الشارقة – الوحدة:
نقل المصور العالمي جوناثان سكوت وزوجته آنجيلا سكوت جمهور المهرجان الدولي للتصوير “اكسبوجر 2025” إلى قلب براري إفريقيا، حيث قدّما عرضاً مشوّقاً عن واحدة من أعظم الظواهر الطبيعية في العالم، وهي هجرة النو الكبرى بين كينيا وتنزانيا.
جاء ذلك خلال حديثهما على منصة “X” ضمن فعاليات المهرجان المقام في منطقة الجادة حتى 26 فبراير الجاري تحت شعار “لا شيء أكبر من الصورة”، حيث أكد الثنائي أهمية الحفاظ على النظم البيئية والتكاتف لحماية الحياة البرية من التهديدات المتزايدة.
رحلة عبر نظام بيئي فريد
استهل جوناثان حديثه بالإشارة إلى التحديات البيئية التي تواجه نظام مارا-سيرينغيتي، وهو أحد أهم النظم البيئية العابرة للحدود، حيث يمتد على مساحة 25,000 كيلومتر مربع بين تنزانيا وكينيا، ويشهد سنوياً هجرة ضخمة لملايين الحيوانات البرية بحثاً عن المراعي والمياه.
عبور ملحمي في مواجهة الأخطار.
وعرضت آنجيلا سكوت مقطعاً يوثّق هذه الهجرات الموسمية، فيما علّق جوناثان قائلاً: “ما يجعل هذه الهجرة استثنائية هو أن أبقار النو لا تملك القدرة على الطيران كما تفعل الطيور والفراشات، بل تقطع رحلتها الطويلة سيراً على الأقدام، في مشهد يختزل الصراع من أجل البقاء”.
وأضاف: “عند وصولها إلى نهر مارا، تواجه هذه الحيوانات تحدياً صعباً، حيث تدفعها الأعداد الكبيرة إلى العبور قسراً، في مشهد يُعد من أعظم عروض الحياة البرية، لكنه يأتي بثمنٍ باهظ، إذ تسقط مئات الحيوانات ضحية التدافع أو الغرق أو افتراس التماسيح”.
شغف بالتصوير.. وحياة في البراري
استعرض جوناثان مجموعة من صوره الفريدة التي التقطها خلال رحلاته في إفريقيا، مستعيداً بداياته مع التصوير قائلاً: “عندما كنت طفلاً في إنجلترا، كنت مفتوناً بصور الحياة البرية، وأيقنت أن عليّ الذهاب إلى إفريقيا. في عام 1974، انطلقت في رحلة برية من لندن إلى جوهانسبرغ استغرقت أربعة أشهر وقطعت خلالها 6000 ميل، ومنذ ذلك الحين لم أعد إلى بلادي، بل اخترت البقاء هنا حيث وُلد شغفي الحقيقي”.
التحديات والمخاطر.. والحياة داخل القطيع
تطرق سكوت إلى المخاطر التي تواجه النو في رحلته السنوية، موضحاً أن بقاؤه يعتمد على العيش ضمن القطيع، حيث يمنحه ذلك قدراً من الحماية ضد الحيوانات المفترسة. لكنه استدرك قائلاً: “هذا لا يعني أن الخطر ينعدم، فبينما يتحرك القطيع، تترقّب الأسود لحظة الانقضاض، فتتحول الرحلة إلى معركة يومية من أجل البقاء”. كما أشار إلى دور النسور التي تراقب الهجرة من السماء، مستغلة الفرصة للانقضاض على الجثث التي تتركها الرحلة وراءها.
ظاهرة الولادة الجماعية
من بين أكثر المشاهد التي شاركها سكوت إثارةً كانت صور “الولادة الجماعية”، وهي ظاهرة تحدث عند بداية مايو، حيث تولد نحو 500,000 من عجول النو خلال فترة قصيرة، وتتمكّن من الوقوف على أقدامها خلال خمس دقائق فقط، لتنضم مباشرةً إلى القطيع في رحلته المستمرة.
التهديدات البشرية وخطر الاندثار.
اختتم جوناثان حديثه بالتنبيه إلى المخاطر التي تهدد هذه الظاهرة الطبيعية، مشيراً إلى أن “تجارة لحوم النو تؤدي إلى فقدان نحو 100,000 رأس سنوياً، أي ما يعادل 10% من إجمالي القطيع، مما يهدد استمرارية واحدة من أهم الهجرات البرية في العالم”.
وأضاف: “هذه الهجرة ليست مجرد مشهد مذهل، بل هي جزء أساسي من التوازن البيئي في شرق إفريقيا، والحفاظ عليها مسؤولية جماعية”.