون أثناء ذلك حلقة دائرية يتوسطهم (النديب) وهو الشخص الذي يتمتع بطول النفس، وهو الذي يبدأ بنداء العزوة ويردد الآخرون خلفه بصوت يوحي بالرجولة والقوة.
وأكد الحربي أن الندبة لم تتغير، ولا زالت تؤدى على طريقة الأجداد؛ مشيراً إلى أن الضيف هو الذي يندب، وأن الجميع يتشاركون بالندبة، ولفت إلى أن الندبة كانت تستخدم لاستثارة النخوة في المعارك، واليوم صارت جزءاً من الفولكور التراثي، وترجع كلمة “الندبة” إلى معناها وهو الدعوة، وهي من ندب القوم أي دعاهم.
وقدم الحربي تعريفاً لفن “الرواح” الذي يؤدى على قرع الطبول، ووصف أوقات اليوم والمناسبات التي يؤدى فيها هذا الفن. كما تناول في حديثه فن “الحربية” لاسيما الذي تمارسه القبائل التي تسكن في رؤوس الجبال ويؤديه أكثر من شاعر، وعن “اليولة” و”غلية السيف” وهي مهارات حركية إبداعية تشير إلى التحكم بالسيف والعصا والبندقية.
ثم تحدث الأستاذ راشد بن جمعة العزاني عن فن “العيالة” وهو فن شعبي يحتل مكان الصدارة بين فنون الخليج والجزيرة العربية، وأشار إلى أن فن “العيالة” يؤدى في كل المناسبات الاجتماعية والوطنية، و”العيالة” هي تعبير عن الانتصار بعد الحرب لذلك فإنها تجسد قيم الشجاعة والفروسية والبطولة والقوة العربية.
وتحدث العزاني عن أصل كلمة “العيالة” وعن الإيقاعات التي تستخدم فيها، وما ترمز إليه حركاتها.
وتضمنت الأمسية تطبيقاً عملياً من الفرق المختصة لكل ما تطرقت إليها المحاضرة، وبشرح مفصل عن أوقاتها والمناسبات التي تؤدى بها، وعن جذورها في التراث الإماراتي، مما جعل الفائدة تقترن بالمتعة.
وفي ختام الجلسة أعربت الدكتورة عائشة بالخير، مديرة الجلسة، عن سعادتها الغامرة لمثل هذه الفعاليات قائلة: “لقد أتاح الأرشيف والمكتبة الوطنية مساحة للتعليم المستمر ولاحتواء المفكرين والمهتمين بالموروث والتاريخ واستدامة حوار الحضارات.
وإن حضور أعضاء السلك الدبلوماسي الممثلين لأوطانهم تعكس اهتمامهم بمعرفة المزيد عن الإمارات، وهكذا تبنى الجسور التي تقلص المسافات وتقرب الشعوب عبر العناصر والممارسات المتشابهة”.