أبوظبي – الوحدة
في ختام يومين من الحوار والنقاش، أكد خبراء وباحثون وأكاديميون من نحو 10 دول أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة هائلة لتحقيق تقدم كبير في مختلف المجالات، ولكنه في الوقت نفسه يطرح تحديات كبيرة تتطلب تعاوناً عالمياً وحلولاً مبتكرة، وأوصوا بضرورة وضع إطار عمل واضح لتنظيم هذه التكنولوجيا، وضمان استخدامها لصالح البشرية جمعاء.
وطالب المشاركون في المؤتمر السنوي الدولي الرابع لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، الذي عقد على مدى يومين في العاصمة اليابانية طوكيو، بالشراكة العلمية مع مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة بجامعة طوكيو (RCAST)، والإعلامية مع مركز الاتحاد للأخبار تحت عنوان “الأمن المستدام في عام 2024 وما بعده – دور الذكاء الاصطناعي”، بمشاركة نحو 34 خبيراً وباحثاً وأكاديمياً ومسؤولاً، وحضور عدد من المهتمين وطلاب الجامعات، بمواصلة البحث والدراسة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات المعنية لتطوير حلول مبتكرة للتحديات التي يطرحها هذا المجال. وأوصوا بضرورة وضع إطار عمل عالمي موحد لحوكمة الذكاء الاصطناعي.
كما دعا الخبراء والباحثون والأكاديميون في توصيات المؤتمر التي ألقاها كل من البروفيسور ساتوشي إيكيؤتشي، أستاذ الأديان والأمن العالمي بمركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، والرئيس المؤسس للمختبر المفتوح للاستراتيجيات الناشئة بالمركز التابع لجامعة طوكيو، والباحثة سمية الحضرمي، نائبة رئيس قطاع تريندز جلوبال، إلى وضع إطار عمل عالمي موحد لحوكمة الذكاء الاصطناعي، مشددين على أهمية الأخلاقيات في تطوير واستخدام هذه التقنية، مع ضرورة ضمان استخدامها بطريقة مسؤولة وآمنة. وحذروا من المخاطر المتزايدة للهجمات السيبرانية التي تستهدف أنظمة الذكاء الاصطناعي، ودعوا إلى تعزيز الأمن السيبراني لحماية هذه الأنظمة.
وفي مجال الذكاء الاصطناعي والأمن العالمي، شدد نحو 34 خبراً وأكاديمياً وباحثاً في توصياتهم على الإمكانات الهائلة لهذه التقنية في تعزيز الأمن، ولكنهم حذروا في الوقت نفسه من المخاطر المحتملة في حال استخدامها بشكل غير مسؤول.
وشملت توصيات المؤتمر أيضاً ضرورة تطوير برامج تدريب وإعادة تأهيل لمساعدة القوى العاملة على التكيف مع التغيرات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، وحماية خصوصية البيانات الشخصية، عند استخدام هذه التقنية.
واقترحت التوصيات الاستفادة من قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي كنموذج للتنظيم العالمي، وأكدت أهمية دور منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توفير التوجيه الخبير بشأن سياسات الذكاء الاصطناعي.
وأشار الخبراء إلى أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال تطبيق عمليات تدقيق متقدمة والممارسات العلمية المفتوحة. كما أكدوا ضرورة حماية البيانات الشخصية ومنع التمييز في استخدام هذه التقنية.
وتطرقت التوصيات أيضاً إلى ضرورة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بالجسم البشري، بما في ذلك تلك التي يمكنها تعزيز قدرات الجسم وتحسين جودة الحياة. كما تم تأكيد أهمية تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الأعمال، وحماية الملكية الفكرية، وتعزيز الوعي العام بمخاطر وفوائد هذه التقنية.
وشدد الخبراء على أهمية استغلال الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الطاقة وتطوير حلول مبتكرة لمواجهة تحديات تغير المناخ.
وأكد الخبراء أهمية الاستثمار في البحث والتطوير في هذا المجال، وبناء شراكات قوية بين الحكومات والشركات والأكاديميين والمجتمع المدني لضمان تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي يعود بالفائدة على البشرية جمعاء.
التداعيات الجيوسياسية والبحثية
وقد شهد اليوم الثاني والختامي من مؤتمر “تريندز وجامعة طوكيو” 3 جلسات عمل تطرقت الأولى إلى التداعيات الجيوسياسية والبحثية للذكاء الاصطناعي في الحروب، وقد أدار الجلسة البروفيسور هيغو ساتو، أستاذ بكلية الدراسات الدولية، جامعة تاكوشوكو وشارك فيها كل من البروفيسور هيدينوري واتانابي، أستاذ في المبادرة بين الكليات بجامعة طوكيو في دراسات المعلومات، والسيد يو كويزومي، أستاذ مشارك في مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، بجامعة طوكيو، والبروفيسور، وموزيس خانيل، مدير وحدة الذكاء الاصطناعي الدفاعية في كلية العلوم العسكرية، جامعة ستيلينبوش، والدكتور باتريك بيل، أستاذ مساعد، جامعة الدفاع الوطني في الولايات المتحدة، والسيد مانوج هارجاني، زميل باحث ومنسق في برنامج التحولات العسكرية، معهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية بكلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية، جامعة نانيانغ التكنولوجية، سنغافورة.
واستكشفت الجلسة التحديات الجيوسياسية والأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب وتحليل الحروب كما عرضت بالبحث والتحليل طبيعة الاستخدام المزدوج لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك اللوائح والأطر الدولية التي تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في النزاعات المسلحة، إضافة إلى التحليل الرقمي للبيانات البصرية المتعلقة بالحروب وتداعيات الأساليب الجديدة على الحروب وبحوث الحروب.
العلاقة بين الجسد والآلة والمجتمع
أما الجلسة الثانية فتناولت الذكاء الاصطناعي وإعادة تنظيم العلاقة بين الجسد والآلة والمجتمع، وأدارتها الباحثة سمية الحضرمي، نائبة رئيس قطاع تريندز جلوبال، وشارك فيها البروفيسور ماساهيكو إينامي، أستاذ بمركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، جامعة طوكيو، والدكتور ياسواكي موناي، أستاذ مشارك بمركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، بجامعة طوكيو، والدكتور إرنستو دامياني، مدير مركز الأنظمة الفيزيائية والإلكترونية بجامعة خليفة، أستاذ بقسم الهندسة الكهربائية والحاسوبية، مدير مركز أمن المعلومات، مركز الإمارات للابتكار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبروفيسور عبدالمطلب الصديق، أستاذ متعاون في قسم التفاعل بين الإنسان والحاسوب، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والباحثة أمينة المري، من مركز بحوث الروبوتات المستقلة، معهد الابتكار التكنولوجي.
وتطرق المتحدثون إلى كيفية إعادة ترتيب العلاقة بين الجسد البشري والمجتمع والفرص باستخدام الذكاء الاصطناعي ، موضحين أن “هندسة تعزيز الجسد” تعمل على تطوير تكنولوجيات تُمكّن شكلاً جديداً من أشكال التجسيد ونوعية الحياة باستخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز، كما ناقش الخبراء والباحثون والأكاديميون في الجلسة الإمكانات التي توفرها “هندسة تعزيز الجسد” لمعالجة القضايا الاجتماعية، مثل الشيخوخة المفرطة، وعرضوا العديد من الشواهد والأمثلة، مؤكدين أهمية الدور الكبير للذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة عامة والصحة والمناخ.
الذكاء الاصطناعي والحوكمة
أما الجلسة الثالثة في اليوم الثاني من المؤتمر والأخيرة فقد تناولت “تطوير الذكاء الاصطناعي والحوكمة السياسية: تحليل المشكلات الناشئة والاستجابة لها”، حيث بين المتحدثون فيها العلاقة بين تطوير الذكاء الاصطناعي والحوكمة السياسية. وقالوا إن هذه العلاقة تشمل قضايا تُعد امتداداً لموضوع قديم في العلوم السياسية، تحديداً موضوع التكنوقراط والحوكمة الديمقراطية وثقة الناس في الحوكمة الوظيفية.
وقد أدار الجلسة البروفيسور ساتوشي إيكيؤتشي، أستاذ الأديان والأمن العالمي بمركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، والرئيس المؤسس للمختبر المفتوح للاستراتيجيات الناشئة بمركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، بجامعة طوكيو، وشارك فيها جيمينا فيفيروس، رئيسة الموظفين والمستشارة القانونية الرئيسية للقاضي الدكتورة لوريتا أورتيز أهلف في محكمة العدل العليا المكسيكية وعضوة المجلس الاستشاري الرفيع المستوى للأمم المتحدة المعني بالذكاء الاصطناعي، والبروفيسور مازن حسن، أستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قسم العلوم السياسية، والبروفيسور ريو ناكاي، أستاذ في مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، بجامعة طوكيو، والباحثة نور المزروعي، رئيسة برنامج الذكاء الاصطناعي، في “تريندز للبحوث والاستشارات”، والبروفيسور بريسلاف ناكوف، رئيس القسم وأستاذ معالجة اللغة الطبيعية، بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والدكتور د. محمد سليمان، مدير برنامج التكنولوجيات الاستراتيجية والأمن السيبراني، معهد الشرق الأوسط، بواشنطن العاصمة.
عقب ذلك اختتمت الباحثة فاطمة اليماحي، باحثة واختصاصية شراكات استراتيجية في “تريندز للبحوث والاستشارات” أعمال المؤتمر، فيما كرم الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لـ”تريندز” المتحدثين والمشاركين وقدم إليهم دروعاً تذكارية وشهادة تقدير.