“حكاية إفريقيا” تستقبل 10 آلاف زائر في مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي
الفائزان بجائزة نوبل للآداب وولي سوينكا وعبد العزيز قرنح من أبرز متحدثي الحدث
أحمد العامري: المهرجان شكّل جسراً حضارياً بين الإمارات وثقافات القارة الإفريقية
الشارقة – الوحدة:
على مدى أربعة أيام، وبعد أن تحولت الساحة الخارجية لقاعة المدينة الجامعية في الشارقة إلى كرنفال أدبي وفني عكس شعار مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي “حكاية إفريقيا”، اختتم المهرجان مساء أمس (الإثنين) فعاليات دورته الأولى، مستقبلاً أكثر من 10 آلاف زائر من عشاق الأدب والفنون، ومستضيفاً 29 أديباً من الإمارات وإفريقيا، شاركوا في تقديم برنامج ثقافي غني اشتمل على 8 حلقات نقاشية، و3 ندوات ملهمة، إضافة إلى 12 ورشة عمل تفاعلية للأطفال، وسلسلة من العروض الفنية والغنائية والموسيقية وورش الطهي، التي سلطت الضوء على التراث الإفريقي وثقافته الغنية.
اليوم الختامي: مزيج من الإبداع الأدبي والشعري
وشهد اليوم الأخير من المهرجان جلسات حوارية غنية بالمضامين، ناقشت إحداها رواية “بحر اليعسوب” للروائية الكينية إيفون أوور، التي استعرضت فيها عمق العوالم الثقافية في شرق إفريقيا. كما تميزت جلسة “صياغة شخصيات متحررة من قيود الزمان” بمشاركة عدد من الكتاب البارزين الذين تحدثوا عن تعقيدات التمثيل الثقافي في الأدب. إلى جانب ذلك، قدمت الكاتبة الأوغندية جينيفر ماكومبي رؤى حول روايتها “المرأة الأولى”.
وكان مسك ختام الجلسات أمسية شعرية تلاقت فيها الكلمة الإماراتية مع نظائرها من عدة دول إفريقية، تحت عنوان “أصوات صادحة” واستضافت نخبة من الشعراء الإماراتين والأفارقة، وهم: وانا أودوبانغ، علي العبدان، مريم بوكار، محمد الحبسي، ديبورا جونسون، دامي أجاي، بإدارة الشاعرة شيخة المطيري، الذين أنشدوا قصائد عابرة للحدود الزمانية والمكانية والثقافية.
قصص وسرديات تلهم العالم
وفي تعليقه على ختام مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي، أكد سعادة أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، أن المهرجان شكّل جسراً حضارياً بين دولة الإمارات العربية المتحدة وثقافات غنية ومتنوعة في القارة الإفريقية، وقال: “أثبت المهرجان أن الثقافة كنز لا يقدر بثمن، وأن أدوات وممارسات بسيطة مثل الحكايات الشعبية، والموسيقى التقليدية، والحرف اليدوية، يمكن أن تحكي الكثير عن تاريخ الشعوب وتسرد قصصاً تلهم العالم”.
وأضاف العامري: “جسد المهرجان رؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تجعل الأدب محوراً للحوار الثقافي العالمي، وأسهمت توجيهات الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، وجهودها الدؤوبة في تحويل المهرجان إلى منصة تجمع بين الأدب والفن والتراث والترفيه، مما يعزز مكانة الشارقة كمركز عالمي للإبداع. وسنواصل العمل على ترسيخ دور المهرجان في جمع المبدعين وإبراز القيم الثقافية الأصيلة التي توحد الشعوب وتثري التواصل الإنساني”.
منصة تفاعلية تعكس روح إفريقيا
وكرمت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب -خلال المهرجان- الروائي النيجيري وولي سوينكا الحاصل على جائزة نوبل للآداب، بجائزة “الشارقة للتقدير الأدبي”، الذي تحدث في جلسة خاصة عن فلسفته في الكتابة. كما استعرض الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح، الحائز على جائزة نوبل للآداب في عام 2021، في جلسة أخرى، التقاطعات الثقافية بين إفريقيا والعالم العربي، مؤكداً أن تجارب الاستعمار المشتركة ساهمت في بناء ذاكرة أدبية جماعية تُثري الأدب العالمي.
حوارات الأدب والفن الإفريقي
وأثرت جلسات المهرجان برنامج الفعاليات، مسلطة الضوء على قضايا هامة عرفت الجمهور على إنجازات القارة الإفريقية الأدبية والتراثية والثقافية، من أبرز هذه الجلسات لقاء بعنوان “أبعد بكثير من واكاندا” الذي استعرض تأثير الثقافة الإفريقية على السرد القصصي العالمي، وناقش أهمية كسر الصور النمطية المرتبطة بالقارة الإفريقية وتقديمها بصورة مبتكرة قادرة على جذب جمهور عالمي.
وشهد المهرجان جلسات أدبية استعرضت أبرز قضايا الأدب والهوية، حيث ناقشت الكاتبة النيجيرية الأمريكية ننيدي أوكورافور روايتها “موت الكاتب”، متطرقة إلى الصراع بين التقاليد والحداثة وتأثير الذكاء الاصطناعي على الكتابة. بينما قدمت الراوية الأسكتلندية من أصول كينية مارا مينزيس عرضاً قصصياً تفاعلياً على المسرح جمع بين السرد المسرحي والتشويق. كما اصطحب الروائي الكيني بيتر كيماني جمهور المهرجان في رحلة عبر روايته الملحمية “رقصة الجاكاراندا”، والتي حازت على إشادة عالمية بفضل عمقها الأدبي وسردها الغني.
الورش والعروض
وضمن البرنامج الثقافي للمهرجان، قدمت ورش العمل تجربة تفاعلية ثرية للزوار من جميع الأعمار. جاء من أبرزها ورشة “الفخاريات الإفريقية”، التي أتاحت للمشاركين فرصة تعلم تقنيات تشكيل الطين وصناعة مشغولات فنية مستوحاة من التراث الإفريقي، وورشة الحلي التقليدية التي عرّفت الزوار بفن تصميم الأساور والخلاخيل.
وأبهرت الفرق الاستعراضية الحضور بعروضها البهلوانية وألعاب الخفة، بينما أضافت الطبول الإفريقية طابعاً احتفالياً عكس المشتركات الثقافية بين دول القارة الإفريقية. ومن أبرز الفعاليات الموسيقية التي شهدها المهرجان حفل للمغنية الجنوب إفريقية آنا ماسينا، الذي مزج بين الإيقاعات التقليدية والألحان المعاصرة، إلى جانب عروض فرقة “ماساكا كيدز أفريكانا” الشهيرة من أوغندا.