قراءة في مرثية وداعاً “سعيد” لمعالي الدكتور مانع سعيد العتيبة
بقلم / محمد عوض الجشي
أجل.. في تلك الحالات الحزينة والتي تعتمل الفقد وتهب لهيباً حارقاً في مهج القلب، وذلك بسبب حدث جليل أصاب أهل الفقيد من أصحابه وإخوانه وخاصة من جهة الأب والأم… لا شك أن الحزن جاثم قائم تتلقفه النفوس برضى وتسليم بما قضاه الله رب العالمين. الأب هو معالي الشاعر الدكتور مانع بن سعيد العتيبة – المستشار الخاص لصاحب السمو رئيس الدولة ، حفظه الله. ينسج فقدان فلذة كبده الإبن “سعيد” في رثائيات تدمع العيون وتثقل المواجع في فلك الفطرة الإنسانية التي حباها الله سبحانه وتعالى في عباده.
مع الموت لا نستطيع اقتناعاً بوضع إبتسامة وجه قناعا
إذا كان من مات إبن عزيز فلسنا صخوراً ولسنا سباعا
ما لبثت زفرات الرثاء تنشر أزيزها في أرجاء المكان في لفتة حانية يصدح بها أباً حنوناً ،في لوعة مكلومة،غير مصدق الحدث الجلل كون الإبن لا يزال فتى يافعاً كونه ما فتيء في ريعان الصبا وزهو الشباب ، ويناعة الزهور ،بلى.. الحدث جاء على غِرة ، ولم تكن في الحسبان. إلاّ أن الشاعر المؤمن المكلوم في فقدان عزيز .. قد رضى بتصاريف القدر. وما قضاه الله جل وعلا… نعم هو إبنه البار” سعيد” وهذه سنٌة الحياة وجِــبلة الخالق تجاه خلقه.
وهذا هو الموت يطرق بابي ويختار نجلي سعيداً خداعا
فما زال نجلي بعمر الزهور وما قال حتى وداعاً وداعا
مضى في هدوء لأمر العلي ولم يبد للأمر هذا امتناعا
من سمات روائع الرثاء في الشعر العربي القديم والمعاصر الى عصرنا الحديث ان نتحدث عن المعاني السامية والأخلاق الرفيعة والمناهل البديعة التي كانت سمة بارزة في الفقيد. وهذا من شأنه أن يعطي للحدث بعداً شمولياً أخاذاً فيه العِبر وحيثيات الحكمة على مر الزمان والأحداث. نعم الفقيد .”سعيد” غفر الله واسكنه فسيح جناته. إبن الشاعر الكبير الدكتور مانع العتيبة .يطفق في رؤيا واضحة جلية للعيان يكتنفها صدق العاطفة وقوة الملاحظة وتبيان للمزايا الحسنة الخيرة التي كان من سمات الفقيد الراحل.
وكان سعيد بسيطاً ولكن منذ الطفولة كان الشجاعا
ويكره كل كلام النفاق وللزيف لا يستطيع انصياعا
سعيد مضى نحو رب السماء فرب السماء يظل المٌطاعا
ثم ينتقل الشاعر في بلورة ما يعتريه من ألم الفقد ,ولوعة الفراق في مناجاة وجدانية تنفطر في واحاتها الأفئدة وتتفتق في أوردتها حنان الأبوة ودماثة الأمومة في شعر ينغمس في الأرواح قبل الأبدان – إنها حرارة ملوعة مكلومة تحيط جوانح النفس الإنسانية بكل ما يعتريها من حشرجات وزفرات تنداح دموعاً حارة حارقة.
وخلف بعد الرحيل دموعاً أزيد بها في الوداع التياعا
فيا رب أسكنه جنة خلد فقد عاش في الأرض يشكو الضياعا
وفي الختام نرى شاعرنا دائماً ما يرضى بحكم الله سبحانه وتعالى ،سائلاً المولى عز وجل أن يلهمه والأم الرؤوم صبراً جميلاً وأن تكون تلك المصيبة في فقدان الإبن البار ” سعيداً” خاتمة الأحزان،وهاهي لواعج الوداع تصدح عالياً مدوية وداعاً ” سعيد” الحبيب وداعاً..
وهب لي وللأم صبراً جميلاً وقصر مع الحزن ربي الصراعا
وأخر ما سيقول لساني وداعاً سعيد الحبيب وداعا..