مال وأعمال

الشرق الأوسط يطلق العنان لاستثمارات رياضية بمليارات الدولارات

● من المتوقع أن يتخطى حجم سوق الرياضة العالمية حاجز الـ 600 مليار دولار بحلول عام 2030م، مع دورٍ أساسي للشرق الأوسط في هذا النمو

● تدفع السعودية عجلة النمو في المنطقة من خلال استضافة فعاليات ضخمة، وتنفيذ مشاريع خصخصة، إلى جانب ضخ استثمارات تصل إلى 38 مليار دولار لتعزيز قطاع الرياضات الإلكترونية

● تقود كل من الإمارات وقطر والبحرين الجهود لِإحداث تأثيرٍ ملموسٍ من خلال استضافة فعاليات عالمية بارزة، واستقطاب مواهب ذات كفاءات عالية، فضلاً عن تطوير بنيتها التحتية

دبي – الوحدة:

تشهد منطقة الشرق الأوسط نموًا متسارعًا كأحد أبرز اللاعبين تأثيرًا في المشهد الرياضي العالمي، جاء ذلك وفقًا لتقريرٍ حديثٍ أصدرته شركة الاستشارات الإدارية “كيرني”، والذي يحمل عنوان: “من الشغف إلى زيادة الإيرادات: إطلاق الإمكانات في الرياضة”. وفي ظل النمو السريع والمستدام الذي تشهده مختلف قطاعاتها الرئيسية، تبرز المنطقة كلاعب رئيسي في قطاع الرياضة العالمي، مدفوعةً بزخم الابتكار والاستثمارات التي تعيد صياغة مستقبل هذا القطاع الحيوي.

ومع توقعات بوصول حجم سوق الرياضة العالمي إلى أكثر من 600 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030م، تقود المنطقة تحولًا نوعيًا مدفوعًا بالاستثمارات الاستراتيجية، والسياسات الاستشرافية، والابتكارات التكنولوجية. وتبرز المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، كنموذج عالمي رائد؛ إذ تجمع بين استضافة فعاليات عالمية، وتنفيذ إصلاحات منهجية، إلى جانب تطويرٍ شاملٍ للقطاع الرياضي.

ويظهر هذا الزخم جليًا في مجالات متعددة. فعلى الساحة العالمية، عززت المنطقة مكانتها كوجهة رائدة لاستضافة الأحداث الكبرى؛ بدءًا من كأس العالم في قطر وسباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1، وصولًا إلى بطولات دبي للتنس، وقريبًا دورة الألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية في السعودية. ولا تُعد هذه الفعاليات مجرد عروض رياضية بارزة فحسب، بل تتخطاها لتصبح جزءًا من جهود استراتيجية مدروسة تهدف إلى ترسيخ مكانة المنطقة في قلب الأجندة الرياضية العالمية.

وفي الكواليس، يتنامى الاستثمار في البنية التحتية بوتيرةٍ متسارعة؛ إذ تخصص العديد من حكومات الشرق الأوسط مليارات الدولارات لتشييد منشآت رياضية حديثة، وأكاديميات تدريب متطورة، ومنصات رقمية متكاملة. وفي إطار رؤية 2030م، خصصت المملكة العربية السعودية ميزانيات ضخمة لتطوير بنيتها التحتية الرياضية، في حين تواصل كل من الإمارات وقطر تطوير منظومتهما للرياضات عالية الأداء واستقطاب المواهب العالمية. وتستعد دبي بعد إعلان سمو الشيخ حمدان بن محمد، ولي عهد دبي، لاستضافة القمة العالمية للرياضة في ديسمبر 2025م، ما يسهم في تعزيز التأثير المتنامي للمنطقة على الساحة الرياضية العالمية.

كما تدفع المنطقة بقوةٍ نحو القطاعات الرقمية الأصلية، ولا سيما مع ظهور الرياضات الإلكترونية كمحور أساسي لهذا الاتجاه. وتُجسد استثمارات المملكة العربية السعودية، التي تبلغ 38 مليار دولار، طموحها لتصبح وجهة عالمية رائدة في مجال الألعاب، ضمن جهود إقليمية أوسع تهدف إلى استقطاب الفئات الشابة من خلال البث المباشر، والمحتوى التفاعلي الغامر، ومنصات الألعاب التنافسية. وينعكس هذا التركيز على الشباب من خلال تنفيذ استراتيجيات أوسع تهدف إلى تعزيز مشاركة الجماهير وزيادة تفاعلهم في مختلف أنحاء المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب المشاركات الرياضية النسائية دورًا محوريًا في دفع عجلة النمو؛ حيث أسهمت الدوريات الاحترافية الجديدة لكرة القدم للسيدات في كل من الإمارات، وقطر، والسعودية في توسيع نطاق مشاركة المرأة وزيادة ظهورها الرياضي، بينما تعمل المبادرات المجتمعية والمدرسية على تعزيز مستويات أعلى من الشمولية. ففي السعودية وحدها، شهدت المشاركة الرياضية النسائية نموًا لافتًا بزيادة بلغت 150% منذ إطلاق رؤية 2030م، مما يعكس مدى تجذّر الرياضة في النسيج الاجتماعي للمنطقة.

ويُسلط تقرير “كيرني” الضوء على خمس محركات نمو رئيسية يمكن للمؤسسات الاستفادة منها لتعزيز نموها المستقبلي، جاءت على النحو التالي:

التفوق التجاري: زيادة الإيرادات من حقوق الوسائط الإعلامية، وعقود الرعاية، وعائدات المباريات، والمبيعات، واستثمار المواهب.

تعزيز تفاعل الجماهير وتوظيف تحليل البيانات: توظيف البيانات لفهم سلوك الجماهير، وتقديم محتوى مخصص، وتعزيز ولاء الجماهير وزيادة الإنفاق.

تطوير المنصات: إنشاء أو التعاون مع منصات بث ومنصات رقمية لتقديم تجارب للجماهير أكثر جاذبية وتحقيقًا للإيرادات.

تعزيز الابتكار المدفوع بالتكنولوجيا: استخدام التكنولوجيا في مجالات الإعلان، وبيع التذاكر، والمحتوى، وتحسين الأداء، بهدف إيجاد تدفقات إيرادات جديدة وتحقيق كفاءات أعلى.

زيادة الكفاءة التشغيلية: تبني أفضل الممارسات في مجال الأعمال لخفض التكاليف، وتسهيل العمليات التشغيلية، وتطوير الهياكل المهنية.

وفي هذا السياق، أشار محمد هاشم، الشريك ورئيس قطاع الرياضة في كيرني الشرق الأوسط وأفريقيا، إلى أن ما يميز منطقة الشرق الأوسط هو تبنيها لنهج استشرافي، حيث تتجاوز القيود التقليدية وتدفع عجلة الابتكار قدمًا على نطاق واسع. ويتجلى ذلك بوضوح بدءًا من المسار الرياضي في الرياض، ومرورًا بالبنية التحتية المتكاملة لكأس العالم في قطر، وصولًا إلى منظومة الإمارات المتطورة في مجال المنصات الرقمية المخصصة للجماهير. وأضاف قائلاً: “بدلاً من مجرد استنساخ النماذج الغربية، تسعى دول المنطقة جاهدةً إلى اختبار وتجريب أطر عمل جديدة تتماشى فيها الرياضة مع طموحاتها الاقتصادية والمجتمعية الأوسع.”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جريدة الوحدة