الشارقة-الوحدة:
تسير عجلة ازدهار صناعة النشر سريعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، مبشِّرةً بمستقبل أكثر استدامةً لهذا القطاع الثقافي المهم. ازدهارٌ كان المحرك الأساسي لصنعه الجهود الدؤوبة لـ “جمعية الناشرين الإماراتيين” التي احتفلت مؤخراً بالذكرى الـ 15 لتأسيسها في إمارة الشارقة، مكلِّلةً مسيرتها بإنجازات ونجاحات متميّزة رسّخت مكانتها في مشهد الثقافة والنشر.
تأسست “جمعية الناشرين الإماراتيين” في عام 2009 برؤية استراتيجية طموحة رسمت أهدافها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسِّسة والرئيسة الفخرية للجمعية. وانطلقت في رحلتها لدعم وتطوير قطاع النشر في دولة الإمارات ورعاية الناشر الإماراتي، وتذليل المعوّقات التي يواجهها، والارتقاء بنشر الكتاب الإماراتي على المستويين المحلي والدولي.
مبادرات نوعية
اتّسمت رحلة الجمعية منذ بدايتها بخطى متسارعة وإنجازات ريّادية، إذ نالت عضوية اتحاد الناشرين العرب وعضوية الاتحاد الدولي للناشرين خلال العام الأول من انطلاقها، في إنجاز غير مسبوق لاتحاد وطني. وعلى إثر الجهود المتفانية التي سخّرتها الشيخة بدور لتطوير صناعة النشر في دولة الإمارات والعالم العربي، وبقيادتها، تمكّنت الجمعية من الحصول على العضوية الدائمة في الاتحاد الدولي للناشرين في عام 2012، ما أتاح لأعضائها ميزة العضوية في هاتين المنظمتين المرموقتين وسهّل من مهمة توسيع أعمالها ومشاريعها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وعلى مدار الأعوام، نجحت الجمعية في دعم استدامة قطاع النشر الإماراتي وتعزيز حضور الثقافة الإماراتية محلياً وعالمياً بفضل العديد من المبادرات النوعية، وأحدثها «صندوق الشارقة لاستدامة النشر.. انشر» بقيمة 10 ملايين درهم الذي أطلقته الشيخة بدور القاسمي في الاحتفالية الخاصة التي أقامتها الجمعية بمناسبة مرور 15 عاماً على تأسيسها. ويمثّل الصندوق استراتيجية شاملة تم تطويرها بالشراكة بين الجمعية وهيئة الشارقة للكتاب وبالتعاون مع مدينة الشارقة للنشر، وذلك بهدف مساعدة قطاع النشر على التوسع والازدهار عبر منظومة متكاملة من رأس المال والخبرات ومنصات تسريع الأعمال والابتكار.
من المحلية إلى العالمية
كانت الجمعية قد بدأت مشوارها بعشرة ناشرين، ليصل عدد أعضائها اليوم إلى أكثر من 330 ناشراً، ما يؤكّد أنها تسير على الطريق الصحيح، وأنها تقوم بدور فاعل في ترجمة أهدافها على أرض الواقع عبر تمكين أعضائها من خلال تنسيق جهودهم وتوحيد رؤاهم وحماية حقوقهم وتسهيل أعمالهم، وتوفير البرامج التطويرية لهم، وتمثيلهم في جميع المحافل الثقافية على الساحتين الإقليمية والعالمية.
ركّزت الجمعية على ترسيخ المناخ الداعم لنهوض صناعة النشر الإماراتية وتعزيز تنافسيتها على الصعيد العالمي؛ فحرصت على المشاركة في معارض الكتاب المحلية والإقليمية، كما دأبت على المشاركة في معارض الكتب الدولية المرموقة في شتّى أنحاء العالم بوصفها منصّات مهمة لنقل تجربة النشر الناجحة في الدولة إلى العالم، وتسهيل دخول الناشر الإماراتي إلى أسواق جديدة وتوسيع حركة شراء وبيع حقوق النشر والترجمة، فضلاً عن إتاحة الفرصة أمام صنّاع الكتاب الإماراتيين للاطلاع على التجارب العالمية وأحدث التطورات في قطاع النشر، وتعزيز فرصهم للعب دور مؤثّر في رسم الاستراتيجيات والتشريعات الخاصة بصناعة النشر محلياً وإقليمياً ودولياً.
بيئة حاضنة للنشر العربي
واستمراراً لدعم مسيرة النشر في الدولة وخدمة إنتاج الكتب ذات المضامين الرصينة والجودة العالية، نجحت الجمعية في إطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات التي أسهمت في ترسيخ أفضل الممارسات المتعلقة بالنشر المحلي والعربي، وجعل الشارقة والإمارات بيئة حاضنة للنشر العربي؛ من أبرزها “برنامج تدريب الناشرين”، الأول من نوعه في المنطقة العربية، ويُعنى بتقديم حزمة متكاملة من ورش العمل التدريبية للناشرين محلياً وعربياً بالتعاون مع نخبة من الخبراء، وذلك في حقول الكتابة والنشر والتوزيع والتحرير والطباعة والتسويق.
تعاون دولي
شملت جهود الجمعية أيضاً تنظيم ورش عمل وندوات على المستويين الإقليمي والعالمي بالتعاون مع مؤسسات عالمية؛ مثل جمعية الناشرين البريطانيين، والاتحاد الدولي للناشرين، فضلاً عن مشاركتها في المؤتمرات الدولية الخاصة بمستقبل النشر واستدامته، ما أسهم في وضع اسم دولة الإمارات على خارطة النشر العالمية كشريك في الجهود العالمية الرامية إلى رسم ملامح مستقبل مستدام لقطاع النشر.
تعزيز استدامة القطاع
وفي إطار دورها المساند للناشرين في مواجهة التحديات ورفدهم بآليات متطورة لتحقيق مستويات أعلى من النجاح، وضعت الجمعية العديد من المبادرات، أبرزها “صندوق الأزمات للناشرين الإماراتيين” الذي أطلقته الشيخة بدور بميزانية قدرها مليون درهم إماراتي، لدعم المتضررين جرّاء جائحة كورونا، وضمان استدامة مشاريعهم الإبداعية والثقافية.
وبالشراكة مع “Nielsen BookData”، أطلقت الجمعية دراسة ببلوغرافية الكتب بهدف إعداد قوائم رقمية بعناوين الكتب المطبوعة في الإمارات، وتوفير بيانات ببلوغرافية دقيقة ومتطورة مواكبة للمعايير الدولية في التصنيف، ونجحت في زيادة العناوين المفهرسة بتصنيف «ثيما» إلى 9277 عنواناً، ما أسهم في ضمان أعلى نسبة ممكنة من الوصول العالمي لتلك البيانات، وزيادة فرص المبيعات أمام الناشرين الإماراتيين.
جهود تعاونية
ولدفع ازدهار حركة النشر في الإمارات قُدماً، وقّعت الجمعية على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية اتفاقيات تعاون مع عدد من المؤسسات المؤثِّرة في قطاع النشر، من بينها اتحاد الناشرين العرب، جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، المجلس الوطني للإعلام، وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، واتحاد كتاب وأدباء الإمارات. أثمرت تلك الجهود التعاونية في إطلاق العديد من المشاريع والبرامج التطويرية التي خدمت أعضاء الجمعية ووسعت آفاق أعمالهم، وعزّزت الدور الرائد للإمارات على مستوى المنطقة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية.
رؤى مستقبلية
وبفضل توجيهات ودعم الشيخة بدور القاسمي، نجحت “جمعية الناشرين الإماراتيين”، خلال عقد ونصف العقد من الزمن، في اتخاذ خطوات رائدة وضعت من خلالها بصمتها المميزة في النهوض بصناعة النشر المحلية. وستمضي الجمعية في مهمتها برؤى مستقبلية تركّز على تبنّي الحلول المبتكرة واستحداث الخدمات والمشاريع النوعية وتطوير السياسات والتشريعات التي من شأنها ضمان مستقبل أكثر استدامةً وازدهاراً لقطاع النشر الإماراتي والعربي، وتحقيق الريادة العالمية للدولة في مجال النشر.