مال وأعمال

القمة العالمية لطاقة المستقبل تختتم أعمالها مع التركيز على المدن المستدامة والتمويل الأخضر

مؤتمر المدن المستدامة يحثّ المطورين على تبني تقييم مخاطر المناخ لتأمين مشاريعهم في المستقبل

الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون يتطلب استثمارات بقيمة تريليون دولار أمريكي بحلول نهاية العام وفقاً لمتحدثين في مؤتمر التمويل المستدام

أبوظبي – الوحدة:

اختُتمَت يوم الخميس أعمال القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025، والتي استضافتها شركة مصدر ضمن مركز أبوظبي الوطني للمعارض لمدة ثلاثة أيام في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة. وتصدرت المدن المستدامة والتمويل الأخضر برنامج الفعالية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة والاستدامة، مع مجموعة من العروض التقديمية والنقاشات التي ركزت على موضوعات مثل المدن المكتفية ذاتياً ومرونة المجتمع واختلال التوازن بين العرض والطلب في التمويل الأخضر.

وفي اليوم الأخير، ناقش مؤتمر المدن المستدامة الحالات المناخية الاستثنائية وكيف يمكن لمخططي المدن الاستعداد لها بشكل أفضل، بما فيها حرائق الغابات في كاليفورنيا التي تسبّبت بأضرار تقدر بنحو 160 إلى 200 مليار دولار أمريكي، حيث ناقش مجموعة من خبراء الاستدامة الفوائد الاقتصادية للاستثمار في تقييمات مخاطر المناخ أثناء عملية التصميم وسلطوا الضوء على الحاجة إلى الاستباقية بدلاً من ردود الأفعال.
وأدارت ديما السروري، مؤسسة مختبر مدينة بيوسفيرك، ندوة استمع فيها الحضور إلى الكيفية التي يمكن بها للمطورين جني الفوائد طويلة الأجل للاستثمار المبكر. وأوضحت السروري: “يُقدّر الاتحاد الأوروبي أنه مقابل كل يورو ننفقه على إدارة المخاطر، فإنه من الممكن توفير ستة يوروهات في تجنب الكوارث والأضرار. لذا، هنالك حاجة إلى اتباع نهج أطول أمداً عند التفكير بهذه المخاطر، وعلينا العمل للأجيال القادمة في السنوات الخمسين المقبلة بدلاً من العمل على ما قد يحدث العام المقبل”.

وأضافت فرح ناز، مديرة الشؤون البيئية والاجتماعية والحوكمة والابتكار في شركة إيكوم: “باتت هندسة القيمة مفهوماً في غاية الأهمية، إذ ما القيمة التي يمكن توليدها من تكبّد 850 مليون دولار أمريكي من الأضرار والأصول المعطلة؟ وعلينا أن ندرك بأنّنا وسط حالة طوارئ مناخية وتنوع بيولوجي، ما يتطلّب البدء بإعادة التفكير والتركيز على دراسات أعمال والحالة ودفع محادثات المناخ والاقتصاد والمجتمع معاً”.
وفي وقت سابق من اليوم، دعت أليدا صالح، مديرة الاستدامة في شركة جيه إل إل الشرق الأوسط وأفريقيا، إلى إيجاد خطابٍ أكثر سهولة، بوصفها مستشارة أولى لفريق أبطال العمل المناخي للبيئة المبنية، حيث تحدثت في جلسة حول المدن المكتفية ذاتياً مشددةً على الحاجة إلى شرح القضايا والإجراءات المطلوبة بطريقة يمكن للجميع فهمها.
وقال أليدا: “علينا العمل على تغيير أسلوب حياتنا، إذ تشير التقديرات إلى قيامنا باستخدام حوالي 30 لتراً من الماء لتنظيف أسناننا لمدة دقيقتين، وإذا قرّر 6 آلاف شخص إغلاق الصنبور خلال ذلك فإن توفير المياه سيعادل ملء 26 حمام سباحة أوليمبي في يومٍ واحد فقط. وبكلماتٍ أخرى، نحتاج إلى فهم أن لكل فعل تأثير مهما كان ضئيلاً، وأن علينا الحديث بلغة تدعو الأفراد للمشاركة أيضاً لمضاعفة أثر العمل الجماعي”.

ومن جهةٍ أخرى، تشكّل ندرة المياه قضية بيئية مستمرة، وقد أعلنت شركة بينونة ووترجينيرشن للتكنولوجيا (ما هوا) وشركة بايبتك عن شراكة استراتيجية تاريخية. وتُعدّ هذه الشراكة أول تطبيق لتقنية ما هوا الثورية لتحويل البخار إلى مياه شرب نقية، مما يمهد الطريق لتحقيق معايير جديدة في الاستدامة وحماية البيئة. ولا يوفر هذا الابتكار حلاً لندرة المياه فحسب، بل يقلل بشكل كبير من التأثير البيئي للعمليات الصناعية. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال مايكل روتمان، الرئيس التنفيذي لشركة بينونة ووترجينيرشن للتكنولوجيا (ما هوا): “تمثل هذه الشراكة علامة فارقة في رحلتنا نحو الابتكار ومعالجة ندرة المياه وتقليل الانبعاثات الكربونية. باستخدام تكنولوجيا ما هوا الرائدة، نخطو خطوة حاسمة نحو خلق مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.”
وبحسب تقرير صادر عن مبادرة “مشروع الحوكمة العالمية”، فإن التحول إلى مستقبل طاقة منخفض الكربون للاقتصادات الناشئة، باستثناء الصين، سيتطلب استثماراً سنوياً إجمالياً يبلغ حوالي تريليون دولار أمريكي بحلول نهاية هذا العام و2.4 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، وذكر التقرير أن تحقيق انتقال عادل أمر معقد ويتطلب نهجاً شاملاً يوازن بين الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وتناولت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر التمويل المستدام، والذي استمر ليوم واحد، الارتفاع الأخير في الطلب على الأصول الخضراء، مدفوعاً بالاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمية. ويسعى كل بنك تقريباً إلى الاستثمار في مشاريع مستدامة، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة الندرة، ولكن على الرغم من هذا الطلب، لا تزال هناك ميزة تسعيرية كبيرة للتمويل الأخضر. وقد حدد بارت وايت، المدير الإداري لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا ورئيس الطاقة والتمويل الهيكلي في سانتاندير، مدى توفر رأس المال للشركات الناشئة وكيف يتم تحديد أسعار الفائدة المرتفعة من قبل السوق والتي لا تشكّل بالضرورة عائقًا أمام التمويل الأخضر. وأشار وايت: “نلحظ اليوم طلباً كبير على مراكز البيانات ويستلزم الذكاء الاصطناعي استهلاك المزيد من البيانات بشكل تدريجي في المستقبل، لذلك يجب أن تكون قابلة للاستثمار بشكل كبير، لكنها لا تزال متأخرة من حيث التمويل النشط مقابل مصادر الطاقة المتجددة”.
وفيما بعد تحول النقاش إلى موضوع توافر رأس المال للمساعدة في دفع عجلة الابتكار والشركات الناشئة والتكنولوجيا الجديدة. ووفقاً لوايت، فإننا نعيش في عصر متقدم من الابتكار، حيث تحتاج العديد من الشركات الجديدة إلى الوصول إلى رأس المال الذي يُعدّ شريان الحياة للشركات الناشئة، موضحاً: “أعتقد أن التركيز يجب أن ينصب على كيفية تقديم التمويل الكافي لضمان حصول الشركات ذات التوقعات الجيدة والواقعية والشركات التكنولوجية المناسبة على التمويل الصحيح للمساعدة في تحقيق الفصل التالي من إزالة الكربون في جميع أنحاء العالم”.

وتجدر الإشارة إلى دورة هذا العام من القمة العالمية لطاقة المستقبل تأتي بالتعاون مع العديد من الشركاء الاستراتيجيين، وهم شركة مصدر ومجموعة تدوير ومدينة مصدر وشركة نكستراكر وهيئة كهرباء ومياه دبي وشركة مياه وكهرباء الإمارات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى