الجيش الإسرائيلي يدعو سكان “خان يونس” ومواقع أخرى إلى الإخلاء
غزة (د ب أ):
دعا الجيش الإسرائيلي سكان عدد من الأحياء غربي مدينة “خان يونس”، ومناطق أخرى، إلى إخلاء منازلهم والتوجه إلى بلدة”المواصي” القريبة، في جنوب غزة، فيما يوسع الجيش نطاق هجومه البري.
ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، باللغة العربية، أفيخاي ادرعي، خارطة لمناطق يتعين إخلاؤها، إضافة إلى الإعلان، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” يوم الجمعة.
وأضاف أن هذه المناطق تشمل حيي “النصر” و”الأمل”، وهما مخيمان للاجئين في خان يونس ومركز المدينة.
وفي أكبر عملية تقوم بها منذ شهر، طوقت القوات الإسرائيلية مدينة “خان يونس”، وتوغلت فيها خلال الأيام القليلة الماضية ، حيث لجأ الكثير من الفلسطينيين، بعد مغادرة شمال قطاع غزة، الذي كان محور الحرب في وقت مبكر.
وأفاد الجيش الإسرائيلي، الجمعة، بأن قواته هاجمت عشرات الأهداف التابعة لـ”حماس”، وذلك في إطار مواصلة الجيش قتاله المكثف في مدينة خان يونس جنوبي القطاع .
وقال الجيش الإسرائيلي إن “القوات قتلت إرهابيين خلال اشتباك في المنطقة…وقعت عدة إصابات في عمليات مختلفة”.
وأشار الجيش الإسرائيلي أيضا إلى إنه هاجم مجددا البنية التحتية لحركة حماس في شمال القطاع.
وبحسب شهود عيان، فر آلاف الأشخاص من خان يونس -أكبر مدن جنوب قطاع غزة، ومعقل حماس- بسبب القتال العنيف الدائر هناك.
مع اقتراب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة من إتمام شهرها الرابع، لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصر على تحقيق “النصر الكامل” على حركة حماس، غير آبه بمواقف غالبية دول العالم التي تتحدث عن سبيل لوقف إطلاق النار وتحقيق السلام.
ويرى مراقبون أن تل أبيب ، التي تباهي حكومتها اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخها بنتائج عسكرية ترى أنها ستقودها إلى تحقيق الأمن والأمان للمواطن الإسرائيلي، خسرت سياسيا ما لم تخسره من قبل، في ظل مواقف غير مسبوقة لعديد دول العالم، ومن بينها المعسكر الذي أبدى دعما لا محدود لها في البداية عقب الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
فمع تزايد عدد القتلى في صفوف المدنيين الفلسطينيين وفي ظل اتهامات بارتكاب جرائم حرب في القطاع ومع تحول نسبي في المزاج الشعبي في الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية وتعالي الانتقادات لدعم إسرائيل في تلك الحرب، تغيرت نغمة الدعم السياسي رويدا رويدا حتى تحول الحديث عن مجرد ضرورة السماح بإدخال المساعدات لأهالي القطاع إلى أهمية وحتمية قيام الدولة الفلسطينية، وهي قضية قديمة لم تحظ بمثل هذا التأييد والزخم كالذي تحظى به هذه الأيام.
وتزايد الحديث من قبل الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن حتمية حل الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء الصراع وإرساء السلام، وسط مطالبات لبعض المسؤولين بضرورة محاسبة إسرائيل على ما تقترفه في غزة.
ويعزو محللون السبب وراء انكشاف الغطاء السياسي إلى طول فترة الحرب دون وضوح للرؤية وضبابية تخيم على نهايتها في ظل إصرار حكومة نتنياهو على المضي قدما فيها. فعلى الرغم من حصيلة القتلى المرتفعة وتدمير معظم البنية التحتية في القطاع لا يبدو أن إسرائيل حققت حتى الآن أيا من أهدافها المعلنة لهذه الحرب، فلا هي قضت على حماس ولا حررت الرهائن ولا استطاعت وقف إطلاق الصواريخ التي تمطر المدن والبلدات الإسرائيلية.
وليس بخفي على أحد حجم الخلافات التي أثارتها الحرب في غزة بين حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية، لتصل إلى حد انقطاع الاتصال بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو لأسابيع، حتى وصل الأمر إلى إغلاق الأول الهاتف في وجه الأخير بسبب رفضه التجاوب مع المطالب الأمريكية.
واتسعت دائرة الرفض لتمتد لدول كانت ترتبط بعلاقات جيدة مع إسرائيل، ومن بينها مصر وقطر، حيث أفادت وسائل إعلام عبرية مؤخرا إلى محاولة نتنياهو الاتصال هاتفيا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأن الأخير رفض ذلك، في مؤشر على عمق الخلافات بين البلدين وانسداد أفق التواصل بينهما، مع مراعاة أن مصر كانت دوما رقما مهما في أي تسوية أو وقف لإطلاق النار خلال أي موجات تصعيد سابقة.
كما اتهمت قطر نتنياهو بأنه “غير مسؤول ومدمر”، قائلة إن التصريحات المسربة لرئيس الوزراء الإسرائيلي التي ينتقد فيها الدولة الخليجية “تخاطر بتقويض الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن” الذين تحتجزهم حماس.
جاء ذلك ردا على تسجيل لاجتماع بين نتنياهو وأقارب الرهائن الإسرائيليين تم بثه على القناة الثانية عشرة الإسرائيلية،وسمع خلاله رئيس الوزراء وهو يصف قطر بأنها وسيط “إشكالي” ويحث عائلات الضحايا على زيادة الضغط الدولي على الدوحة التي تلعب دورا مهما في جهود الوساطة من أجل هدنة والإفراج عن الرهائن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إنه إذا كانت هذه التصريحات صحيحة، فإنها “لن تؤدي إلا إلى عرقلة وتقويض عملية الوساطة، لأسباب يبدو أنها تخدم مسيرته (نتنياهو) السياسية بدلا من إعطاء الأولوية لإنقاذ أرواح الأبرياء، بما في ذلك الرهائن الإسرائيليون”.
وأضاف المتحدث: “هذه التصريحات، إذا تم التحقق من صحتها، فهي غير مسؤولة ومدمرة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء، لكنها ليست مفاجئة”.
وربما جاءت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، لتبعد مساعي تل أبيب في التقارب مع العديد من الدول العربية وتوسيع مجال العلاقات التي تربطها بدول الجوار.
كما وجدت إسرائيل نفسها لأول مرة في تاريخها في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية، في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا بشأن حرب غزة وأكدت خلالها أن الحصار الذي تفرضه تل أبيب على غزة “يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية التي أُبرمت بعد المحرقة عام 1948”.
وقالت جنوب أفريقيا إن أكثر من 50 دولة أعربت عن دعمها لقضيتها.
ويرصد مراقبون اختلافا حتى في المفردات التي يستخدمها مسؤولون دوليون لوصف ما تقوم به القوات الإسرائيلية من هجمات مكثفة في غزة، وكان أحدثها تصريحات توماس وايت، نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، والذي وصف تلك الهجمات بأنها “أمر مقيت وغير مقبول ويجب أن يتوقف” في إشارة لما يحدث حاليا في خان يونس مع احتدام القتال حول المستشفيات ومراكز الإيواء التي تستضيف المهجرين.
وقال وايت إن الوضع في خان يونس يؤكد على “عدم الاحترام المتواصل للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني… يجب أخذ كافة التدابير لحماية المدنيين. أذكر كافة الأطراف بأن حماية المستشفيات والعيادات والطواقم الطبية والمنشلآت الأممية منصوص عليها بكل وضوح في القانون الدولي”.
وإذا وضعت هذه المواقف الدولية جنبا إلى جنب مع الضغوط المتزايدة التي يتعرض لها نتنياهو لتأمين الإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة،مع كم الخلافات بينه وبين عدد من أعضاء حكومته بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية الباهظة لاستمرار القتال، يتضح حجم المعادلة الصعبة التي وضع نتنياهو إسرائيل فيها والتي يتعين عليه التفكير في حل طلاسمها، بحسب محللين.
وتعتقد إسرائيل أن كبار قادة حماس يختبئون في الأنفاق أسفل مدينة خان يونس، وأن عناصر الحركة يحتفظون أيضا برهائن إسرائيليين في شبكة أنفاق واسعة تحت الأرض .
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه في قطاع غزة لتحقيق أهدافها التي تشمل القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس، وتحرير الرهائن الذين احتجزتهم الحركة خلال هجومها على جنوب إسرائيل ونقلتهم إلى القطاع، بحسب القادة الإسرائيليين.