مرئيات

مجمع اللغة العربية بالشارقة: الفصحى قادت العرب إلى الريادة العلمية لقرون وهي أغنى لغات العالم

المجلس اللغوي التاسع يناقش "العربية الفصحى بين الاكتساب والممارسة"

● المثقف الحقيقي هو الذي يستخدم الفصحى بطلاقة ولا يكسر قواعد إعرابها

● اللغة أكثر من مجرد وسيلة للتواصل بل هي أداة التفكير والفصحى أساس البحث العلمي في كافة الحضارات

الشارقة-الوحدة:
استضاف مجمع اللغة العربية بالشارقة “المجلس اللغوي التاسع”، الذي ناقش دور اللغة العربية الفصحى في العصر الحديث تحت عنوان “اللغة العربية الفصحى بين الاكتساب والممارسة”، ناقلاً تجربة الدكتور أبي صالح أنيس لقمان، رئيس إدارة البحوث والترجمة في مؤسسة سدرة لدمج ذوي الإعاقة، الذي شارك الحضور تجربته العملية في مجال تعزيز استخدام اللغة العربية الفصحى في الحياة اليومية، بحضور الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، وجمع من المتخصصين والطلاب من غير الناطقين بالعربية.

القراءة أساس إتقان العربية

وفي مستهل الجلسة، شدد الدكتور امحمد صافي المستغانمي على أهمية الممارسة اليومية في تعلم اللغة العربية الفصحى وتقويم مسار الإنسان نحو الإتقان. وقال: “لطالما كانت البادية مصدراً جوهرياً للغة العربية الأصيلة، حيث كان القدماء يرسلون أبناءهم إلى الصحراء ليتعلموا اللغة العربية السليمة، تماماً كما فعل الإمام الشافعي الذي أمضى ستة عشر عاماً في قبيلة بني هذيل، واستفاد من تلك التجربة في فهم اللغة والشريعة”.
وأضاف: “تعد القراءة في عصرنا الحالي بمثابة الإقامة في البادية بالأمس؛ فتنشئة الأجيال على حب القراءة والمعرفة تُعتبر أساساً لإتقان اللغة العربية؛ إذ لا يمكن لمن لا يملك المعرفة أن ينقلها، ولا يستطيع الناشئة ممارسة اللغة ببراعة دون الغوص في أعماق القراءة الواعية. والحفظ هو خزان المعرفة الذي لا ينضب، والقراءة تضمن تكوين مستودع غني لدى الطالب يضمن له معرفة الأساليب والعبارات، وهكذا، تصبح القراءة مفتاحاً يُضاف إلى الممارسة اليومية ويعززها، مما يُمكّن الطالب من إتقان اللغة وتوظيفها بكفاءة”.

الفصحى أداة التفكير

وحذر الدكتور أبو صالح لقمان من تحول اللغة العربية الفصحى إلى لغة غريبة عن الأطفال، وكأنها لغة أجنبية، مؤكداً أنها مسألة ذات تبعات خطيرة؛ لأن ذلك يهدد جوهر الهوية الثقافية ويعوق النمو الفكري.
ورد لقمان على من يقول إن الغاية من اللغة هي التواصل، وهو حاصل بالعامية، فقال: “اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، لأن التواصل واحد من عشرات الغايات للغة، لأن التواصل يكون بالإشارة مثلاً، أما اللغة في الحقيقة فهي أداة التفكير، والفصحى هي الأساس المتين الذي يمكّن الإنسان من التعبير عن أعمق المعاني والأفكار. ونحن لا نطالب بالتوقف عن الحديث بالعامية في التواصل اليومي، لكن اللغة العربية الفصحى، بتاريخها العريق ومكانتها العلمية، قادت العرب إلى الريادة في مختلف المجالات العلمية لقرون عديدة، ولا تزال تُعتبر من أرقى اللغات على مستوى العالم، ولا ينبغي علينا إهمالها”.
وأضاف: “استشراف المستقبل والتقدم في مجالات البحث العلمي يتطلب إتقان اللغة العربية الفصحى بقواعدها الدقيقة وأساليبها الراقية، والأبحاث العلمية، في كافة اللغات، تُكتب دوماً بلغة فصحى تُعبر عن الدقة والعمق في المعرفة، مما يُسهم في تطوير الفكر الإنساني وتعزيز الحوار العلمي البنّاء”.

تعزيز العربية الفصحى كواقع

وحول الوسائل والأساليب التي تضمن حضور العربية الفصحى في المجتمعات، قال الدكتور لقمان: “تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة رائدة في المناهج التعليمية المتقدمة، ومبادرات خدمة العربية، مثل وثيقة اللغة العربية وميثاقها، والمطلوب هو أن نعزز استخدام الفصحى واقعاً عملياً على المستويات الأكاديمية وفي الخطابات الرسمية والمراسلات الحكومية. وفي تجربتي الشخصية، حرصت على التحدث بالفصحى مع طلابي، حتى الصغار منهم، ورغم الضحك في البداية والاندهاش في بداية الأمر حيث كان الطلاب يعجبون من الحديث باللغة الفصحى فقط حتى في الشؤون العادية، فإن النتائج الإيجابية على تحصيلهم الأكاديمي كانت واضحة، ومن الضروري الالتزام بالفصحى، ولو لساعة واحدة يومياً، لضمان استمرارية هذا التراث اللغوي الغني”.

الفصحى تميز المثقف الحقيقي

وحول تجربته مع العربية، أوضح الدكتور لقمان أنه نشأ في بيئة لا يتحدث الناس فيها بالعربية. وقال: “كانت القصص القرآنية بمثابة مفتاح لفهم اللغة العربية بالنسبة لي، حيث أتاحت لي التعرف على سياق وأساليب اللغة المتنوعة، مثل الاستفهام الإنكاري والتعجبي. ومن خلال التكرار المستمر للآيات والحوارات العامة، تشربت بناء الجملة العربية وأتقنت تطبيق القواعد النحوية في حياتي اليومية”.
وتابع: “يواجه الطلاب الأجانب غير الناطقين بالعربية تحدياً عندما يأتون إلى البلاد العربية؛ إذ يكتشفون أن السكان المحليين لا يستخدمون الفصحى في التواصل اليومي، وهذا الواقع يُبرز الحاجة إلى تعزيز استخدام الفصحى في الأوساط الثقافية والرسمية، وهو ما يُميز المثقفين في جميع اللغات، لا العربية وحدها”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى