مال وأعمال

احتمالات التصعيد في الشرق الأوسط تسهم في ارتفاع أسعار النفط

بقلم : أولي هانسن / رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك

شهدت أسعار النفط تراجعاً حاداً في مطلع أبريل، أعقبه استقرار نسبي لخام غرب تكساس الوسيط (WTI) وخام برنت ضمن نطاقات تداول متقلبة تبلغ نحو 10 دولارات للبرميل. فقد تراوح خام غرب تكساس بين 55 و65 دولار، بينما تحرك خام برنت بين 58.50 و68.50 دولار. ويستمر المزاج العام في السوق بالتأرجح بين المخاوف من وفرة المعروض العالمي والقلق من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تصاعد التوترات التجارية العالمية.
في الآونة الأخيرة، عاد تركيز المتداولين إلى منطقة الشرق الأوسط. فقد أدت التكهّنات حول مسار المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى زيادة تقلبات السوق، إذ أن نجاح هذه المفاوضات قد يمهد الطريق لعودة المزيد من النفط الإيراني إلى السوق، مما يزيد الضغوط على الأسعار في ظل تخمة المعروض.
لكن هذه النظرة المتشائمة تراجعت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بعد أن صرح المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي برفضه لأي مفاوضات “جادة” مع واشنطن، واصفاً مطالبها – لا سيما وقف تخصيب اليورانيوم – بأنها “وقحة”. أعقب ذلك تقرير لشبكة “سي إن إن” نقلاً عن معلومات استخباراتية أميركية يشير إلى أن إسرائيل قد تكون في صدد تنفيذ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وسرعان ما ارتفعت أسعار الخام دولار واحد للبرميل في تعاملات الليل، في إشارة إلى أن أي صراع عسكري مع إيران قد يُفشل المحادثات النووية ويثير المخاوف بشأن الإمدادات القادمة من الخليج العربي، الذي يمثل نحو ثلث صادرات النفط العالمية.
ومع ذلك، تُظهر التجربة التاريخية أن علاوات المخاطر الجيوسياسية غالباً ما تفشل في ترسيخ نفسها في الأسواق. ففي حالات التوتر السابقة، توصل المتداولون إلى أن المخاطر الفعلية على الإمدادات تبقى محدودة. وتشير تقديرات “غولدمان ساكس” إلى أن تعطل مليون برميل يومياً قد يرفع الأسعار بأكثر من خمسة دولارات في البداية، لكن هذا الأثر قد لا يدوم طويلاً نظراً لوجود طاقات إنتاجية احتياطية كبيرة لدى دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً السعودية، إلى جانب تراجع الطلب العالمي بشكل عام.
منذ سبتمبر 2022، حين بلغ إنتاج “أوبك” ذروته عند 30 مليون برميل يومياً، خفضت المنظمة إنتاجها بحوالي 2.7 مليون برميل يومياً بهدف إدارة السوق والحفاظ على استقرار الأسعار، ما أدى إلى فقدان حصة سوقية لصالح المنتجين من خارج “أوبك+” الذين استفادوا من الأسعار المرتفعة والثابتة. لكن إيران – المستثناة من الالتزام بالحصص بسبب العقوبات الأميركية – تمكنت من زيادة إنتاجها بنحو 900 ألف برميل يومياً، لترتفع حصتها من سوق “أوبك” من 8.3% إلى أكثر من 12% في الشهر الماضي.

وفي تقريرها الشهري الأخير، حذرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال حدوث فائض في المعروض النفطي خلال عامي 2025 و2026، مدفوعاً بنمو المعروض – بما في ذلك زيادات الإنتاج المعلنة من ثمانية أعضاء في “أوبك+” بقيادة السعودية – إلى جانب ضعف الطلب المتوقع نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، والذي تفاقم بفعل السياسات التجارية الحمائية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبناءً على هذه المعطيات، تبدو احتمالات استمرار ارتفاع الأسعار بشكل مستدام محدودة. إذ من المرجح أن تشكل مستويات المقاومة الفنية عند 65 دولار لخام غرب تكساس و69 دولار لخام برنت سقفاً للارتفاعات في الأجل القريب. وحتى في سيناريو متشائم يتضمن توقف الصادرات الإيرانية، فإن أي قفزة في الأسعار ستقابلها على الأرجح موجة بيع من قبل المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة الساعين لتأمين أرباح مستقبلية عبر التحوط، ما يحدّ من الزخم الصعودي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى