برلين-(د ب أ):
لا تريد التعود على هذا… هكذا لخص توماس مولر نجم بايرن ميونخ الألماني الأجواء الصعبة التي خيمت على عام 2020 في ظل أزمة تفشي الإصابات بفيروس كورونا.
والآن ، يترقب عشاق كرة القدم خاصة والرياضة بصفة عامة نهاية العام الحالي بعد أيام ليسدل الستار على واحد من أصعب الأعوام التي مرت على الرياضة بشكل خاص والعالم بشكل عام.
وقبل تفجر أزمة كورونا ، كان من المفترض أن يكون هذا العام بمثابة احتفالية رياضية كبيرة في ظل الأحداث الرياضية العديدة التي كانت مقررة خلاله وفي مقدمتها دورة الألعاب الأولمبية في العاصمة اليابانية طوكيو وبطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) .
ولكن الرياضة العالمية عانت الأمرين في هذا العام ، وأقيمت المباريات وسط مدرجات خاوية من الجماهير وخسرت الأندية والكيانات الرياضية المختلفة مبالغ مالية طائلة ظهرت آثارها في الشهور الماضية ، وينتظر أن تظهر لها مزيد من الآثار في الفترة المقبلة.
ومع العواقب الوخيمة لأزمة كورونا ، لجأت الرياضة إلى خطط طوارئ سواء على مستوى التعديلات والتغييرات الجذرية في برامج فعالياتها أو فيما يتعلق بالإجراءات الصحية المشددة والتي طبقت في مختلف الفعاليات لتأمين سلامة الرياضيين والمسؤولين في الفعاليات التي أقيمت على مدار الأشهر الماضية.
وكان من المفترض أن يصبح عام 2020 أكبر مهرجان لكرة القدم الأوروبية في ظل إقامة فعاليات يورو 2020 في 12 مدينة مختلفة بأنحاء متفرقة من القارة الأوروبية ، كما كان العالم في حالة ترقب لعودة الأولمبياد إلى اليابان وما يمكن أن تشهده هذه النسخة من أرقام قياسية في الدورات الأولمبية.
وبخلاف البطولة الأوروبية والتوقعات بالصراع المثير بين الرياضيين على الألقاب والميداليات في أولمبياد طوكيو وسط حضور ملايين المشجعين في كل من الحدثين ، كان من المفترض أن يشهد عام 2020 رقما قياسيا من السباقات في بطولة العالم (الجائزة الكبرى) لسباقات سيارات فورمولا-1 حيث كان مقررا أن يشهد العام الحالي 22 سباقا ضمن فعاليات البطولة للمرة الأولى.
ولكن كل هذه الأمور تغيرت تماما ، وسارت الأوضاع في 2020 على نحو يختلف كثيرا عما كان متوقعا حيث وضعت أزمة كورونا الرياضة العالمية في إطار محدود للغاية وأسفرت عن العديد من الخسائر في المجال الرياضي كما شهدت الأوساط الرياضية العديد من حالات الإصابة بمرض كوفيد-19الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا.
وبدا أن الشكاوى ، التي ظهرت في 2019 من إمكانية معاناة الرياضيين من ارتفاع درجات الحرارة خلال فترة إقامة الأولمبياد ، تمثل أمرا سخيفا إذا ما قورنت بأزمة كورونا التي تسببت في تأجيل الأولمبياد والعديد من البطولات الكبيرة مثل يورو 2020 وكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا 2020) وبطولة إنجلترا المفتوحة (ويمبلدون) للتنس.
ولكن هذا الارتباك في روزنامة الأحداث الرياضية لم يحرم بايرن ميونخ من مواصلة هيمنته على الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليجا) حيث توج بلقب البطولة للموسم الثامن على التوالي رغم استئناف فعاليات المسابقة في غياب الجماهير.
وبدأ بايرن الموسم الماضي بشكل مهتز على مستوى الأداء والنتائج ، ما دفع إدارة النادي إلى استبدال المدرب الكرواتي نيكو كوفاتش بالمدرب هانزي فليك الذي تم تصعيده لمنصب المدير الفني وحقق نجاحا فائقا مع الفريق حيث أعاد ترتيب الأوراق بالفريق البافاري سريعا وقاده خلال أقل من عام لإحراز الثلاثية (دوري وكأس ألمانيا ودوري الأبطال الأوروبي).
وكانت النهاية المتأخرة للموسم بألمانيا في أواخر حزيران/يونيو الماضي واحتفال بايرن باللقب المحلي في غياب الجماهير دليلا على كونه موسما استثنائيا.
وبعدما انطلقت شرارة وباء كورونا من مدينة ووهان الصينية في شباط/فبراير الماضي ، ضرب هذا الوباء عالم الرياضة تدريجيا حيث تعطلت فعاليات الدوري الألماني منذ منتصف آذار/مارس الماضي ولمدة شهرين كما تعطلت باقي البطولات لفترة أطول وألغي موسم الدوري في بعض الدول مثل فرنسا التي توج فيها المتصدر باريس سان جيرمان باللقب دون استكمال الموسم.
وعلى مستوى بطولات الأندية الأوروبية ، تأجلت مسابقتا دوري الأبطال والدوري الأوروبي حتى آب/أغسطس الماضي وأقيمت الأدوار النهائية لكل منهما بنظام دورة مجمعة في العاصمة البرتغالية لشبونة وفي ألمانيا على الترتيب.
وإلى جانب النجاح الذي حققه بايرن بقيادة فليك ، المدرب المساعد بالمنتخب الألماني سابقا ، قدم البوندسليجا نموذجا رائعا إلى باقي الدوريات الأوروبية الكبيرة والبطولات الأخرى في مختلف أنحاء العالم من خلال البروتوكول الصحي الصارم في مواجهة انتشار عدوى كورونا.
وأقيمت فعاليات موسم بطولة العالم (الجائزة الكبرى) لسباقات سيارات فورمولا-1 أيضا بعد تأخير انطلاقة الموسم لنحو أربعة أشهر ولكنها أقيمت أيضا في غياب الجماهير.
وأدى تأجيل انطلاق البطولة وكذلك الإجراءات والقيود الصارمة في عدد من الدول إلى ارتباك واضح في جدول سباقات البطولة والذي تقلص من 22 سباقا كانت مقررة ، وكانت ستصبح رقما قياسيا في تاريخ البطولة ، إلى 17 سباقا فقط.
كما اضطر المنظمون للموافقة على إقامة بعض السباقات بنظام سباقين على نفس المضمار في أسبوعين متتاليين ، كما عاد مضمار “نوربرجرينج” في ألمانيا إلى الخدمة في ظل حالة الطوارئ التي سيطرت على هذا الموسم.
ورغم هذا الارتباك في الموسم ، حسم البريطاني لويس هاميلتون /35 عاما/ سائق فريق مرسيدس لقب البطولة لصالحه ليعادل بهذا الرقم القياسي لعدد الألقاب التي يحرزها أي سائق على مدار مسيرته مع فورمولا-1 رافعا رصيده إلى سبعة ألقاب بالتساوي مع الأسطورة الألماني مايكل شوماخر.
كما حقق هاميلتون رقما قياسيا آخر في الموسم من خلال كسر الرقم القياسي السابق لشوماخر والخاص بعدد السباقات التي يفوز بها أي سائق في تاريخ مشاركاته بالبطولة حيث رفع رصيده إلى 95 انتصارا مقابل 91 انتصارا حققها شوماخر.
وفي المقابل ، كان الوضع أكثر سوءا في بطولات أخرى ورياضات أخرى حيث تأجلت بعض بطولات الدوري الأوروبية ثم ألغي الموسم ، كما عانت رياضات مثل كرة اليد وكرة السلة في ظل اعتماد عائداتها بشكل أساسي على مبيعات التذاكر.
وبعد فترة من التردد ، قررت اللجنة الأولمبية الدولية برئاسة الألماني توماس باخ بالاتفاق مع المنظمين في طوكيو على تأجيل دورة الألعاب الأولمبية (طوكيو 2020) إلى العام المقبل وذلك تأكيدا على أن صحة البشر أهم من الفعاليات الأولمبية التي تتزايد أهميتها كل يوم ورغم استعدادات الرياضيين على مدار سنوات قبل خوض هذه الدورات.
وعانت رياضات الهواة والرياضات الشعبية من حالات الإغلاق الكلي والجزئي للأنشطة المختلفة في العديد من الدول وذلك بسبب إغلاق الملاعب وقاعات المنافسات ما أدى إلى تراجع واضح في أعداد الممارسين.
وقال ألفونس هورمان /60 عاما/ رئيس الاتحاد الألماني للرياضات الأولمبية في تشرين ثان/نوفمبر الماضي : “المخاوف تتزايد من أسبوع لآخر… نحن جزء من الحل ولسنا جزءا من المشكلة”.
ولهذا ، كان 2020 عاما للنسيان لدى كثيرين سواء كان ذلك في مجال الرياضة أو بعيدا عنه.
ورغم التأثير الشديد المتوقع لهذه الأزمة على الفعاليات الرياضية في العام المقبل أيضا ، يتمسك الجميع بالأمل في أن تستعيد الرياضة أجواءها الطبيعية بأسرع وقت ممكن وأن تختفي مباريات “الأشباح” قبل أن يعتاد عليها الوسط الرياضي.