باحثون من جامعة نيويورك أبوظبي يستفيدون من قدرات منظار جيمس ويب الفضائي في رصد خصائص مهمّة لكوكب غازيّ عملاق

أبوظبي-الوحدة:

ساهمت عالمة الأبحاث ياسمينة بليتشيتش، والأستاذ المشارك إيان دوبس-ديكسون من مركز الفيزياء الفلكيّة وعلوم الفضاء (CASS) في جامعة نيويورك أبوظبي، بالتعاون مع زملائهم من فريق منظار جيمس ويب الفضائيّ للكشف المبكّر عن الكواكب الخارجيّة، في رصد خصائص مهمّة لكوكب خارجيّ ضخم بالمنظار، ووثّقوا طبيعة المناخ، ورصدوا في سبق علميّ السحب الضخمة والمليئة بالغبار حول هذا الكوكب الّذي يشبه كوكب المشتري حجماً.

في دراسة نشرت مؤخّراً في مجلّة (Nature Astronomy)، وضّح الباحثون كيفيّة تسخيرهم قدرات جهاز الأشعّة تحت الحمراء المتوسّطة (MIRI) في المنظار لمراقبة كوكب واسب-43ب (WASP-43b) الغازيّ على مدى دورة كاملة حول نجمه. وخلال هذه الدراسة الّتي أجريت في العام الأوّل لتشغيل المنظار، رصد الباحثون تفاوت درجات الحرارة حول الكوكب بأكمله، وتوصّلوا إلى استنتاجات مهمة حول مناخ الكوكب. ووجد الباحثون سحباً كثيفة وانعداماً غير متوقّع لغاز الميثان على الجانب الليليّ للكوكب، وآثاراً للمياه في كلّ أنحاء غلافه الجوّيّ. وهذه هي المرّة الأولى الّتي يستدلّ فيها على وجود السحب في الجانب الليليّ من الكوكب، وقد رصدت على ارتفاعات أعلى بكثير في الغلاف الجوّيّ الكوكبيّ مقارنة بالسحب في كوكب الأرض.

يقارب كوكب واسب-43ب كوكب المشتري من حيث الحجم والوزن، لكنّه مختلف جدّاً من حيث خصائصه الأخرى، إذ إنّ نجمه الذي يبعد عن نظامنا الشمسي بما يوازي 86 سنة ضوئية أكثر برودة وأكثر احمراراً من شمسنا. يدور الكوكب بشكل قريب جدّاً من نجمه وبسرعة يكمل فيها الدورة في 19.5 ساعة فقط. يؤدّي هذا القرب إلى تزامن دوران الكوكب مع مداره، حيث يواجه أحد جانبيه النجم دائماً، تماماً كالأرض والقمر. ونتيجة لذلك، فإنّ نصف الكوكب (جانب النهار) مضاء على الدوام وحارّ جدّاً، في حين أنّ النصف الآخر (جانب الليل) مظلم دائماً وأكثر برودة.

وقالت بليتشيتش: “لقد رصدنا هذا الكوكب خلال دورانه حول نجمه باستخدام مطياف الأشعّة تحت الحمراء، لنتمكّن من دراسة الضوء الصادر عن مناطق مختلفة من غلافه الجوّيّ. وقد سمح لنا ذلك بالتمييز بين درجات الحرارة في جانبيه، والتحقق من وجود السحب والجزيئات المختلفة. تمتصّ المواد الكيميائيّة المختلفة الضوء بأطوال موجيّة مختلفة للأشعّة تحت الحمراء. ومن خلال الجمع بين هذه الحقيقة وملاحظاتنا على مدى المدار بأكمله، تمكّنا من تحديد التركيب الكيميائيّ والتغطية السحابيّة وتيّارات إعادة توزيع الحرارة عبر الغلاف الجوّيّ بأكمله واستخلاص استنتاجات حول مناخ الكوكب”.

وجد الفريق أنّ الجانب النهاريّ للكوكب المضاء دائماً تصل درجة حرارته إلى 2285 درجة فهرنهايت (1250 درجة مئويّة)، في حين أنّ الجانب الليليّ للكوكب، على الرغم من أنّه مظلم دائماً، فلا يزال حارّاً جدّاً، فتصل الحرارة فيه إلى 1115 درجة فهرنهايت (600 درجة مئويّة).

وقال دوبس ديكسون، وهو خبير في نماذج الغلاف الجوّيّ ثلاثيّة الأبعاد وأنظمة إعادة توزيع الحرارة في الكواكب الخارجية: “إنّ غياب ضوء الشمس المباشر على الجانب الليليّ للكوكب يسبّب اختلافاً كبيراً في درجات الحرارة بين جانبي الكوكب، ممّا يؤدّي إلى تكوّن رياح قويّة للغاية. في حين أنّ الرياح على الأرض تتشكّل بطريقة مشابهة بسبب التغيّرات في درجات الحرارة، يؤدّي القرب الشديد لكوكب واسب-43ب من نجمه إلى اختلافات شاسعة في درجات الحرارة، تنتج رياحاً تبلغ سرعتها آلاف الكيلومترات في الساعة، وهي تفوق بكثير تلك الموجودة على الأرض، ممّا يساهم بشكل رئيسيّ في توزيع الحرارة وتشكيل المناخ الكوكبيّ العام”.

فضلاً عن ذلك، أظهرت مقارنة الخرائط الحرارية بنماذج معقدة ثلاثيّة الأبعاد للغلاف الجوّيّ أنّ هذا التباين في درجات الحرارة يفوق ما هو متوقّع في جوّ يخلو من السحب، ويشير ذلك إلى أنّ الجانب الليليّ للكوكب محاط بطبقة سميكة من السحب الّتي تحجب الكثير من الأشعّة تحت الحمراء، فتحول دون رصدها. وعلى عكس السحب المائيّة على الأرض، تتكوّن الغيوم في هذا الكوكب شديد الحرارة من غبار الصخور والمعادن.

ومن المثير للدهشة أنّه على الرغم من هذه الطبقة السميكة من السحب، فقد اكتشف فريق البحث أيضاً إشارات واضحة لوجود الماء على الجانب الليليّ للكوكب، ممّا سمح لهم بتحديد ارتفاع السحب وسمكها للمرّة الأولى، وتحديد ارتفاعها وكثافتها غير العاديّة مقارنة بسحب الأرض. واكتشف الباحثون أيضاً اختلاطاً تسبّبه الرياح، يسمّى “اختلال التوازن الكيميائيّ”، والّذي ينقل الغاز بسرعة إلى جميع أنحاء الغلاف الجوّيّ فيتشابه التشكيل الكيميائي للغلاف الجوي حول الكوكب بأكمله.