التعليم الحكومي في العراق يعيش أسوأ مرحلة في تاريخه
بقلم : إبراهيم المحجوب – كاتب عراقي
كان العراق في منتصف سبعينات القرن الماضي والى عقد الثمانينات من الدول المتقدمة بالنسبة لنظام التعليم والذي كان متوفر وبصورة ميسرة في كل المدن والقرى والأرياف العراقية…
وقد اعترفت منظمة اليونسكو في حينها بأن العراق قد أصبح فيه التعليم من أفضل الدول في منطقة الشرق الأوسط وهذه شهادة دولية يشار فيها بالبنان لوزارة التربية والتعليم في حينها وخاصة عندما صدر تقرير في منتصف سبعينيات القرن الماضي من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” صنفت النظام التعليمي في العراق كأحد أفضل النظم التعليمية على مستوى العالم، واحتل العراق حينها المركز الأول عربياً. إلا أنه وبعد أكثر من أربعة عقود على ذلك التصنيف، أظهرت دراسة أممية قبل مدة مؤشر جودة التعليم الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس” خروج العراق وعدد من الدول العربية من معايير جودة التعليم العالمي…
إن مرحلة التدني في مستوى التعليم بدأت في العراق اثناء مرحلة الحصار الاقتصادي على العراق وما تلاها من احداث دامية وفوضى للنظام التعليمي والذي مازالت آثاره مستمرة الى يومنا هذا فان وضع العراق الدولي في مستوى التعليم قد تراجع إلى المرتبة 137 من بين 190 دولة في تصنيف التعليم العالمي لعام 2020 الصادر عن منظمة اليونسكو، وحصل على درجة 0.543 في مؤشر جودة التعليم، وهي درجة منخفضة جداً. وفي تصنيف التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2021، حل العراق في المرتبة 119 عالمياً من بين 189 دولة..
وحسب المعلومات المتوفرة لدينا من وزارة التربية حول الوضع التعليمي العام في العراق فان الوزارة بحاجة الى بناء اكثر من 20,000 عشرين ألف مدرسة جديدة وتوفير كوادر تدريسية لها بالعدد المطلوب حتى تستطيع ان تعيد ترتيب الصف الواحد الى أربعين طالب فقط بدلاً من الفوضى الموجودة حالياً حيث أن بعض المدارس تجد صفوفها تنقسم الى خمسة شعب وكل شعبة فيها ستون طالب وأكثر يضاف الى ذلك قلة الكوادر التدريسية في مدارس العراق بشكل عام وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على فشل التخطيط لكل الحكومات المتعاقبة على الحكم لأن القاعدة الصحيحة تقول إن أي حكومة أو دولة لا يمكن بنائها بناء صحيح إذا لم يتوفر فيها الأسس الصحيحة مثل التعليم والأمن والقضاء وقد تم وضع التعليم في أول المطاف لأنه يعتبر اللبنة الأساسية لبناء المجتمع وخاصة إننا نعيش في ظل هذا التضخم السكاني الكبير ومع النهضة الصناعية والثورة التكنولوجية في العالم ولكن يبدو أن التخطيط للمدارس في وزارة التربية ووزارة التعليم ما زال على وضعه السابق وربما كل ما تم استحداثه هو بعض من المدارس والجامعات الأهلية والتي لا يستطيع اغلب العوائل تسجيل ابنائهم فيها بسبب اجورها المرتفعة اضافه الى انعدامها في كل المناطق وخاصة المناطق الشعبية…
إننا في الوقت الذي نعاني فيه من البطالة الشديدة وخاصة من المخرجات التربوية الذين أصبحوا بمئات الآلاف ينتظرون من الدولة تعيينهم حتى وإن كانت بأجور رمزية كما تفعل الآن بالتعيينات وفق نظام العقود والمحددة بثلاث سنوات وباجور بسيطة لاتتناسب مع الحالة المعيشية في المجتمع…
إن وزارة التربية أصبحت وزارة شكلية مشلولة الحركة لا يمكن لها أن تستطيع إيجاد الحلول لهذه المعضلة الكبيرة في ظل تقاسم المناصب على أساس طائفي …
فهل سوف نعود الى مرحلة الأمية من جديد مثل ما نعيش الآن مرحلة الأمية في تقسيم الوظائف وغيرها من المشاكل الإدارية أم أن هناك اندفاع حقيقي من قبل الدولة لحلحلة هذه المشكلة!!!…