بعد سيرة أقري إلى الملحمة، استطاع جلال حامي الدين، شاب مغربي كفيف، من أبناء مدينة الدار البيضاء، أن يجد لنفسه مكانا ويكون فاعلا وسط مجتمعه، رغم الصعوبات التي يشكو منها أصحاب الهمم في المغرب.
ومن عمق النفق المظلم خاض الشاب الأربعيني، معركته الخاصة في الحياة، وشق لنفسه طريقا أوصله لبلوغ هدفه، لينطلق بعدها في نشر الأمل بين أشخاص يعانون ذات وضعه الصحي والاجتماعي.
وفي طريقه صوب الهدف واجه جلال عقبات وعراقيل جمة، بدأت منذ سن السادسة، عندما ترك منزل عائلته والتحق بمؤسسة داخلية، فكان سلاحه حينها في مواجهة الاكتئاب والعزلة والصعوبات، المثابرة لسنوات في طلب العلم، ليصبح طالب الأمس أستاذا اليوم، ومدربا في التنمية الذاتية.
ينحدر جلال من أسرة مكونة من 6 إخوة، 3 منهم فقدوا البصر منذ الولادة، أمر سهل تعامل الأسرة مع حالة جلال الأصغرهم سنا، غير أنه سرعان ما أضحت الأمور أكثر صعوبة حالما انتقل الطفل الكفيف إلى مؤسسة تعليمية داخلية في سن السادسة.
بغصة مغلفة بحزن، يحكي جلال في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” عن أيام طفولته: “نشأت في عائلة فقيرة وكان علي التعايش مع شيئين اثنين هما الإعاقة البصرية والمحيط الفقير، على الرغم من أن شقيقي الكفيفين، قد مهدا أمامي الطريق لاستكشاف عالم الإعاقة البصرية والتعايش معه”.
يضيف جلال: “خلال الطفولة كنت أشعر بأنني أكبر من سني بمراحل وكانت يداي بمثابة العينين اللتين أرى من خلالهما الأشياء عبر اللمس، وهو ما يستوعبه البعض، فيما كان آخرون يستغربون ولا يدركون علاقة اللمس بالنظر”.
التحاق جلال بمؤسسة داخلية لتعليم المكفوفين في سن السادسة من عمره، كان بالنسبة له نقطة تحول في حياته سرعان ما تحولت إلى كابوس، يقول “صدمت من القسوة التي كان يعاملني بها أحد الأستاذة دون بقية زملائي”.
معاملة الأستاذ القاسية كان لها وقع شديد على نفسية جلال الطفل، وجعلته يدخل في حالة اكتئاب وانعزال تام، فانقطع عن الدراسة لمدة سنة كاملة بسبب ذلك.
وبعد لململته لجراحه النفسية، يتذكر جلال أنه عاد إلى مقعد الدرس ومؤنسه في تلك الفترة داخل المؤسسة الداخلية كان هو المذياع، يقول جلال “بالنسبة لي هو بمثابة الصديق الذي تقاسمت معه لحظات الحزن والفرح، كما وسعت من خلاله معارفي بقضايا وموضوعات وطنية ودولية مختلفة وأثر بشكل إيجابي في شخصيتي”.