صناديق الثروة السيادية بالشرق الأوسط يمكنها دفع عجلة التنمية المستدامة في دول جنوب العالم
أبوظبي – الوحدة:
كشف مختبر الاستثمار الانتقالي التابع لجامعة نيويورك أبوظبي في تقريره السنوي الثالث عن اتساع الفجوة التمويلية التي تقف أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بحلول عام 2030، حيث وصلت إلى ما يقرب من 5 تريليون دولار أمريكي سنوياً، في زيادة عن رقم العام الماضي البالغ 4.3 تريليون دولار أمريكي. وذكر التقرير أن العامل الأساسي وراء ذلك الاتساع يعود إلى التحديات الاقتصادية والبيئية والجيوسياسية، والتي يشار إليها عادة باسم “الأزمة المركبة”. ويتضمن التقرير العديد من الطرق التي تتيح للمؤسسات الاستثمارية في دولة الإمارات والعالم استخدام “الاستثمار الانتقالي”، وهو فلسفة استثمارية تهدف إلى تحقيق التأثير الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب العوائد المالية، لتقليص هذه الفجوة والاستفادة من إمكانات الوصول الفريدة إلى الأسواق الناشئة.
وأطلق مختبر الاستثمار الانتقالي ورشة عمل بعنوان “إعادة توزيع التدفقات التمويلية: حشد رؤوس الأموال للاستثمار الانتقالي” في جامعة نيويورك أبوظبي، بالتعاون مع مبادلة وشركة مياسا بارتنرز، والتي أشارت إلى أن دولة الإمارات تحظى بإمكانية الوصول إلى الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، مما يوفر إمكانات فريدة لتوجيه الاستثمار وتقديم فرص النمو التحويلية إلى المنطقة التي تتمتع بأعلى إمكانات النمو الاقتصادي، وتواجه في الوقت نفسه أشد التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال برناردو بورتولوتي، المدير التنفيذي لمختبر الاستثمار الانتقالي التابع لجامعة نيويورك أبوظبي: “توفر بيئة الاستثمار المزدهرة للمستثمرين فرصة التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع توليد عوائد إيجابية معدلة حسب المخاطر. ويستكشف التقرير هذه المجالات ودور الاستثمار الانتقالي في دعم أجندة الاستدامة للمستثمرين في ظل الاضطرابات الجيوسياسية الحالية. وبدورنا، نشارك هذه الأفكار مع الجهات الرائدة والمؤثرة في المنظومة المحلية والإقليمية، انطلاقاً من إدراكنا لإمكانات المنطقة الهائلة وغير المستثمرة في حشد رؤوس الأموال وإحداث نقلة نوعية في هذا المجال بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة”.
وأدت الاضطرابات العالمية الأخيرة إلى توقّف مسيرة التقدم في مجالات رئيسية، مثل الحد من الفقر والوصول إلى التعليم، حيث انكمش صافي التدفقات العالمية إلى صناديق المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة منذ عام 2021، ليدخل المنطقة السلبية في الربع الرابع من عام 2023، مما يعكس وجود حالة متزايدة من عدم اليقين في أوساط المستثمرين. وتظهر الأسواق الخاصة توجهاً مماثلاً، حيث شهدت انخفاضاً بنسبة 18% في الصناديق المتوافقة مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة التي يتم إدارتها في قطاعات مثل الأسهم الخاصة والبنية التحتية والعقارات.
ونتيجة لذلك، اتسعت الفجوة المالية التي تقف أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بحلول عام 2030، حيث وصلت إلى ما يقرب من 5 تريليون دولار أمريكي سنوياً. وفي ظل تباطؤ الزخم، بدأت التدفقات الصافية إلى صناديق المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة بالتراجع، مع تزايد الشكوك حول التأثيرات الملموسة لمثل هذه الاستثمارات.
ومن جانبه، قال أنطونيو ميغيل ريبيرو، رئيس قسم مخاطر الاستثمار، مبادلة: “اعتمدت جميع الدول الأعضاء في عام 2015 أهداف الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية، والتي تشكل جوهر خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ورغم أننا وصلنا اليوم إلى منتصف الطريق، هناك جمود أو تراجع في تحقيق 35% من الأهداف. ونحن على ثقة بإمكانية عكس هذا التوجه باستخدام فلسفة الاستثمار الانتقالي للجمع بين الإمكانات الفريدة لكبرى المؤسسات الاستثمارية وفرص الاستثمار غير المستغلة في الأسواق الخاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا”.
وبدوره، قال بيتر ليجر، المستشار لدى مجموعة المسكري القابضة والرئيس التنفيذي لشركة مياسا بارتنرز: “كلنا ثقة بأن النمو السكاني والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا يوفر فرصاً استثمارية جذابة مالياً ومعدلة حسب المخاطر. ومع ذلك، فإن انخفاض الاستثمار المخصص للمنطقة في الوقت الحالي قد يؤدي بسهولة إلى مخاطر اجتماعية وبيئية كبيرة تكون لها عواقب عالمية. وبناء على ذلك، يجب إيجاد طرق جديدة لجذب رؤوس الأموال من المؤسسات الاستثمارية التي تعمل على المدى الطويل، إلى المنطقة. وتلعب جهود مختبر الاستثمار الانتقالي دوراً محورياً في دعم بناء الوعي حول الفرص الإقليمية والمنهجية البديلة لتقييم تأثير الاستثمارات المنجزة”.
وجمعت ورشة العمل التي استضافها مختبر الاستثمار الانتقالي مجموعة من المؤسسات المالية ومدراء الأصول والباحثين وصنّاع السياسات، بهدف تبادل المعارف وعرض أفضل الممارسات بشأن ضخ الاستثمارات الكبيرة في مشاريع ذات أثر اجتماعي مرتفع في الدول الناشئة ومنخفضة الدخل. وتنسجم هذه الفعالية مع مهمة مختبر الاستثمار الانتقالي في تلبية أعلى المعايير الأكاديمية مع توفير التفكير الاستراتيجي والحلول العملية للمستثمرين والمساهمة في ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي للاستثمارات المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة وفقاً لأولويات ومبادئ الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي.
وتأسس مختبر الاستثمار الانتقالي في عام 2021، وهو مركز للتميز والمعرفة تابع لكلية ستيرن للأعمال في جامعة نيويورك أبوظبي، ومتخصص بالأبحاث المالية حول الاستثمار المستدام في الاقتصادات الناشئة ومنخفضة الدخل.