وأظهرت الدراسة البحثية، التي تعد الأولى من نوعها على صعيد إجراء مقارنة معيارية بين النظام الصحي الإماراتي وأرقى النظم الصحية العالمية الرائدة في سويسرا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، تفوق دولة الإمارت في الاستجابة بفعالية للوباء العالمي، في ظل القرارات الحكومية السديدة على المستويين المحلي والاتحادي، والتي كان لها بالغ الأثر في احتواء التداعيات الصحية والتحكم في وتيرة تفشي الفيروس المستجد.
وأثبتت مخرجات الدراسة الحاجة الملحة إلى تحديد وجهات نظر بحثية مختلفة لدعم صناع القرار ضمن النظم الصحية العالمية لتحديد وتطوير سياسات قائمة على خيارات مستنيرة تضمن تنفيذ خطط استجابة سريعة للأوبئة والكوارث، لتفادي التحديات الناشئة التي ألقت بظلالها على العديد من دول العالم.
وسلط البحث الاستقصائي الضوء على المقومات التنافسية التي مكّنت دولة الإمارات العربية المتحدة من تميز منظومتها الصحية التي تحظى بالدعم الحكومي والتمويلي والتقني الفعال لتُضاهي الأفضل في العالم، محتلةً المركز الأول عربياً والعاشر عالمياً من حيث فعالية العلاج لمصابي فيروس “كورونا”، وفق التصنيف العالمي الصادر عن “مجموعة المعرفة العميقة” /Deep knowledge Group/، متفوقةً على دول عدة مثل بلجيكا وفنلندا ولوكسمبورغ وموناكو واليونان وأيرلندا. ولفت البحث إلى المكانة الريادية التي وصلت إليها دولة الإمارات بين أفضل 3 دول في مجال المراقبة والكشف والمرونة الإقليمية والتأهب للطوارئ، إلى جانب كل من سويسرا وألمانيا، ما يؤكّد نجاح الجهود الوطنية في تعزيز الوصول الميسور التكلفة والفعال والعادل إلى أرقى خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة.
وتعليقاً على مخرجات البحث الاستقصائي، قال البروفيسور أحمد عنكيط، عميد البحث العلمي ودراسات الدكتوراه في جامعة حمدان بن محمد الذكية إن نتائج دراستنا البحثية المعمقة تكتسب أهمية بالغة كونها تقدّم نظرة شاملة وموضوعية حول أبرز المقومات التنافسية التي مكّنت دولة الإمارات العربية المتحدة من إدارة أزمة “كوفيد-19” بكفاءة وفاعلية واقتدار لتقدم للعالم نموذجاً متفرداً يُحتذى به في تعزيز الأمن الصحي والارتقاء بالجهوزية لمواجهة الأزمات، في ظل السياسة الحكيمة لقيادتنا الرشيدة التي حوّلت التحديات إلى فرص استناداً إلى نموذج تعاوني يضمن الحفـــاظ عـلـى الصــــحــة باعتبارها أولوية قصوى وغاية جوهرية.
و لفت إلى ان الدراسة شملت مراجعة مقارنة لاستجابة الأنظمة الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة لجائحة كوفيد 19 حسب ما قررته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووجدت الدراسة أن ثمة دولتين فقط تسبق دولة الإمارات العربية المتحدة في الترتيب، وهما سويسرا في المرتبة الأولى وألمانيا في المرتبة الثانية، وأن ثمة دولتين أخريين من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حصلتا على ترتيب أدنى بكثير من ترتيب دولة الإمارات العربية المتحدة، وهما إيطاليا في المرتبة 53 ، والولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة 58.
وتمّ الكشف عن نتائج ومخرجات البحث الاستقصائي حول استراتيجة الرعاية الصحية في الإمارات للتعامل مع كوفيد-19 خلال ندوة خاصة عقدت مؤخراً بعنوان “كيف نجحت استراتيجة الإمارات في التعامل مع كوفيد-19″، وذلك بمشاركة نخبة من المختصين، بمن فيهم البروفيسور سامر حمايدي، عميد كلية الدراسات الصحية والبيئية في “جامعة حمدان بن محمد الذكية”، والدكتورة عائشة الخميري، أخصائي الطب الباطني في “مستشفى توام”، والدكتورة أمل حسين، محاضر في قسم طب الأسرة وصحة المجتمع والعلوم السلوكية في كلية الطب في “جامعة الشارقة”؛ وحمدة خانصاحب، استشاري طب الأسرة ورئيس قسم البحوث الطبية في إدارة التعليم الطبي والبحوث في “هيئة الصحة بدبي”.
وتناولت الدارسة البحثية بالتحليل والمقارنة كافة المنهجيات القانونية والسريرية ومنهجيات السلامة المجتمعية في مواجهة جائحة “كوفيد-19” وفق إطار عمل رباعي المحاور اشتمل على الكشف والاحتواء والعلاج والأمن الصحي، من أجل تحديد وتمييز العوامل الكامنة وراء الاستجابة القوية للنظام الصحي الوطني الذي بات من بين الأكثر فعالية في العالم. وضمن مرحلة “الاكتشاف”، تم تطبيق ثلاثة مؤشرات؛ وهي “عدد الاختبارات للفرد” و”الاختبارات المتعلقة بالوفيات المؤكدة” و”عدد الاختبارات لكل حالة مؤكدة”، فيما جرى اعتماد ثلاثة مؤشرات أخرى للمراجعة فيما يتعلق بـ “الاحتواء”، وهي “معدل الوفيات للفرد” و”الوفيات التي تضاعفت مع الوقت” و”الحالات لكل فرد”. وبالمقابل، اعتمدت المراجعة في محور “العلاج” على مؤشر واحد هو “معدل الوفيات”، فيما استندات الدراسة في محور “الأمن الصحي” إلى فحص كفاءة الحجر الصحي، وفعالية إدارة المخاطر ، والمرونة الإقليمية، وكفاءة الحكومة في إدارة المخاطر، والرصد والكشف، إلى جانب الاستعداد والجاهزية للرعاية الصحية.
واستعرض البحث الاستقصائي عدة محاور أساسية من أجل الوصول إلى فهم شامل ومعمق حول مواضيع عدة، أبرزها طبيعة انتقال فيروس “كوفيد-19” وكيفية استجابة السكان من حيث العمر والجنس والعرق والتركيبة السكانية، فضلاً عن تدابير التباعد الاجتماعي الأكثر فعالية في المنع أو الحد من انتشار الوباء ودور الاضطرابات الناجمة عن التعرض للفيروس في ميكروبيوم الجهاز التنفسي. كما اشتملت مجالات البحث على فحص دور التعرضات البيئية في التأثير على قابلية الفرد للإصابة بـ “كورونا” وتقييم تأثير التدخلات ذات الصلة بالفيروس، بما في ذلك التباعد الاجتماعي أو المادي أو رسائل الصحة العامة، على التغيرات المتعلقة بانتشاره والتعرضات البيئية والنتائج ذات الصلة بصحة وسلامة الإنسان. وركزت النتائج البحثية أيضاً على سبل تطوير أو تطبيق استراتيجيات تعليمية أو مجتمعية أو غيرها من استراتيجيات الصحة العامة التي تعالج التقاطع بين التعرضات البيئية و”كوفيد-19″، وتحديد العوامل المتعلقة بالظروف المناخية المؤثرة على قابلية السكان للإصابة بالعدوى.