“قمح الإمارات”.. أكثر من 200 مزرعة يتجاوز إنتاجها 80 طناً سنوياً
تشكل زراعة القمح في الإمارات رافداً مهماً لمنظومة الأمن الغذائي والوصول إلى مستوى الاكتفاء الذاتي وقد شجعتها الدولة عبر المؤسسات والجهات المعنية بالقطاع الزراعي من خلال توظيف الإمكانات والموارد لتوفير المحاصيل العضوية والغذائية الآمنة إلى جانب تبني أفضل الأساليب الزراعية الفاعلة في مجال إنتاج أنواع الحبوب المختلفة ذات الجودة العالية.
وتولي حملة أجمل شتاء في العالم في نسختها الخامسة التي انطلقت تحت شعار “السياحة الخضراء” بالتعاون بين وزارة الاقتصاد والمركز الزراعي الوطني والهيئات السياحية المحلية في الدولة اهتماماً كبيراً بتسليط الضوء على التجارب الزراعية المستدامة الناجحة بهدف تحفيز الزيارات السياحية المستدامة وذلك في إطار إستراتيجية السياحة الداخلية في الدولة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، والهادفة إلى تطوير منظومة سياحية تكاملية على مستوى الدولة.
وبمجهود فردي تطوعي كانت نواته 16 مزارعاً مواطناً؛ انطلقت في عام 2017 مبادرة “قمح الإمارات” التي تعد إحدى المبادرات الرائدة في مجال الزراعة، لتنتشر بعد ذلك على مستوى الدولة عبر انضمام الكثير من المزارع إلى المبادرة الناجحة حتى وصل عدد المزارع المشاركة إلى أكثر من 200 مزرعة تنتج أكثر من 80 طناً من القمح سنوياً، مع اهتمام القائمين والمشاركين في المبادرة على توسيع رقعة مزارع القمح والتشجيع عليها عبر توزيع حبوب القمح مجاناً على المزارعين الراغبين بالتجربة مضمونة النتائج، وتوفير آلات حصاد القمح في مختلف إمارات الدولة من أجل التسهيل على المزارعين، ومساعدتهم في حصاد الحبوب بشكل سريع وصحي للإسهام في تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة وإنتاج محاصيل تسهم في زيادة الإنتاج الزراعي في الدولة.
وبدءاً من مارس 2022 بدأت إمارة الشارقة بمشروع زراعة القمح في منطقة مليحة، على مساحات ممتدة تصل إلى 1400 هكتار، وذلك لإنتاج أكبر كمية من القمح، وتلبية احتياجات السوق، حيث تم نثر بذور المرحلة الأولى في نهاية نوفمبر 2022، وجاء حصادها بعد 4 أشهر لتنتج الشارقة واحداً من أجود أنواع القمح في العالم، لاحتوائه على أعلى نسبة من البروتين، وخلوه من أي مواد كيميائية أو أسمدة وغيرها من المواد الضارة بصحة الإنسان.
وتعزيزاً لنشر المبادرة على نطاع واسع بين المزارعين دشنت دائرة الزراعة والثروة الحيوانية في الشارقة مبادرة توزيع بذور القمح الأصيلة على المزارعين المواطنين؛ حيث تم توزيع قرابة 3 أطنان من بذور قمح الخبز صنف “يوكورا روجو” الذي يعد من أهم وأجود أصناف القمح الحمراء التي تتميز بالنقاوة العالية، وقصر فترة الإنبات، والخلو من الأمراض الفطرية.
وحصل مشروع مزرعة مليحة للقمح على علامة الجاهزية للمستقبل التي يتم منحها للمؤسسات الاتحادية والمحلية التي تصمم وتطبق مشاريع استثنائية، حيث يهدف المشروع إلى إنتاج 15200طن من القمح العضوي فائق الجودة والذي يغطي 100% من احتياجات منافذ البيع بالتجزئة بالإمارة من القمح حيث يتم استزراعه دون استخدام أي مواد كيميائية.
كما انطلقت الجهود البحثية بمختبرات المشروع والهادفة الى تطوير سلالة جديدة من القمح أطلق عليها اسم سلالة “الشارقة-1” التي تعد أكثر تحملاً للتغيرات المناخية والحرارة، وأقل استهلاكاً وتوفيرا للمياه بنسبة 30% وأكثر إنتاجية وأغنى من ناحية القيمة الغذائية وتحتوي على نسبة 19% من البروتين وهي الأعلى عالميا والأسرع في النضج والحصاد.
كما أطلق المشروع علامة القمح التجارية “سبع سنابل” لتلبية الطلب في السوق المحلية ورفع سقف الإنتاج بتوسعة المساحة المزروعة من القمح لتصل إلى 1900 هكتار، وزراعة 285 طناً من بذور القمح فيها، كما تمت توسعة المنظومة لتشمل ريادة الأعمال الزراعية الوطنية لتمكين قدرات المواطنين على المشاركة في رفع سقف الإنتاج حيث تم زراعة 15 طناً من بذور القمح من قبل 320 مزارعاً.
وحصل دقيق “سبع سنابل” على خمس شهادات، معتمدة في الجودة والسلامة؛ منها: شهادة “الهاسب” لاستيفائه شروط الزراعة الآمنة والنظيفة، وشهادة “عضوي” لتطبيق اشتراطات الزراعة العضوية، وشهادة “NON GMO “؛ وهي اعتراف بعدم استخدام البذور المعدلة وراثياً، وكذلك أول منتج وطني يحصل على علامة “صنع في الإمارات”.
وبالتوازي مع الإنتاج المتزايد لمزارع القمح في الدولة، حرص القائمون عليها على تطبيق منظومة ري حديثة تعتمد الأتمتة بالكامل باستخدام البيانات الفضائية من الأقمار الصناعية حيث تضم مزرعة القمح في الشارقة محطة لتجميع مياه الري بمواصفات فنية عالية تعمل على تغذية خطوط الري بشكل رئيسي عبر 6 مضخات سحب كبيرة بطاقة تصل إلى 60 ألف متر مكعب من المياه على مدار ساعات اليوم، ويتم نقل المياه من محطة حمدة على خط ناقل طوله 13 كيلومتراً وصولاً إلى المزرعة كما تقوم عملية الري على استخدام التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي في تطوير العملية والتحكم فيها عبر بث معلومات حول الطقس والتربة إلى المركز الرئيسي لعمليات الزراعة؛ لضبط وتنظيم معدل استهلاك المياه والذي أسهم في توفير 40% إلى 45% من المياه اللازمة للزراعة.