مسقط : أحمد عناني
يؤكد شعار يوم الصناعة العمانية هذا العام «سلاسل الإمداد» على رؤية سلطنة عُمان الطموحة في تعزيز قدراتها الصناعية وتحقيق التكامل الاقتصادي. وهذه الرؤية تعي تماما أن الصناعة لم تعُد مجرد إنتاج سلع، بل أصبحت شبكة معقدة من الأنشطة التي تعتمد على كفاءة سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية المتطورة، ما يجعل تحسين هذه المنظومة ركيزة أساسية لتحقيق الاستدامة والنمو.
حيث تحتفل سلطنة عُمان ممثلة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار اليوم الأحد بيوم “الصناعة العمانية”، تحت رعاية الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد رئيس جامعة السلطان قابوس.ويأتي الاحتفال في إطار الجهود المستمرة لتعزيز القطاع الصناعي في سلطنة عُمان. يركز يوم الصناعة العمانية 2025 على سلاسل الإمداد ودور المحتوى المحلي في توطين سلاسل التوريد، كما يتناول أهمية المحتوى المحلي للخدمات اللوجستية ودوره في تعزيز القطاع الصناعي، بالإضافة إلى فرص تعزيز المحتوى المحلي للخدمات اللوجستية المرتبطة بالتصنيع، والابتكار والتكنولوجيا في الخدمات اللوجستية المحلية، بهدف تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل وتحقيق التكامل بين الصناعات والإسهام في تعزيز إنتاج السلع.
وقال الدكتور صالح بن سعيد مسن، وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة العمانية ، إن الاحتفال بيوم الصناعة العمانية يجسد الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص عبر مناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه المنشآت الصناعية وتوفير الحلول لها، وتوفير بيئة صناعية مناسبة للاستثمار، ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة وصناعات المستقبل.
وأشار إلى أن مساهمة الأنشطة الصناعية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية حققت نموًا ملحوظًا، حيث بلغت 6,09 مليارات ريال عماني بنهاية سبتمبر 2024، مسجلة زيادة بنسبة 5,4 بالمائة عن الفترة المماثلة من العام السابق، والتي بلغت حينها 5,7 مليارات ريال عماني.
ووضح أن هذا النمو يؤدى إلى ارتفاع ناتج قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 8,5 بالمائة ليبلغ 2,686 مليار ريال عماني بنهاية سبتمبر 2024م بالأسعار الثابتة.
وأكد على مساعي سلطنة عُمان لبناء مستقبل صناعي قوي يتماشى مع تطلعاتها المستقبلية، وقد حققت خلال السنوات الخمس الماضية العديد من الإنجازات في قطاع الصناعة، أبرزها المباركة السامية للاستراتيجية الصناعية 2040 في مايو 2024 حيث نظمت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار مجموعة من الحلقات النقاشية التي جمعت جميع الأطراف المعنية للبدء في تنفيذ مبادرات الاستراتيجية الصناعية 2040 بمشاركة جميع الجهات ذات العلاقة.
وقال إن خطط الوزارة تركز على زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي وتوفير فرص العمل للمواطنين، موضحًا أنه قد تم في الأعوام الماضية إطلاق عدد من المبادرات لتنمية القطاع الصناعي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، مشيرًا إلى أن المؤشرات تُظهر أن القطاع الصناعي يؤدي دورًا متزايد الأهمية في الاقتصاد العماني، حيث بلغت نسبة مساهمة الأنشطة الصناعية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية 19,5 بالمائة، بالإضافة لمساهمة قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس فعالية الخطط التنموية المعتمدة من قبل الحكومة، والتي تهدف إلى تعزيز القدرات الإنتاجية وتحفيز الاستثمارات.
وأكد أن المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والمدن الصناعية في مختلف محافظات سلطنة عُمان تحظى باهتمام كبير من المستثمرين، في الوقت الذي تشهد فيه مزيدًا من التركيز على تنفيذ العديد من المشروعات في قطاع البنية الأساسية الممكّنة لاستقطاب الاستثمارات وتطوير التشريعات والترويج للفرص الاستثمارية، مشيرًا إلى أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات التحويلية بلغ 2.13 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثالث من عام 2024، محققًا نسبة نمو بلغت 51.9 بالمائة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023.
وأشار إلى منجزات القطاع الصناعي في عام 2024 والجهود المبذولة لتطوير وتحفيز القطاع ورفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، منها المباركة السامية للاستراتيجية الصناعية 2040 في مايو 2024، كما حصلت سلطنة عُمان على المرتبة الـ 53 عالميًّا والرابع إقليميًّا في تقرير الأداء الصناعي التنافسي للعام 2024، الصادر من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو”.
وأضاف أن هذه الإنجازات تضمنت تدشين هوية المنتج العماني، ومركز عمان للترقيم، بالإضافة إلى الهوية التجارية، كما تم استقطاب مجموعة من الاستثمارات ذات التقنيات المتقدمة، وبدء برامج لأتمتة المصانع وتعزيز سلاسل الإمداد.
وقال وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة إن سلطنة عُمان تعمل على ترقية الصناعات التحويلية إلى التكنولوجيا المتقدمة وتطوير منتجات مبتكرة، وتنفيذ حزم من السياسات والتشريعات التي تهدف إلى تعزيز قدرة المنتج الوطني التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
وأوضح أنه تم تدشين “خطة المحتوى المحلي في القطاع الصناعي” تحت اسم “تصنيع” ، وبرنامج “تعمير” للمشاريع الكبرى، وإطلاق برنامج “إتقان” الذي يستهدف تمكين الكفاءات الوطنية في المجال الصناعي.
من جانبه قال مازن بن حميد السيابي مدير عام مساعد الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، إن الاحتفال بيوم الصناعة خلال العام الجاري يركز على أهمية سلاسل الإمداد ودور المحتوى المحلي في توطين سلاسل التوريد، مؤكدًا على أهمية المحتوى المحلي للخدمات اللوجستية ودوره في تعزيز القطاع الصناعي، بالإضافة إلى فرص تعزيز المحتوى المحلي للخدمات اللوجستية المرتبطة بالتصنيع.
وأكد على أهمية إدارة سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية، بما يشمل معرفة حركة البضائع وتخزينها، وخطة توزيع السلع والخدمات عبر الشبكة العالمية، وتقليل الهدر، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتخفيض التكاليف الإجمالية، وجذب العملاء من خلال تقديم خدمة متميزة.
وأشار إلى أن عدد التراخيص الصناعية الصادرة من يناير إلى نوفمبر 2024 بلغ (84116) ترخيصًا، في حين تم تقديم (697) طلبًا للإعفاءات الجمركية خلال الفترة المماثلة. وقد صدرت (569) إعفاء جمركيًّا إلكترونيًّا، بالإضافة إلى (4466) إعفاء من الرسوم الجمركية للآلات والمعدات، مضيفًا أنه تم إصدار 363 شهادة هوية للمنتج العماني حتى يناير 2025، وتم تقييم 20 مصنعًا عمانيًّا باستخدام مؤشر جاهزية الصناعة الذكية.
وأوضح أن الاحتفال بيوم الصناعة للعام 2025 تحت اسم “سلاسل الإمداد” يأتي نظرًا إلى أهمية إدارتها بسبب الابتكار المستمر في التكنولوجيا وتغير توقعات العملاء بسرعة، لافتًا أن نجاح وتنافس المنظمات قد أصبح يعتمد على إدارة سلسلة الإمداد بشكل فعّال ومتوافقًا مع البيئة والتكنولوجيا المتغيرة.وبيّن أن سلاسل الإمداد تمثل شبكة متصلة من الأفراد والمنظمات والموارد والأنشطة والتقنيات المشاركة في تصنيع وبيع منتج أو خدمة، حيث تبدأ من تسليم المواد الخام من المورد إلى الشركة المصنعة وتنتهي بتسليم المنتج النهائي أو الخدمة إلى المستهلك، أي أنها تمثل الخطوات التي تتخذها المنظمات لتوصيل المنتج أو الخدمة من حالتها الأصلية إلى العميل النهائي.
وأشار مدير عام مساعد الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى أن المنظمات تقوم بشكل دوري بتطوير سلاسل الإمداد لتقليل تكاليفها وضمان قدرتها على المنافسة في مجال الأعمال، وتشمل مهام إدارة سلسلة الإمداد والتخطيط والتنفيذ لعمليات حركة المواد الخام ورأس المال والمعلومات، بالإضافة إلى تحديد مصادر المواد الخام وإدارة المخزون والتخزين، كما تعمل سلاسل الإمداد على تقسيم المنتجات وإعادة الفائض أو المعيب.
وأكد على أن تحسين عملية التصنيع يعد من أهم مهام إدارة سلسلة الإمداد (SCM)، حيث يبدأ من المواد الخام وينتقل إلى مرحلة الإنتاج والخدمات اللوجستية، وصولًا إلى تسليمها للعميل، مضيفًا أن إدارة سلاسل الإمداد توفر العديد من الفوائد التي تُترجم إلى أرباح أعلى وصورة أفضل للعلامة التجارية وميزة تنافسية أكبر، مثل إدارة المخاطر والتنبؤ لمتطلبات السوق، وزيادة الاستدامة من وجهة نظر مجتمعية وبيئية، وتحسين التدفق النقدي، وتقديم خدمات لوجستية أكثر كفاءة.
وأوضح أن عملية إدار…