الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يطرح رؤيته حول حوكمة وإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي في منتدى التعاون والتنمية الرقمية في الأردن
عمان – الأردن- الوحدة:
شارك الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في منتدى التعاون والتنمية الرقمية الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان واختتم مساء أمس تحت شعار “رؤيتنا، عالمنا، مستقبلنا”، حيث قدّم الدكتور عبدالله الدرمكي، نائب الأمين العام للاتحاد، ورقة متخصصة تناولت حوكمة وإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي وفق المعايير الدولية، وذلك في إطار جهود الاتحاد لتعزيز التحول الرقمي في العالم العربي، ودعم الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات المتقدمة.
ألقى الدرمكي الورقة وسط حضور رفيع المستوى ضم وزراء وصانعي قرار من المنطقة العربية. يأتي المنتدى بتنظيم من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى، بالتعاون مع الحكومة الأردنية ممثلةً بوزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، ليؤكد أهمية التحول الرقمي كركيزة أساسية لمستقبل التنمية المستدامة في المنطقة
أكد الدرمكي خلال كلمته أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية مبتكرة، بل أصبح ضرورة استراتيجية للدول العربية لضمان قدرتها على المنافسة عالميًا، مشيرًا إلى أن هذه التقنيات توفر فرصًا هائلة لتحسين الإنتاجية، وتعزيز الكفاءة الاقتصادية، ودعم ريادة الأعمال.
واستعرض أبرز التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، خاصةً ما يتعلق بحوكمة البيانات، والأخطاء المحتملة، وتحديد المسؤولية عند وقوعها، مشددًا على ضرورة تبني أطر تشريعية وتنظيمية متكاملة تحافظ على التوازن بين الابتكار وحماية الحقوق الرقمية.
كما ركّز الدرمكي على أهمية بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير المهارات الرقمية وتعزيز منظومة الابتكار، موضحًا أن الاقتصاد الرقمي لم يعد قطاعًا منفصلًا، بل ركيزة تمتد إلى جميع المجالات، من التعليم والصحة إلى التجارة والصناعة.
وأشار إلى أن تعزيز الشمول المالي والاستثمار في البنية التحتية الرقمية من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي في المنطقة العربية.
وفي هذا السياق أيضا قدم الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، بصفته كعضو في الفريق العربي للذكاء الاصطناعي، ورقة متخصصة حول الحوكمة وإدارة المخاطر في أنظمة الذكاء الاصطناعي وفق المعايير الدولية، وذلك في إطار جهوده لتعزيز الاستخدام المسؤول والآمن لهذه التقنيات المتقدمة.
وتناولت الورقة، التي قدمها د. أيمن غنيم، الأمين العام المساعد للاتحاد، أبرز التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، لا سيما ما يتعلق بالأخطاء المحتملة ومن يتحمل مسؤوليتها، إلى جانب مناقشة فوائد ومخاطر الذكاء التوليدي، وسبل تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والاعتبارات الأخلاقية.
كما استعرضت الورقة دور صناع القرار والمشرعين في ضبط الذكاء الاصطناعي، من خلال تبني معايير دولية مثل ISO/IEC 42001 لنظم إدارة الذكاء الاصطناعي و*ISO/IEC 23894* لإدارة مخاطره، إلى جانب استعراض إطار عمل تطوير الأنظمة الذكية باستخدام التعلم الآلي وفق المعيار ISO/IEC 23053.
وفي ختام العرض، أوصى الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي بتأسيس مركز عربي لاعتماد وضمان جودة أنظمة الذكاء الاصطناعي، بحيث يتضمن لجنة فنية لصياغة المتطلبات الفنية، ولجنة حوكمة لضمان النزاهة والجودة، وأمانة عامة تنفيذية لمنح شهادات المطابقة.
تعكس هذه المبادرة التزام الاتحاد بدعم التحول الرقمي في العالم العربي، وتعزيز مكانة المنطقة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي وفق أفضل الممارسات العالمية.
أكد المشاركون خلال المنتدى على ضرورة تعزيز الأطر التشريعية والتشغيلية الداعمة للتحول الرقمي، مشيرين إلى أن توفير بيئة تنظيمية شفافة وآمنة يعد عاملاً رئيسيًا في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الابتكار. وأوضحوا أن تطوير قوانين تحمي البيانات وحقوق المستخدمين يُساهم في بناء ثقة المستثمرين ويخلق مناخًا ملائمًا للتجارب الرقمية الناجحة.
كما نوه الخبراء إلى الدور الحيوي للقطاع الأكاديمي ومراكز البحث العلمي في تأهيل الكوادر البشرية، معتبرين أن دمج البرامج التدريبية الرقمية في المناهج التعليمية يُعد خطوة استراتيجية لضمان استدامة التقدم التكنولوجي. ودعوا إلى إقامة شراكات بين الجامعات والقطاع الخاص لتبادل الخبرات وتعزيز مهارات العمل في المجالات الرقمية.
وأشار المشاركون إلى أن التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص يمثل المحرك الأساسي لتسريع التحول الرقمي، حيث يمكن من خلاله إطلاق مشاريع بنية تحتية رقمية متطورة وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية. وأكدوا أن مثل هذه الشراكات ستعمل على تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز الشمول المالي في الوطن العربي.
يجمع المنتدى نخبة من الخبراء والعاملين في المجال الرقمي من مختلف أنحاء المنطقة العربية وخارجها ومسؤولين حكوميين، وصانعي سياسات، وبرلمانيين، وخبراء تقنيين، وأكاديميين، وممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص، بالإضافة إلى جهات دولية معنية بتعزيز التعاون الرقمي ودعم التنمية المستدامة في المنطقة.
يمثل المنتدى نقطة تحول في تعزيز التعاون الرقمي داخل المنطقة العربية وخارجها، إذ يتماشى مع الاتفاق الرقمي العالمي وقرارات مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات. كما يشكل منصة حيوية لدفع عجلة النقاش حول أولويات التنمية الرقمية، ووضع معايير للمستقبل الرقمي خلال العقد القادم، وبناء توافق إقليمي حول القضايا الرقمية وفقا للأطر العالمية والإقليمية.