مرئيات

الحج بين من يستطيع ومن لا يستطيع

بقلم : إبراهيم المحجوب - كاتب عراقي

كتب الله على عباده المسلمين خمسة فرائض قسم منها تعتبر الزامية لأن فيها تواصل بين الخالق والمخلوق من خلال مناجاة المخلوق لخالقه أثناء أداء هذه الفريضة وأولها هو الشهادة التي تعتبر الركن الأول حيث إنها تعتبر الاعتراف الصريح بأن هذا المخلوق يعبد الله واحد مخلصاً له الدين مع توفر النيات السليمة ولا يقبل أن يشرك به أحد ويشهد بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين وهو من حمل رسالة الإسلام وهناك بعدها تأتي فريضتي الصلاة والصيام فأما الصلاة فهي صلة العبد مع ربه والتعبد والتقرب من خلالها الى الخالق وقراءة آيات من القرآن الكريم فيها وكذلك التسبيح والتكبير إضافة الى التشهد والاعتراف بوحدانية الخالق ، أما الفريضة الثالثة فهي فريضة الصيام وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى وقال كل أعمال بني أدم له الا الصيام فأنا من أجزي به وقد ذكرت الأحاديث النبوية إن الله سبحانه وتعالى يحب الصائمين أكثر من محبتهم لمناسباتهم الدنيوية…

تأتي بعدها الفريضة الرابعة وهي الزكاة وهذه الفريضة واجبة على كل مسلم ولكنها متفاوتة بين شخص وآخر لأن الله سبحانه وتعالى قد فرضها ووضع نسب ومقادير معينة على اموال الاغنياء ووجب أن توزع الى الفقراء وتعتبر أحد العوامل الرئيسية في تحقيق العدالة الالهية ومنع الاحتكار والغلاء بين أبناء المسلمين . ونأتي إلى الفريضة الأخيرة وهو حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا وهنا يتصور البعض أن الاستطاعة تكون من الجانب المادي فقط دون الأخذ في الاعتبار بمصادر هذه الأموال التي سوف يذهب بها الشخص المعني لأداء فريضة الحج وهل هذه الأموال جاءت من مصادر دخل بعيدة عن الحرام وبعيدة عن المرابات واغتصاب أموال الناس والسرقات والأموال المشبوهة والسحت الحرام وكل ما يتعلق بهذا الجانب…

إن ما نشاهده اليوم بين من يستطيع وبين من لا يستطيع هو اختلاف جذري عن مفهوم الآية القرآنية : {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}..
فإننا نعرف اليوم أن بعض المسؤولين في الدولة والرؤساء والملوك والأمراء يقومون بأداء فريضة الحج ليس من أموالهم الخاصة وإنما من أموال الشعوب التي يحكمونها وربما من سرقة المال العام سواء كان عن طريق الرشوة الوظيفية أو استغلال المنصب أو الصفقات المشبوهة ويعتقد بعض الأشخاص إن هذه الأموال يستطيع من خلالها أداء هذه الفريضة المقدسة بكل شعائرها وحسب ما نسمع من معلومات خاطئة بعيدة عن الدين بين الناس في المجتمع ان كل من يذهب لأداء فريضة الحج سوف يعود خالي من الذنوب وهنا نجد مغالطات كثيرة فان الله سبحانه وتعالى لم يفرض هذه الفرائض من أجل مجاملة المخلوق وإنما من أجل الاستمرار في النهج السماوي الصحيح وتحقيق مبدأ العدالة السماوية وإلا لماذا وضع قطع اليد للسارق والجلد للزاني واللعنة على الراشي والمرتشي في الحكم…نعم إن من رحمة الله ومغفرته أنه يغفر الذنوب جميعاً الا حقوق البشر فيما بينهم.

وهنا يطرح السؤال نفسه هل يجوز لأي مسؤول أو صاحب منصب في الدولة أن يذهب ومعه الحمايات الشخصية وهم يشكلون سياج أمني حوله ويؤدي المناسك بدون جهد أو تعب وهل يخاف المؤمن على حياته في هذه الأماكن المقدسة ،فأين الإيمان إذاً؟؟؟؟..

وهل يحق لأي سياسي حاكم مهما تكون صفته الوظيفية أو موظف يتعاطى الرشوة مهما كان منصبه أن يذهب لأداء فريضة الحج وقد قام بسرقة أموال شعب يتكون تعداده من 40 مليون شخص؟؟؟ .

والجواب هنا اعتقد أن المسألة سوف تدخل في عالم الرياء والحصول على الألقاب فقط فبدلا من أن نقول السياسي الفلاني لص ومرتشي سوف نضيف لقب الحاج الفلاني فاسد وسارق..فإن اختلفت المسميات فالشخص واحد…

ويبقى السؤال الأخير هل كل أبناء الشعوب سوف يسامحون هؤلاء الطبقات السياسية الفاسدة ويعفون عنهم يوم لا ينفع مالّاً ولابنون..
هذا ما سوف نرى ونسمع جوابه هنالك عند رب كريم لا يظلم عنده أحد…

أما أنا العبد الفقير شخصياً فلن أتنازل عن أي شيء ولو كان مثقال ذرة لأي حاكم أو سياسي استغل مواطنتي وسرق حقوقي وتمتع بها هو وعائلته في هذه الدنيا ويبقى دعائنا عليهم اللهم أخزهم في الدنيا وأذقهم في الآخرة عذاب الجحيم…
وخاتمة مقالتي ((ربنا لاتؤاخذنا بمافعل السفهاء منا))؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى