صحة وتغذية

“إمبريال كوليدج لندن للسكري” يسلط الضوء على أهم محطات تطور علاج السكري منذ اكتشاف الأنسولين قبل 100 عام

أبوظبي-الوحدة:
يسلط خبراء مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، التابع لمبادلة للرعاية الصحية، الضوء على التقدم الذي شهدته خدمات الرعاية الصحية للأشخاص المصابين بالسكري منذ اكتشاف الأنسولين قبل 100 عام، إلى جانب الفوائد التي قدمتها الابتكارات والأدوات التشخيصية والعلاجية الحديثة خاصة فيما يتعلق بتمكين المرضى من التمتع بجودة حياة أفضل.

وقال الدكتور عماد جورج، استشاري الغدد الصماء والسكري والمدير الطبي لمركز إمبريال كوليدج لندن للسكري: “يمكننا تتبع التطورات التي شهدتها أجهزة الرعاية الصحية لمرضى السكري منذ اكتشاف الأنسولين الذي شكل نقلة نوعية في مسار علاج المرض. فقبل اكتشاف الأنسولين من قبل فريدريك بانتينج ومساعده تشارلز بيست في عام 1921، كان متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين بداء السكري قصيراً، وكانت العلاجات الوحيدة المتاحة تتمثل في اتباع نظام غذائي صارم للغاية منخفض الكربوهيدرات أو منخفض السعرات الحرارية، ما يؤدي إلى إطالة عمر المريض بضع سنوات فقط”.

وأضاف الدكتور جورج: “بعد إعطاء الأنسولين لأول مريض بشري في عام 1922، انتشر خبر هذا الاكتشاف التاريخي سريعاً، وحصل بانتينج ومدير مختبره على جائزة نوبل في عام 1923. ورغم مساهمته في إنقاذ حياة ملايين المرضى، إلا أن الأنسولين في ذلك الوقت كان يستخلص من الحيوانات، ما نتج عنه تأثيرات جانبية وردود فعل تحسسية لدى بعض المرضى. وبعد ذلك وتحديداً في عام 1978، تم إنتاج أول أنسولين اصطناعي معدل وراثياً، ليتم بعد ذلك إجراء المزيد من التحسينات التي ساهمت في تطوير نوعي الأنسولين “فائق السرعة” و”ممتد المفعول”.

ولفت الدكتور جورج إلى أنه وبعد 100 عام من اكتشاف الأنسولين، يمكن للأشخاص المصابين بالسكري اليوم الذين يحتاجون إلى الأنسولين الاختيار من بين مجموعة من أنواع الأنسولين وطرق التوصيل التي تتناسب مع أسلوب حياتهم ومتطلباتهم مشيراً إلى أن ابتكار مضخات الأنسولين ساهم في تحرير الأفراد من الحاجة لحقن أنفسهم عدة مرات في اليوم، حيث ترتبط بعض هذه المضخات أيضاً بأجهزة مراقبة الجلوكوز وتقوم تلقائياً بضبط مستويات الأنسولين حسب الحاجة. أما البعض الآخر من الأجهزة فهو عبارة عن مضخات قائمة بذاتها، تحتوي على تقنية تقطير للأنسولين تحاكي آلية عمل البنكرياس السليم في جسم الإنسان، ولكن يمكن تعديلها عندما يُحتمل أن تتسبب أنشطة مثل ممارسة الأنشطة الرياضية أو تناول وجبة معينة في حدوث تقلبات كبيرة في مستويات السكر في الدم.

وتابع الدكتور جورج: “وعلى صعيد إجراءات التشخيص والمراقبة، أصبح لدى المرضى الآن العديد من الطرق التي يمكن الاعتماد عليها لقياس مستويات الجلوكوز في الدم. على سبيل المثال، يمكن لمرضانا اختيار جهاز يمكن ارتداؤه لمراقبة مستوى الجلوكوز في الدم بشكل مستمر والذي يقوم بإرسال بيانات في الوقت الفعلي إلى هواتف المرضى أو أي جهاز مشابه، أو اختيار جهاز آخر يمكنهم مسحه ضوئياً بشكل متقطع للتحقق من مستويات الجلوكوز لديهم. وتحد هذه الطرق من حاجة المرضى الذين يحتاجون لإجراء فحوصات منتظمة لتقييم متطلبات الأنسولين أو الأدوية لإجراء اختبار وخز الإصبع يدوياً”.

وأشار الدكتور جورج أيضاً إلى اكتشاف ثانٍ مهم ساهم في تحفيز التقدم في العلاج، وهو التمييز بين النوع الأول والنوع الثاني من مرض السكري من قبل العالم البريطاني السير هارولد بيرسيفال هيمسورث في عام 1936.

وأوضح: “من خلال مزيدٍ من الدراسات، ندرك حالياً أنه يمكننا في كثير من الأحيان علاج النوع الثاني – وهو ليس من أمراض المناعة الذاتية مثل مرض السكري من النوع الأول – من خلال إرشاد المريض ومساعدته على إجراء تغييرات في نمط حياته والالتزام بأنواع محددة من الأدوية. ولدينا في مركز إمبريال كوليدج للسكري عيادة متخصصة تساعد المرضى في تحقيق التراجع أو الانحسار التلقائي لمرض السكري من النوع الثاني من خلال فقدان الوزن”.

ونوّه الدكتور جورج إلى إحدى الطرق التي يتم فيها تسخير التكنولوجيا لتعزيز رعاية الأشخاص المصابين بالسكري والتي تتمثل في تقديم الاستشارات الطبية عن بُعد وعيادات السكري الافتراضية، حيث يساعد ذلك في الوصول إلى المرضى حتى في المناطق البعيدة، وتُعد مثل هذه الخدمات مفيدة بشكل خاص لمواعيد المتابعة.

ومع ذلك، أكد الدكتور جورج أن التكنولوجيا لا يمكن أن تلغي أهمية التفاعل الشخصي والإنساني مع المرضى، حيث أن تقديم الدعم للمريض وعائلته بعد التشخيص هو جزء مهم للغاية من خطة العلاج. لافتاً إلى أن مركز إمبريال كوليدج للسكري لديه فريق متعدد التخصصات يضم أخصائيي مرض السكري وأخصائيي تثقيف يقدمون المشورة للمرضى حول أفضل خيارات المراقبة والعلاج بما يتناسب مع متطلباتهم الفردية، هذا بالإضافة إلى الأخصائيين النفسيين الذين يقدمون الدعم النفسي للمريض، وأخصائيي التغذية وأطباء مراقبة وعلاج مضاعفات مرض السكري – مثل خبراء الكلى والقدم والقلب والعيون وغيرهم، حيث نعمل جميعاً مع المريض وعائلته للتأكد من قدرتهم على إدارة الحالة بشكل جيد ومساعدته على عيش أفضل حياة ممكنة.

وشدد على أنه لا ينبغي أن يُنظر إلى مرض السكري على أنه نوع من أنواع الحكم المؤبد أو حالة تقيد حياة الإنسان. فمع التطورات والتقدم المحرز في مجال الرعاية والمعرفة، يمكن للمصابين بالسكري اليوم عيش حياة طويلة مفعمة بالنشاط والحيوية والاستفادة من الأجهزة والتقنيات الحديثة، وإجراء تغييرات في نمط حياتهم للوقاية من مرض السكري أو إدارته أو حتى عكس مسار تطوره.

واختتم الدكتور جورج: “رسالتنا في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري لأفراد المجتمع هي عدم التردد في إجراء الفحوصات والاختبارات اللازمة للكشف عن مرض السكري، لا سيما إذا كان الشخص لديه تاريخ عائلي من مرض السكري، أو تجاوز سن 45 أو كان هناك تشخيص سابق بمرض متلازمة تكيس المبايض أو سكري الحمل. وبالمثل، يجب على الأفراد والآباء مراقبة العلامات الشائعة لمرض السكري، مثل زيادة الشعور بالعطش والجوع أو كثرة التبول، وفقدان الوزن بشكل غير مقصود، والتعب والإرهاق، وإجراء الفحوصات اللازمة”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى