مال وأعمال

تفاصيل مثيرة في جلسة حوارية بين الرئيس التنفيذي لشركة قوقل وألفابت والوزير عمر العلماء

دبي – الوحدة:

شارك سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة Google وAlphabet، يوم الثلاثاء في جلسة حوارية افتراضية مع معالي عمر العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، وذلك أثناء القمة العالمية للحكومات 2025 في دبي. ركز النقاش على نهج الشركة القائم على الذكاء الاصطناعي واستثماراتها المستمرة في التقنيات الأساسية مثل الحوسبة الكمية “Quantum computing “ وWaymo.

تعمل Google على بناء تطبيقات تجعل الذكاء الاصطناعي مفيدًا للجميع حول العالم، مع وصول سبعة منتجات إلى أكثر من 2 مليار مستخدم – مثل خرائط Google وبحث Google وAndroid المدعمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في Google وأحدث نماذج Gemini.

فيما يلي أهم النقاط المتداولة في اللقاء:

· “ستصبح تقنيّات الذكاء الاصطناعي متاحة على نطاق واسع، وستكون في متناول الجميع، مما سيحدث تأثيرًا كبيراً على العالم كلّه.”

· “تشهد الحوسبة الكمية تقدّمًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، وفي السنوات الخمس إلى العشر القادمة، ستتوفّر حواسيب كمية ذات فائدة عملية ملموسة.”

· “نحن نعمل لأجل توفير المعلومات للناس من حول العالم، وسنواصل تحقيق نمو قوي في محرك البحث.”

· “من أجل النجاح في هذا المجال التقني، كان لمؤسسي الشركة رؤية طموحة للغاية، ومن الضروري الاستمرار بترسيخ ثقافة التفاؤل والفضول في الشركة.”

· “في 2015، عندما عُيّنت الرئيس التنفيذي، صرّحنا أن الشركة ستكون قائمة على الذكاء الاصطناعي أولًا، وقررنا اتباع نهج متكامل في هذا المجال. بدأنا في بناء وحدات معالجة Tensor الخاصة بنا في عام 2017. فعندما تراهن على تقنيات طويلة الأمد مثل Waymo، والحوسبة الكمية، فأنت تعلم وتؤمن بأنها ستنجح في النهاية. فمن البداية ، عليك تبني رؤية طويلة المدى دون تردد. أما على مستوى التطبيقات، فمن الطبيعي أن تحقق النجاحات، بينما قد لا تنجح بعض المحاولات الأخرى. التحدي يكمن في معرفة متى ستواصل الدفع إلى الأمام ومتى ستدرك أن النهج بحاجة تعديل. ومن الممكن ألّا ننجح من المحاولة الأولى، ولكن عملية التعلم المستمرة ضرورية، فهي ما يُبقي التجدد في الشركة، ويدفعها إلى الابتكار باستمرار.”

·”حاليًا، أكرس جزءًا كبيرًا من وقتي للذكاء الاصطناعي. فإن سرعة التقدم ومدى تأثير هذه التقنية مذهلان، ونادرًا ما شهدنا تطورًا يحدث بهذه الوتيرة السريعة.”

أدناه النص الكامل للجلسة الحوارية الافتراضية (السؤال: معالي عمر العلماء، الإجابة: سوندار بيتشاي):

س: سوندار، هل يمكنك رؤيتي؟

ج: نعم، معاليكم، سعدت برؤيتكم مجددًا. سعيد بوجودي هنا، وأشكركم على الاستضافة.

س: شكرًا جزيلًا لانضمامك إلينا. كنا نود أن تكون معنا شخصيًا، لكن التكنولوجيا تتيح لنا إجراء هذا الحوار من أي مكان في العالم.

ج: لقد قمتم مؤخرًا باستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال مركز بيانات كبير في فرنسا. تهانينا!

س: شكرًا جزيلاً.

ج: أنا حاليًا في فرنسا، وسعيد بإجراء هذا الحوار معكم.

س: سنبدأ أولًا بالحديث عن التقنيات الرائدة التي كانت Google في طليعتها، ثم سنتحدث عن الشركة، والثقافة، والدروس المستفادة للحكومات، ثم نختم ببعض الأسئلة الشخصية عنك. هل تتطلع إلى ذلك؟

ج: بالتأكيد، أتطلع إلى ذلك.

س: لفترة طويلة، عند الحديث عن أي ثورة تقنية، كان يُقال إننا شهدنا لحظة AlphaGo. أما اليوم، فالحديث يتركز على DeepSeek والإنجاز الذي حققه. ما رأيك في هذا التطور؟ وما هي الدروس المستفادة منه؟ وما الذي ينبغي على الحكومات الانتباه إليه فيما يتعلق بهذه التقنية؟
ج: أعتقد أن فريق DeepSeek قام بعمل رائع للغاية. لكن بالنسبة لي، الدرس الأهم هو إدراك مدى سرعة تطور الذكاء الاصطناعي. فهذا المجال يشهد تقدمًا سريعًا في العالم، ونحن نعيش لحظة تحول استثنائية. يمكننا رؤية تطور نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة في مختلف الأماكن. ما جذب انتباه الناس إلى DeepSeek، هو كونه نموذجًا فعالًا مفتوح المصدر، مما أتاح للجميع الوصول إليه بسهولة وتحمّس لتجربته الكثيرون.

لكن كما تعلم، نحن نركز على هذا المجال بشكل كبير أيضًا. لطالما أدركنا أن النماذج التي نقدمها للناس يجب أن تكون عالية الكفاءة، وهذا ما حققناه مع نماذج Gemini Flash، التي تتميز بكفاءة عالية جدًا. سيصبح الذكاء متاحًا على نطاق واسع، وستكون هذه التكنولوجيا في متناول الجميع، مما سيحدث تأثيرًا كبيراً على العالم. وأعتقد أن ما قدمته DeepSeek يؤكد هذه الحقيقة بقوة.

س: قبل بضعة أشهر، شهدتم لحظة مماثلة عندما حققتم تقدمًا مذهلًا في تقنية الحوسبة الكمية، ما أثبت للعالم أنها أقرب إلى الواقع اليوم أكثر من أي وقت مضى. ما الذي يجب أن تركز عليه الحكومات في هذا المجال؟ هل ينبغي لنا البدء في مناقشة تنظيم الحوسبة الكمية في هذه المرحلة؟ هل تتوقع أن تصبح هذه التقنية قابلة للتطبيق خلال عام، أو خلال خمس أو عشر سنوات؟ ما الذي يحمّسك بشأنها، وما الجوانب التي تستدعي القلق؟

ج: يشهد قطاع الحوسبة الكمية نموًا سريعًا جدًا. لقد ركزنا على هذا المجال لفترة طويلة، وأعتقد أن جهودنا تعد الأكثر تطورًا على مستوى العالم. في أحدث تقدم حققناه، تمكنا من إجراء عملية حسابية في غضون 5 دقائق، وهي عملية كانت تستغرق أحد أسرع الحواسيب الفائقة في العالم أكثر من 10 سبتيليون عام لإنجازها. والأهم من ذلك، أن هذا الإنجاز يثبت قدرتنا على معالجة وتصحيح الأخطاء، مما يفتح المجال لبناء حواسيب كمية واسعة النطاق وقادرة على معالجة الأخطاء.

بالنسبة لي، هذه اللحظة في الحوسبة الكمية تذكرني ببداية الذكاء الاصطناعي في العقد الأول من الألفية الجديدة. وأعتقد أننا خلال فترة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، سنشهد أول الحواسيب الكمية القابلة للاستخدام العملي. أما فيما يتعلق بما يمكن أن تفعله الحكومات، أرى أن الوقت لم يحن بعد لتنظيم هذه التقنية وفي نفس الوقت ، من الضروري فهمها بعمق والبدء بالاستعداد لها.

أولى المجالات التي ينبغي التركيز عليها هي التشفير، حيث سيكون له دور محوري في الأمن السيبراني في عصر الحوسبة الكمية. غير ذلك، ينبغي التفكير في كيفية إنشاء مراكز بحثية متخصصة في الحوسبة الكمية لإجراء أبحاث رائدة في هذا المجال خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، كما هو الحال مع الذكاء الاصطناعي

س: سيستغرق الحاسوب العادي مليارات السنين لتحديد ما إذا كانت الإجابة صحيحة. كيف تتأكدون من صحة الإجابة؟ ماذا لو كانت مجرد رقم عشوائي لا معنى له؟

ج: لدينا تقنيات للتحقق من صحة النتائج، وهي تختلف عن الوقت الذي تستغرقه العملية الحسابية نفسها. هذه الأساليب تمكننا من التأكد من دقة النتائج من خلال تقنيات التحقق المتقدمة.

س: دعني أتطرق إلى مجال آخر، أنتم نشطون فيه بشكل كبير، وهو الذكاء الاصطناعي. معظم الناس لا يدركون ذلك، لكن هناك حوالي 8.5 مليار عملية بحث تُجرى يوميًا، وحوالي 49% من حركة الإنترنت الشهرية تمر عبر Google. هناك حديث عن انتقال المستخدمين إلى ChatGPT أو منصات بحث أخرى. هل ترى أن هذا قد يؤثر على Google بأي شكل من الأشكال؟ أم أن معدل النمو لا يزال يفوق أي انخفاض محتمل بسبب هذه المنصات؟

ج: بشكل عام، نحن في مجال توفير المعلومات للناس، واحتياجاتهم المعلوماتية تنمو بشكل متسارع. لذلك، لا أرى الأمر كمنافسة مباشرة.على العكس، نحن نواصل تحقيق نمو قوي في بحث Google. وطوّرنا مؤخرًا تقنية البحث بشكل جوهري عبر الذكاء الاصطناعي التوليدي، ووجدنا تفاعلًا أكبر من المستخدمين مما على جميع الفئات.

من منظور طويل المدى، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يوسّع نطاق الفرص لجميع العاملين في هذا المجال. مع الإمكانيات المتزايدة لهذه التقنيات، لن يقتصر دورها على الإجابة عن الأسئلة فحسب، بل ستساعد المستخدمين أيضًا في إنجاز المهام. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل الأفراد أكثر إنتاجية عبر مجالات متعددة.

نظراً لاتساع المشهد التكنولوجي، أنا على يقين بأننا سنستمر في لعب دور رائد في هذا المجال، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك آخرون يحققون النجاح أيضًا. تمامًا كما حدث مع الإنترنت، لم يكن هناك لاعب واحد فقط، وأرى أن الذكاء الاصطناعي سيتبع النهج نفسه.

س: عندما ننظر إلى Google ، تجد أن الذكاء الاصطناعي يمتد عبر مختلف منتجاتها. دعنا نتحدث للحظة عن السيارات ذاتية القيادة. لماذا لا نرى المزيد من تطبيقات Waymo في دول مختلفة؟ وما الذي يمكننا فعله لضمان تقريب هذا المستقبل بدلاً من تأجيله؟

ج: أنا متحمس بشأن Waymo منذ فترة طويلة، وأعتقد أننا حققنا تقدمًا كبيرًا خلال السنة الماضية. بالطبع تركيزنا الأساسي هو الأمان حيث نسعى إلى تطوير نظام قيادة آمن وموثوق، ولقد حققنا بالفعل تقدمًا واضحًا في هذا المجال. بفضل العمل الذي قمنا به في الذكاء الاصطناعي على مدى السنوات الماضية، تجاوزنا حوالي 33 مليون ميل من القيادة الفعلية، وسجلت Waymo حوادث إصابات أقل بنسبة 78% مقارنة بالسائقين البشر. في العام الماضي، قدمنا أكثر من 4 ملايين رحلة ركاب، ونقوم حاليًا بمعالجة أكثر من 150,000 رحلة مدفوعة أسبوعيًا في الولايات المتحدة، عبر سان فرانسيسكو، فينيكس، ولوس أنجلوس. نحن الآن في طور التوسع، وهدفنا هو إطلاق الخدمة في 10 مدن جديدة بحلول عام 2025، مع إجراء أول تجربة دولية في اليابان، ونرغب أيضًا في التعاون مع دول مبتكرة أخرى. نحن في لحظة حاسمة، بعد أن أثبتت التقنية فعاليتها، يبقى التحدي في توسيع نطاقها من خلال التعاون مع الجهات التنظيمية والدول حول العالم.

س: لنضع الإمارات على هذه الخريطة ونضمها إلى خطتكم.
ج: أتطلع إلى ذلك.

س: مع تحقيق تقدم تقني مثل السيارات ذاتية القيادة، يتم إنشاء وظائف جديدة، رغم أنه قد يتم الاستغناء عن بعض الوظائف التقليدية. ما أنواع الوظائف التي سيتم إنشاؤها مع هذه التحولات؟ هل تتوقع أن تظهر منصات جديدة من هذه الخدمات؟ هل لديك رؤية لما سيحدث؟

ج: لدي ملاحظتان في هذا الشأن. أولاً، هناك دراسة حديثة لخبير الاقتصاد في معهد MIT ديفيد أوتور، أظهرت أنه منذ عام 1940، 60% من الوظائف الجديدة لم تكن موجودة من قبل. تخيل معي أنّ بعد خمس سنوات من ظهور الإنترنت في عام 2000، لم يكن أحد يتوقع وظيفة مثل صانع محتوى على YouTube، واليوم هناك ملايين من المبدعين.

لا شك في أن عصر الذكاء الاصطناعي سينشئ العديد من الفرص الجديدة ، مثلما فعل الإنترنت. فمع مرور الوقت ستصبح التجارب البشرية والتفاعل البشري أكثر قيمة. على سبيل المثال، لا تزال لعبة الشطرنج أكثر شعبية من أي وقت مضى، على الرغم من تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر فيها. التقنية ستصبح منتشرة على نطاق واسع، وستحسن الإنتاجية، لكنها أيضًا ستؤدي إلى تحولات جذرية وإنشاء أنواع جديدة تمامًا من الوظائف. عندما أنظر إلى أحدث نماذج إنشاء الفيديو التي نعمل عليها، سنرى عددًا أكبر من الأشخاص قادرين على إنتاج محتوى بجودة عالية أكثر من أي وقت مضى.

س: دعنا ننتقل للحديث عن الشركة نفسها. ما الذي يجعل ثقافة العمل فيGoogle فريدة من نوعها؟ هل هناك نهج معين تتبعونه لتحفيز الموظفين؟ كيف تعمل هذه المنظومة؟

ج: أعتقد أنها مزيج من عدة عوامل. فلقد وضع مؤسسو الشركة إطارًا طموحًا للغاية. كنا نقول دائمًا إننا بحاجة إلى تحدي المستحيل، لطالما اعتقدنا أنه عندما تشجع الناس على العمل على مشاريع طموحة للغاية، سيبقى هناكالعديد من الفوائد حتى لو لم تنجح في النهاية. أولًا، ستكون المنافسة محدودة للغاية، كما هو الحال معWaymo أو الحوسبة الكمية أو الذكاء الاصطناعي. ثانيًا، ستتمكن من استقطاب أفضل الكفاءات. ثالثاً، حتى لو لم تحقق الهدف النهائي، فإن أي إنجاز تحققه في هذه الرحلة سيكون ذو قيمة كبيرة.

يجب أن تكون هناك ثقافة قائمة على التفاؤل والفضول، وأن تشجع على المخاطرة، مع عدم معاقبة الفشل. هذه العقلية كانت دائمًا جزءًا من نهجنا، على سبيل المثال، قبل عامين فقط أنشأنا مجموعة مختبرات للسماح للفرق الصغيرة بتجربة أفكار جديدة بسرعة، ومن خلالها أطلقنا منتجًا مثل NotebookLM، الذي حظي بشعبية كبيرة. فعليك دائمًا أن تواصل الابتكار من الأساس.

س: أنتم تتعاملون مع الأمور بعقلية علمية. لاحظت أن Google أنهت حوالي 296 مشروعًا في السنوات القليلة الماضية. ما أدهشني هو أنكم لا تزالون تبتكرون وتواصلون التطوير. كيف تحددون مدى استمراريّة مشروع ما ومتى تتوقفون عن تطويره؟ ما الذي يجعلكم تقولون: “حسنًا، لقد جربنا ذلك، حان الوقت لإيقافه والتركيز على شيء آخر”؟

ج: هناك نوعان من هذه القرارات. الأول هو على مستوى التكنولوجيا الأساسية، حيث تقوم بالمراهنة على تقنيات طويلة الأمد.في 2015، عندما عُيّنت كالرئيس التنفيذي، صرحنا أن الشركة ستكون قائمة على الذكاء الاصطناعي أولًا، وقررنا اتباع نهج متكامل في هذا المجال. بدأنا بناء وحدات معالجة Tensor الخاصة بنا في عام 2017. فعندما تقوم بهذه الرهانات التقنية طويلة الأمد مثل الذكاء الاصطناعي، Waymo، أو الحوسبة الكمية، فأنت تعلم وتؤمن بأنها ستنجح في النهاية. فمن البداية ، عليك تبني رؤية طويلة الأجل دون تردد.

أما على مستوى التطبيقات، فأنت محق. عندما تحاول بناء منتجات، سيكون لديك بعض النجاحات، ولكن أيضًا بعض الأمور التي قد لا تعمل بالمستوى المطلوب. هناك قرار يتمثل في مدى الاستمرارية، وحين تدرك أن المشروع لا يحقق الزخم المطلوب، أو أن نهجك غير صحيح، وتحتاج إلى تعديله. لا نحصل دائمًا على الأمور بشكل صحيح، ولكن من المهم المرور بهذه العملية والاستفادة من التجربة. هذا ما يبقي الشركة مبتكرة دائمًا، ويدفعها للاستمرار في تجربة أشياء جديدة.

س: هل تشجعون الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي؟ هل لديكم برامج تدريبية لمساعدتهم على استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ هل هذا شيء تشجّعون استخدامه، أم أنكم تترقبون لمعرفة تأثيره على الموظفين وثقافة العمل في Google؟

ج: نحن في Google لدينا مفهوم داخلي يُسمى “تجربة منتجاتنا داخليًا” (dogfooding)، والذي يعني أننا نستخدم تقنياتنا الخاصة أولًا. نحن نريد حقًا أن يتبنى الناس تقنياتنا وأن يكونوا في الطليعة.

هناك مثالان أود ذكرهما. الأول هو أننا نحاول بالفعل مساعدة المهندسين على البرمجة باستخدام الذكاء الاصطناعي. لقد أحرزنا تقدمًا كبيرًا بالفعل في توفير أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقترح على المهندسين رموزاً برمجية أثناء كتابتهم للرمز. في الواقع،25% من جميع الرموز البرمجية التي تتم كتابتها الآن تتضمن اقتراحات الذكاء الاصطناعي التي يقبلها المهندسون. والآن، لدينا مشاريع أصغر تدفع بهذه الفكرة إلى المستوى التالي، مثل إعطاء الذكاء الاصطناعي مهامًا يمكنه تنفيذها، مما يسمح للفرق بالتركيز على مهام أكثر تعقيدًا بشكل مستقل.

المثال الثاني هو أننا نستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين العديد من العمليات التجارية والوظائف في Google. نحن نبحث في كيفية جعل العمليات أكثر كفاءة باستخدام الذكاء الاصطناعي بعمق. على سبيل المثال، كيف يمكننا تحسين خدمات العملاء بطريقة أكثر ذكاءً وبشكل كامل لجعلها أكثر سلاسة؟

للإجابة على سؤالك، نعم، نحن نشجع بشكل كبير استخدام الذكاء الاصطناعي ونتابعه عن كثب، وعندما نجد حلولًا ناجحة، نقدمها لشركائنا في Google Cloud ليتمكنوا من استخدامها في شركاتهم أيضًا.

س: أود الآن الانتقال إلى بعض الأسئلة الشخصية حول مسيرتك المهنية، إذا لم تمانع. برأيك، ما السر الذي مكّنك من الانتقال من قرية صغيرة في الهند لتصبح قائدًا لإحدى أكبر الشركات في العالم؟

ج: أعتقد أنني كنت محظوظًا إلى حد ما. لقد انتظرت طويلًا للوصول إلى التكنولوجيا، لذلك عندما حصلت عليها، كانت كل لحظة مليئة بالإلهام والتأثير. رأيت بنفسي كيف غيّرت التكنولوجيا حياتي وحياة من حولي. لذلك، شعرت دائمًا بشغف قوي لإتاحة التكنولوجيا لأكبر عدد ممكن من الأشخاص. ربما في بعض النواحي، كان لديّ مهمة شخصية لتحقيق ذلك.

كنت محظوظًا لأنني وجدت شركة مثل Google.عندما قرأت رسالة Google التي تقول إن هدفها هو جعل المعلومات متاحة عالميًا، شعرت بالشغف للانضمام إليها.

الجزء الأساسي هو إيجاد شيء يلهمك شخصيًا. أما الجزء الآخر، فهو تحدي نفسك للعمل مع أشخاص أكثر كفاءة منك. عندما تحيط نفسك بأشخاص تعتقد أنهم أكثر ذكاءً أو خبرة، فإنك تنمو وتتعلم منهم.

لقد سعيت دائمًا للقيام بذلك على مدار السنوات الماضية. لذا، أنصح الجميع، بإيجاد شيء أقرب لشغفهم، فهذا أفضل ما يمكنهم العمل عليه.

س: ما أكثر ما يشغلك حاليًا؟

ج: في الوقت الحالي، أكرس جزءًا كبيرًا من وقتي للعمل على تقنيات الذكاء الاصطناعي، نظراً إلى التقدم الذي نشهده ومدى تأثير هذه التقنيات. لم يسبق لي أن رأيت تكنولوجيا تتطور بهذه الوتيرة السريعة. فإنني أركز على ضمان دفع عجلة التطوير في هذا المجال، وبناء تطبيقات قائمة على الذكاء الاصطناعي، مع التأكد من نشر التقنية بشكل مسؤول. فعلينا أن نكون جريئين في هذه المرحلة، ونواصل الابتكار، لكن بطريقة مسؤولة ومدروسة.

س: هل لديك أي مخاوف بشأن ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي ولم ننتبه إليه بعد؟ ما الذي تخشاه أكثر فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي؟ وما الذي تعتقد أن على المسؤولين الحكوميين التركيز عليه؟

ج: على الحكومات أن تركز على الفرص الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. فقد أظهرت الإمارات رؤية استباقية في هذا المجال. فلن تكون هناك أي تقنية أخرى تؤثر على الاقتصاد بقدر تأثير الذكاء الاصطناعي.

لذلك، من الضروري الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير مهارات القوى العاملة، وإتاحة البيانات في القطاع العام، والاستفادة من هذه البيانات لتطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي.

أما من ناحية المخاطر، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع لضمان استخدام هذه التقنية بشكل مسؤول. إن الذكاء الاصطناعي قوي للغاية، ويمكن أن يكون تكنولوجيا ذاتية التحسين والتطوير.

لذلك، يجب علينا تطوير القدرات لتقييم المخاطر، وتحليلها، واتخاذ الإجراءات المناسبة بمرور الوقت. لا بد أيضًا من وضع معايير عالمية واضحة لتنظيم الذكاء الاصطناعي.

س: ماذا يمكننا أن نفعل لمواجهة مشكلة التزييف العميق (Deep Fakes)؟

ج: نحن نعمل حاليًا على تطوير تقنيات متقدمة لمكافحة التزييف العميق. لدينا أداة تُسمى SynthID، والتي نقوم من خلالها بوضع علامات مائية على الصور التي يتم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي، كما أننا نوفر أدوات مفتوحة المصدر لاكتشاف المحتوى المزيف. يجب أن نتعاون مع شركات أخرى لوضع معايير موحدة لمكافحة هذه الظاهرة.

مع مرور الوقت، نريد أن نشجع الابتكار في الذكاء الاصطناعي، ولكن في بعض المجالات، من الضروري وضع إطار تنظيمي مناسب لضمان الاستخدام المسؤول.

س: لنفترض أنك استيقظت غدًا في مكاني، وأصبحت وزير الذكاء الاصطناعي. ما القرارات التي ستتخذها والتي لم يتم التركيز عليها حتى الآن؟ وما الذي تعتقد أنه سيكون له أكبر تأثير على دولة مثل الإمارات أو أي دولة أخرى؟

ج: سأعيد التأكيد على أربع محاور رئيسية يجب التركيز عليها:

1. دعم البنية التحتية

2. تمكين الكوادر

3. الاعتماد على البيانات

4. تشريعات متوازنة

أعتقد أن العديد من الناس يقللون من أهمية التحول في البنية التحتية المطلوب لدعم الذكاء الاصطناعي.

تطوير المهارات أمر بالغ الأهمية، حيث يتطلب استثمارًا كبيرًا في تدريب القوى العاملة وتجهيزها لمتطلبات المستقبل.

أحد التحديات الكبرى هو إقناع الحكومات بإتاحة بيانات (مفتوحة المصدر) حيث يمكن توظيفها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وبهذا تكون قد استفدت من فرصة ضخمة وأصبحت من الدول الرائدة في هذا المجال.

أخيرًا، لا بد من إيجاد توازن دقيق في القوانين والتشريعات لضمان تشجيع الابتكار مع وضع ضوابط واضحة.

ولكن الأهم من كل ذلك، هو تبني الشغف في هذه المرحلة وتشجيع الابتكار، لأن التكنولوجيا تتقدم بسرعة غير مسبوقة، ومن الضروري الاستعداد لها دون تردد.

س: شكرًا جزيلًا لك على وقتك. كان حديثًا رائعًا، ونقدّر أنك أجبت على جميع الأسئلة. نتمنى لك التوفيق في فرنسا، ونأمل أن نراك هنا العام القادم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى