مرئيات

عوض بن راشد السبع الكتبي.. شاعر الجمال والغزل العفيف

بقلم / أنور بن حمدان الزعابي

شاعر وكاتب إماراتي

يتعاظم التراث والأدب إذا توافرت فيه عناصر الخلق والإبداع والابتكار الذي يأتي بالتجديد بعيداً عن التقليدية التي قد تحط من شأن وقدر هذا النتاج الأدبي أو التراثي.واليوم لنا جولة ومطالعة في شعر الشاعر الشعبي عوض بن راشد السبع الكتبي الذي يتميز بأشعاره وفنونه التراثية مثل الغناء البدوي الأصيل كالشلات والطارج وما يأتي به أحياناً من قصص وأهازيج شعبية جديرة بالحفظ والتدوين لكي تعزز مسيرة التراث والأدب في دولة الإمارات العربية المتحدة.

هنا يتغنى الشاعر عوض بن راشد السبع، مرحباً بأحد الشعراء أتى شاكياً للشاعر في بعض الأمور فما كان منه إلا أن رد على تلك القصيدة مرحباً ومكرماً له في قصيدته التي نقتطف منها بعض الأبيات حيث يقول:

رحبت عشر في ثمان اعدادي

بالشاعر اللي بادع بالانشادي

اعداد ما هب النسيم وميلت

غصن الهواء وتمايحت لعوادي

يامن شكيت الحال في رد المثل

الشف شفك والحلال يقادي

والحل عندك وانت تفهم علتك

وانا على يمناك بالمرصادي .

وفي فن شعر المقالة والوصف تفنن الشاعر عوض السبع في طرح الأمثال الواقعية في الحياة وخاصة عن الخيانة والغدر ونكران الجميل والمعروف.

فها هو يتغنى مذكراً بالخصال والصفات الحميدة والتي يجب أن يتحلى بها الإنسان ويتوجها على قمته الأخلاقية والإنسانية :

سميت باسم الله عزيز وغفار

وسجلت من عذب المعاني مقالي

وارسل جوابي بالتحية والاعذار

عد النسيم وعد ذارى الرمالي

واعداد ما طافوا على البيت زوار

وعداد ما خط القلم بالرسالي

بلغ سلامي للخوي ورد الانظار

واعطه تصاريحي بصدق وكمالي

قله ابو راشد ترى الدهر دوار

و من قص ظله يصبح بلا ظلالي

طير بلا جنحان لو راد ما طار

تضيق نفسه في جميع المجالي

ومن قص بيته عن مداوير لسوار

جته الذواري من جنوب وشمالي

لا خير في من بدل الزين بنكار

ولا خير في نفس تحب الميالي

اسمع كلامي عن مواضيع لشرار

اهل القلوب العاثرة والرذالي

لو تزرع الاصباخ من طيب لشجار

وتسقيه من عذب النهر والزلالي

لازم يبين في غصونه ولثمار

وطعم الصبر والمر ما يرد حالي

يمسي كما اصبح ويصبح بلا كدار

لو تعتني في التعب والنكالي

وكما نلاحظ من خلال هذه الأبيات أن الشاعر أضاف العديد من الأمثال الموحية والدالة في معاني الحياة فهو بعد أبيات الترحيب في هذه القصيدة أتى بمثل على الطير الذي لا يستطيع أن يطير دون أجنحة كذلك الشخص الذي يبني بيتاً دون أسوار فهو عرضة للسرقة. كذلك فهو يحذر من مصاحبة الأشرار وأهل القلوب الحاقدة والحاسدة ويضرب مثلاً لذلك بالزراعة في الأرض المالحة والتي لا تفيد زارعها في شيء ينفعه حيث أن مجهوده يضيع أدراج الرياح.

وهذه الأمثال ما هي إلا نصائح اجتماعية في قالب شعري وأدبي جميل أراد به أن يعبر عن معاني الحياة،فهو بهذه القصيدة يؤدي رسالة وأمانه وهذا ما يتوافق مع الأدب كرسالة وهدف سام.

وفي التغزل بمفاتن الجمال والوصف العذري البسيط جاد الشاعر عوض راشد السبع بهذه الأبيات التي يصف فيها ما افتتن به من جمال آسر وخلاب فهو يقول:

يا شبيه الريم في وقوفه

يرتعي الواش مالاقه

عين والحيات معطوفة

يا بدر شوال من شافه

منك عوقي زاد به خوفه

وأنت لارحمه ولا رأفه

في المحيط بلاد موصوفه

والقمر كمل به أوصافه

يرتعي في زاهي اطروفه

عقربي وبروق رقاقه

يا نسيم الصبح سر لوفه

خبر عن حالي اوصافه

قله الضربه وسط جوفه

والرجاء يرسلي اسعافه

الشفاء في وصله ولوفه

ومن جفاها الروح تلافه

وقد حاكى الشاعر الطبيعة ببعض الأبيات الشعرية واصفاً النسيم العليل ومبدعاً في تصوير نسماته الرقيقة حيث قال:

هبت النسناس لمريفة

من ربوع الياهي اقصاها

يا عذابي من تكاليفة

والضماير نار تصلاها

بث في زلزال رجيفة

من سهرلعيون وابكاها

غادرت روحي ورا طيفه

مع سفينة نوح مرساها

وبأسلوب القصيدة ابتكر الشاعر عوض السبع بعض الصفات المتجانسة فكرياً وعاطفياً مع حالات الحزن والفراق والوداع والهجران من وحي الليل جاد وقال:

من ذا الذي ناداني مادله

يوم العباد اذهال    

وقضني وخلاني في عله

طريح للزوال

يالكوس الروفاني برسله

كانك قاصد شمال

ان سالك بالبياني عن خله

قله دريك الحال

البعد والهجراني بلا زبع

وبيني وبينه طال

لا تسمع العدواني لمجله

لحسود وعذال

٠

إلى أن يصل إلى تصوير حزنه بالدمع الفياض حيث يقول:

دمعي شرى لمزاني لمهله

سوى غدير وسال

ليت يعود الزماني في حله

يوم تمر الليال

يا وردة البستاني المطلع

انتي خيار المال

*

وعن وصفه الناقة والتي هي سفينة الصحراء ورمز الأصاله العربية كانت هذه الأبيات:

بحمله طارش له العين حية

شخص عزيز الراي للخال منسوب

عشد حايل ليعضاها وبيه

ما قضيت فالي بحرات لغيوب

مقيضة لب القلوب الخفية

من عقب ماجرت من السيح لعشوب

صفراء سداسية طبيع وريه

مدمايه الفجره لها حيب منصوب

ميرو الغارب غواها عطيه

مقواية العضدين والساق مسلوب

ان درهمت تقطع فيوي خليه

ريف طهرها ماشك السير متعوب

ترزق كما رزق القطاة الظلميه

ان وجهت للبعد مشروب

ومدلله من صوف غزل بدويه

لا شدها جاهل ولا قلب مكروب

هذه بعض المقتطفات الشعرية من شاعرية الشاعر الشعبي عوض راشد بالسبع الذي يمزج قصائده بالبساطة والسهولة وبالصور الشعرية الصادقة من وحي العاطفة النفسية للشاعر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى